العلاقات المثلية إخفاؤها لا يعني إلغاؤها في فلسطين


عبدالله زقوت من غزة:العلاقات المثلية أو الجنسية المثلية هي التعلق بنفس الجنس، لعدم الشعور الإشباع الجنسي أو بالرضى النفسي الجنسي، إلا من خلال الاتصال بالجنس سواء كانت هذه العلاقات صريحة أو رمزية.. فإذا حدث الميل بين الرجال أطلق عليه باللواط، وهو انحراف جنسي يحدث لديهم، وإذا كانت الجنسية المثلية بين النساء أطلق عليه بالسحاق" lesbianism "، و تعني الكلمة اشتهاء المماثل بين الجنس الأنثوي.
الحديث عنها قد لا يكون جديدا في العالم لكن إذا ما تحدثنا عنه في فلسطين فهو مستغربا و مثيرا للغاية، فالدين الإسلامي الحنيف حرمه، و القانون اعتبره مخالفة قانونية. و علماء علم النفس اعتبروه من الاضطرابات الجنسية النفسية، و لكن الظاهرة موجودة و إخفاؤها لا يعني إلغاؤها.
حديثا.. قامت بعض النساء الفلسطينيات من الضفة الغربية و داخل عرب الـ 48، بتشكيل مجموعة أطلق عليها اسم " أصوات "، تهدف إلى إقامة مثل هذه العلاقات تحت بند الحرية الشخصية التي تنادي بها هذه المجموعة التي تكونت من مجموعة من النساء المثليات.
" إيلاف" و بعد محاولات مضنية وصلت إلى مسؤولة المجموعة "هاتفيا"، و التي رحبت في بادئ الأمر بالحديث عن هذه المجموعة، شريطة عدم الكشف عن هويتها، و تم بالفعل تحديد موعد، غير أن تلك المسؤولة خالفت موعدها، و رفضت غير مرة التحدث لنا عن هذه المجموعة دون أي أسباب تذكر أو حتى تقديم ايضاحات أو اعتذارات منطقية.
و رغم ذلك نجحت " إيلاف " من مصادرها الخاصة في الحصول على المعلومات الخاصة بهذه المجموعة التي ظهرت منذ عامين تقريبا، حيث سنعرض خلال هذا التحقيق الحيثيات الكاملة لهذه المجموعة، بالإضافة إلى تسليط الضوء على آراء الدين، و علماء النفس، و رجال القانون، و الطب، و الشارع الفلسطيني حول هذه الظاهرة المثيرة للجدل.

ما هي " أصوات"
تكونت مجموعة " أصوات " من قبل فتاتين هما الآن من أعضاء المجموعة.. حيث بدأت الفكرة من خلال محادثات عبر الانترنت قبل أن تجد أفراد المجموعة حاجتهم كنساء مثليات فلسطينيات للحوار مع بعضهم البعض.
و تضع المجموعة شروطا سرية للدخول إلى عضويتها، خوفا من تعريض أفرادها للخطر، حيث يتم الدخول عن طريق أصدقاء أفراد المجموعة، و تقدم للفتيات تساؤلات حول هويتها الجنسية، و في محاولة منها لتوسيع قاعدتها فهي تضم أيضا أي فتيات يرغبن في ذلك حتى لو لم يكن مثليات.
و تقول إحدى العضوات في " أصوات "، أن فكرة دخولها إلى المجموعة لم تكن من خلال نقطة تحول، أي أنها لم تكن مثلية ثم أصبحت مثلية، بل كانت منذ بداية المراهقة و هي تميل لزميلاتها في المدرسة، و بقى الشعور معها حتى الآن، و تضيف :" ومنذ لك الوقت و أنا أعرف أنه يوجد لدي سر يجب ألا يعلم به أحد". – حسب قولها.
و بحسب مصادر " إيلاف" فإن مجموعة " أصوات" تسعى لتفعيل أنشطتها، من خلال عقد ندوات توعوية يعقدها عاملون إجتماعيون، و أخرى تعقدها نساء من نفس المجموعة للتوعية بموضوع المثليات في فلسطين، و هي تحاول جاهدة الآن لإنشاء خط هاتفي داعم لذلك، لإيمان أفراد هذه المجموعة بأن الانترنت ليس متوفرا لكل النساء لذلك فسيكون الهاتف أسهل للاستخدام.

العلاقات " الجنسية " المثلية

تعني التعلق بنفس الجنس، لعدم الشعور بالإشباع الجنسي أو بالرضى النفسي الجنسي، إلا من خلال

من مسيرة للجنسيين في القدس مؤخرا
الاتصال بالجنس سواء كانت هذه العلاقات صريحة أو رمزية، فإذا حدث الميل بين الرجال أطلق عليه باللواط، وهو انحراف جنسي يحدث لديهم، وإذا كانت الجنسية المثلية بين النساء أطلق عليه بالسحاق lesbianism و تعني الكلمة اشتهاء المماثل بين الجنس الأنثوي.
و تعود تسمية العلاقات المثلية بين النساء إلى جزيرة " لسبوس" اليونانية، والتي كانت تعيش فيها الشاعرة اسمها " سافوا "، قيل أنها كانت تمارس علاقات الجنس مع مثيلاتها من النساء اليونانيات " السحاق ".
و تتضمن هذه العلاقة الجنسية مع نفس الجنس من النساء، و ذلك باختيار المرأة امرأة أخرى تمارس معها الحياة الجنسية، و لا يهم فرق السن في ذلك الاختيار، و إنما المهم هو اشتهاء المرأة التي ترغب في الممارسة معها تلك العلاقة الجنسية.
و تمارس الجنسية المثلية وذلك باتخاذ الفرد دور المسيطر في ممارسة تلك العلاقة مع المثيل الذي يسلك سلوك الضعيف المطيع طاعة عمياء لما يطلبه منه شريكه، كما أن هناك من يمثل الدورين في آن واحد فمرة يمثل دور الضعيف وأخرى دور القوي وهكذا يتبادلا الأدوار بتكرار العملية الجنسية، و تخف شدة تلك الحالات بعد فترة المراهقة أو قد تأتي فرصة الزواج الطبيعي، وقد تنتهي تلك المشكلة أو لا تنتهي حسب الوضع الجديد من الزواج.
يقول الدكتور درداح الشاعر أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى بغزة، أن هذا السلوك يعتبر لدى كافة أساتذة الصحة النفسية نوع من أنواع الاضطرابات الجنسية، كونه حيود عن فطرة الإنسان، و هو سلوك أقل متعة لأن أي سلوك يبتعد عن فطرة الله هو حرام شرعا و يمثل شكلاً من أشكال الاضطراب.
و يشير إلى أن من يمارس هذا السلوك لا يوجد عنده أي إعتيارات للحدود الدينية أو الأخلاقية أو الاجتماعية، كما أن جميع المجتمعات البشرية ترفض هذا السلوك، وقد يجد من يمارسه استتهجان و استحقار المجتمع.
و يؤكد الدكتور الشاعر أن هذه العلاقات موجودة بين الفتيات بشكل يدعو للقلق خصوصا في ظل وجود العوامل المثيرة للرغبات الجنسية كالقنوات الفضائية المختلفة، والانترنت، والجوال، مشيراً إلى أن مثل هذه العلاقات تحدث بين الشابات في الأماكن المكتظة بهن كالمدارس.
و يوضح أن ثمة أسباب تقف وراء هذه العلاقات المثلية منها أسباب عقائدية دينية، و ما يتبعه من انهيار المنظومة الأخلاقية القيمة، و انعدام المحاذير من وجود التجمعات الكثيرة، حيث لا توجد محاذير لتحديد العلاقات التي تنشأ في ظروف متصلة.
و يضيف أستاذ علم النفس، أن الجنسية المثلية تشتد في سن المراهقة تلك المرحلة التي تتصف بالطاقة الجنسية العارمة، وهذه العلاقة ما هي إلا لتصريف تلك الطاقة التي يعاني منها المراهق أو المراهقة، و هناك من يمارس الجنسية المثلية أي يمارس الجنس مع نفس الجنس، و مع الجنس المغاير كأن يكون متزوج، وإلى جانب ذلك يمارس الرجل اللواط و تمارس المرأة السحاق.
و لم يختلف الدكتور إسماعيل الهلول أستاذ علم النفس حول آراء زميله الشاعر، مؤكدا أن إخفاء هذه الظاهرة لا يمكن إلغاؤها حتى في المجتمع الفلسطيني، مشيراً إلى أن النظرة لهذا الأمر تختلف باختلاف المجتمعات، فهناك المجتمعات التي تعتبر تلك العلاقة جريمة يعاقب عليها القانون، وهناك المجتمعات تعيب على من يمارس الحياة الجنسية المثلية، كما أن هناك مجتمعات تبارك وتبيح ذلك النوع من العلاقة وتقيم الاحتفالات العلنية بتلك المناسبة.
ويضيف أن هناك عوامل بيولوجية وتشريحية وأخرى اجتماعية تلعب دورا مهما في تلك
الظاهرة، فمن الجانب التشريحي قد تكون لدى الفرد بعض المظاهر التشريحية الأولية والثانوية الواضحة والمميزة بوجود الخلايا الذكرية في مسام المبيض كظاهرة تكوينية لدى المرأة أو مناطق مسامية في الغدة التناسلية لدى الرجل.
و تنتج هذه الظاهرة الاجتماعية عن التنشئة الاجتماعية الخاطئة التي يعيش فيها الفرد والتي لا تتوفر فيها التربية الإسلامية الصحيحة، وعدم تنشئة الفرد على السمو الأخلاقي الديني وحثه على التحلي بالسمو الروحي الذي يستمد من تعاليم الدين الإسلامي.

حرام شرعـاً
يؤكد الشيح عبدالكريم الكحلوت مفتى غزة، و عميد المعاهد الأزهرية في فلسطين، إن هذه العلاقات محرمة شرعا، قائلاً : " إن من علامات الساعة أن تستغني المرأة بالمرأة، و الرجل بالرجل، و عند مالك تفقد المجتمعات ثمرها وتصبح الحياة فوضى، وهم الإنسان يومئذ قضاء شهوة الجنس".
و السحاق حرام شرعا باتفاق العلماء لما رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد".
و تابع : " على ولاة الأمر أن يذكروا أننا مسلمون لنا قيم و أخلاق مستمدة من شريعة سماوية
نظمت حياة الإنسان مع نفسه، ومع المجتمع الذي يعيش به، ومع الإنسانية جمعاء.. إن الله لا يرضى أن تنتهك المحارم ".
و يضيف مفتى غزة إن الله عز وجل أشاد بخير هذه الأمة الإسلامية، وتوعدها بوعيد شديد إن تخلت عن مسؤولياتها التي حملها اياها رب السماء، و دعا الشيخ الكحلوت السلطة الفلسطينية إلى معالجة مثل هذه الظواهر التي لا تبشر بخير، وتحمل في طياتها وباء لا نستطيع علاجه.

مخالفة قانونية
وحول رأي القانون الفلسطيني في هذه العلاقات، يقول المستشار طارق الديراوي مدير الدائرة القانونية في المجلس التشريعي الفلسطيني، إن هذه الظاهرة تعتبر مخالفة لقانون العقوبات الفلسطيني المعمول به منذ العام 1936 م، باعتبارها أفعال منافية للحياء، وخادشة للشعور العام، و تتنوع هذه العقوبات من جنحة وقد تصل إلى جناية.
و يشير إلى أن القانون الفلسطيني يعاقب على ذلك، وقد أفرد له فصلا مستقلا بهذا الخصوص لأنها جرائم تمس كيان المجتمع، وتمس كيان الأسرة الفلسطينية، و لن يقبل المجتمع أن تهدم أركانه بحجج واهية لا تمت إلى الواقع بصلة و لا إلى القانون بصلة.
و يشير إلى أن هذه العلاقات لا يمكن أن تحظى بأي صبغة أو تغطية قانونية، لأنها باختصار علاقات غير مشروعة، وقانون الأحوال الشخصية المستمد من الشريعة واضح وصريح، و لا يمكن أن نقبل بهذه العلاقات.

رأي الطب
يعرف الدكتور أحمد زقوت استشاري أمراض النساء و الولادة، أن العلاقات المثلية بين النساء هي تلك التي يتم فيها ملامسة أو التقاء مباشر للأعضاء التناسلية لطرفين من الأناث، مشيرا إلى أن هناك أخطار كبيرة قد تحدق بممارسي هذه العلاقة خصوصا إذا كانت إحداهن متزوجة أو مصابة بمرض معد.
و يشير إلى أن هناك الكثير من الأمراض التناسلية كالهربس، والسيلان، والزهري، والإيدز، وكذلك الأمراض الجلدية الكثيرة مثل التقرحات، والطفيليات، وغيرها تنتقل عن طريق ملامسة أو التقاء الأعضاء التناسلية لأنثيين مع بعضهما.
و يوضح أن هذه العلاقات إذا حدثت بين أنثيين غير متزوجتين دون استخدام أي من الأدوات التي ممكن أن تؤذي الجسم فليس هناك أعراض سلبية لذلك، لكن إذا حدث العكس، فهناك الكثير من الأعراض التي قد تصيبها بالأمراض المذكورة آنفاً.

ظاهرة غريبة ومرفوضة
سألنا عدد من الناس حول هذه الظاهرة، و قد أجمعوا على أن هذه الظاهرة غريبة جدا في مجتمعنا الفلسطيني، و مرفوضة في الوقت ذاته، و رأي محمد ( 27 عاما – مهندس كمبيوتر )، أن الإعلان عن هذه العلاقات في المجتمع الفلسطيني هو أمر محرم شرعا و مشين جدا لما يترتب عليه من عواقب قانونية، ومشاكل اجتماعية، و تؤدي إلى سقوط المجتمع في الحضيض.
وترى مها ( طالبة جامعية)، أن العلاقات المثلية حسب معرفتها محدودة العالم العربي لأنها تحول المرأة إلى سلعة، وتنشر الأمراض، وتفكك المجتمع، لكنها أبدت استغرابها ودهشتها من وجودها في فلسطين المليئة بالأزمات حسب قولها.
و يؤكد حسين ( طالب جامعي) أن هذا الموضوع حساس جدا خاصة بالنسبة لنا نحن كعرب ومسلمين، و لذلك يجب عدم السكوت عليه، لأنه موضوع خطير للغاية، و قال الحرية الفردية مطلوبة، ولكن وفق هذا المنطق مرفوضة.
و توضح جيهان ( موظفة حكومية)، أن هذه الظواهر موجودة بكثرة في المجتمعات الغربية، و لكن أن تصل عندنا في فلسطين فهذا حرام، لأنها محرمة أخلاقيا، وعقائديا، وحتى فسيولوجيا، وأتمنى أن تصبح محرمة قانونيا بكل بلدان العالم.