أكثر من 100 مليون مسافر

علي ال غراش من الدمام: جسر الملك فهد من أهم الإنجازات الحضارية في السعودية ومن أهم المعالم السياحية في المنطقة الشرقية كما انه يعتبر أهم جسر بحري في العالم يصل بين دولتين، يبلغ طوله 25 كلم وفي منتصف المسافة توجد جزيرة صناعية تمثل تحفة عمرانية جميلة وجذابة وموقع سياحي مميز بها مطاعم وحدائق ومركز حدودي يعتبر المنفذ البري الوحيد لمملكة البحرين التي يحيطها البحر من جميع الجهات ويشهد هذا المنفذ حركة قوية ونشطة إذ يبلغ عدد العابرين في اليوم نحو 60 ألف مسافر وعشرات الآلاف من السيارات، وتجاوز عدد العابرين عليه منذ افتتاحه 100 مليون شخص، و يتم إدخال إيراد مادي كبير للدولة من خلال رسوم الدخول للجسر بين الجانبين اذ يقدر بنحو 2 مليون ريال يوميا، ويعتبر الجسر احد المعالم المهمة والرائدة التي أفتحت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز في سنة 1986م.

تاريخ جسر الملك فهد

فكرة انشاء جسر يربط جزيرة البحرين بالمنطقة الشرقية حلم كبير يراود أهالي المنطقة (في الجانب البحريني والشرق السعودي) المرتبطون بالدم والمصاهرة والثقافة وكذلك لقيادة البلدين منذ سنين طويلة حيث إن وسيلة الانتقال والسفر بين البلدين كانت عبر المراكب والقوارب والسفن وبالطائرة وفي عهد الملك خالد بن عبدالعزيز في ظل الطفرة النفطية والعوائد المادية العالية قررت الحكومة السعودية بالاتفاق مع الحكومة البحرينية إنشاء جسر يربط الجزيرة بساحل الجزيرة العربية حيث وقع الجانبان اتفاقية انشاء الجسر البحري بين البلدين وذلك في 8/7/1981م وفي اليوم نفسه وقع وزير المالية السعودي، محمد أبا الخيل باسم المملكة العربية السعودية ونيابة عن اللجنة عقد إرساء المشروع مع شركة بلاست نيدام الهولندية لتنفيذ المشروع، وفي 11/11/1982م بدء العمل في المشروع. وبلغت التكلفة الإجمالية للمشروع نحو3 مليار ريال، وفي يوم الأربعاء 26/11/1986م افتتح الجسر بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وصاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير دولة البحرين وأطلق عليه اسم جسر الملك فهد ويبلغ طوله 25 كلم، ويعد اكبر جسر في منطقة
الشرق الأوسط والثاني عالميا، والطريق فوق الجسر مزدوج ذو اتجاهين متضادين، كل منهما عرضه11.6 متر.

السير على الجسر

يقع مدخل جسر الملك فهد من الناحية السعودية في العزيزية جنوب مدينة الخبر عند المدخل يوجد كبائن لاستلام الرسوم لا تقل عن 20 ريال للسيارة وأكثر العابرين منه من المسافرين إلى مملكة البحرين وثلة من السواح الذين يرغبون بالاستمتاع بالتجول في الجزيرة الصناعية. السرعة القصوى في الطريق محددة ب 80 كلم في الساعة حفاظا على سلامة الركاب ولأجل الاستمتاع بجمال البحر الأزرق الصافي وسط المياه العميقة ومشاهدة القوارب التي تصارع أمواج الخليج والطيور التي ترفرف على المياه الدافئة، إلا أن هناك من يسير بسرعة مضاعفة مما يعني أن الطريق لا يستغرق لديه أكثر من 5 دقائق، يوجد على جانبي الطريق الذي يتكون من مسارين حواجز حديدية ولوحات مكتوب عليها ممنوع الوقوف والانتظار والتصوير بل لا يوجد أي موقف جانبي للوقوف في حالة الطوارئ وتعطل المركبات، بعد عشر الدقائق من السير على الطريق حسب السرعة المحددة يصل العابر إلى الجزيرة الصناعية.

الجزيرة الصناعية

تتكون الجزيرة الصناعية من جزيرتين صناعيتين، أحداهما من الناحية السعودية والأخرى من الناحية البحرينية. وبلغت مساحة كل منها ستة كيلو مترات مربعة، أقيم عليها مكاتب للإدارات الحكومية والجمارك والجوازات والأمن العام وسلاح الحدود والدفاع المدن، ومسجد والخدمات المرفقة ومطاعم متنوعة ومحلات تأجير السيارات وبنوك وسفريات ومكاتب لشركات الاتصالات، ويوجد في كل جزيرة برج وفي أعلى البرج يقع مطعم ويبلغ ارتفاع البرج خمسين مترا. يمكن للزائر من خلاله مشاهدة البحر من جميع الجهات كما يمكنه رؤية المدن الساحلية للمنطقة الشرقية من السعودية كورنيش ومباني مدينة الخبر والعزيزية.

طوابير مملة

في أيام الأجازات والعطل يتفاجئ الزائر من طول المسارات والازدحام الكبير للسيارات عند مدخل الجزيرة الصناعية السعودية وعلى الزائر تحديد جهته الاتجاه نحو اليمين لصعود البرج أو الاتجاه نحو الشمال ناحية خدمات الجزيرة المطاعم والمسجد والمواقف الرئيسية أو الوقوف خلف السيارات والصفوف الطويلة والمتجة جميعها للبحرين. الجو في الخليج خلال فترة الإجازة المدرسية شهر يوليو وأغسطس وسبتمبر يكون حارا ورطبا أشبه شيء بالسونا (الحمام البخاري) ويزيد من حرارة الجو الحركة البطيئة للمسارات إذ تصاب بعض السيارات التي لا تتحمل ضغط التكييف ودوران المحرك لفترة طويلة بارتفاع الحرارة فيضطر السائق لإيقاف التكيف وفتح النوافذ واستنشاق بعض الهواء الرطب الحار..السيارات موديلات وأنواع وألوان ولوحات متعددة كجنسيات السائقين السعودي والبحريني ومن سائر دول الخليج و كذلك الغربي.

أول منفذ

منفذ جسر الملك فهد يعتبر أول منفذ في دول الخليج يطبق فيه نظام إجراءات السفر من خلال كبائن بدون النزول من السيارة، وعبر عدة مسارات للجمارك والجوازات ولكنها لازالت تعاني من الازدحام. والغريب ان الازدحام موجود في الجانب السعودي فقط!

بعض المسافرين يرجعون السبب إلى سوء نوعية الكمبيوترات والشبكة المستخدمة في الجانب السعودي التي تتعطل، والبعض يرى المشكلة في الكادر العامل، والبعض يرى بان نظام التطبيق النسائي "غرفة خاص للتأكد من صاحبة جواز السفر" يساهم في الازدحام والارتباك، ومنهم من يقول إن عدد المسافرين والسيارات التي تسافر في اليوم كبير جدا.

حركة نشطة

اغلب المسافرين عبر جسر الملك فهد من الجانب السعودي هم من فئة الشباب المتحمس لمعانقة السهر في ليالي المنامة الحمراء وخاصة في فترة ما بعد الظهر وفي أيام الإجازة الأسبوعية الأربعاء والخميس والجمعة، كما أن هناك عدد من أبناء المنطقة الشرقية من الجنسين يدرسون في جامعات ومعاهد البحرين يسلكون الطريق يوميا ذهابا وإيابا، وهناك من يعمل في السعودية ويسكن في البحرين كما أن هناك عدد من الغربيين يعملون في الأراضي السعودية وعوائلهم تقيم في مملكة البحرين، ولوجود الروابط العائلية بين أبناء المنطقة الشرقية والبحرين فهناك حركة يومية بين تلك العوائل. كما يشكل موسم المهرجانات الدينية مثل عاشوراء، والمهرجانات الفنية والسياحية والمعارض الدولية حركة نشطة للتوجه للبحرين، وفي فترة الإجازات الرسمية فان اغلب زوار المنطقة الشرقية من داخل المدن السعودية ومن الدول المجاورة يحرصون على زيارة البحرين ولو لمدة ساعات.

كما يشهد جسر الملك فهد في أيام العيد ازدحاما شديدا من السعوديين المسافرين لمملكة البحرين ولزيارة الجسر والجزيرة الصناعية وكذلك من قبل المقيمين الذين يحرصون في فترة إجازة العيد على زيارة الموقع للإطلاع والتقاط الصور التذكارية، وقد تجاوز عدد المسافرين إلى البحرين خلال الأيام الأربعة لعيد الأضحى الماضي 242الف مسافر، وعدد السيارات 18 ألف مركبة.

معاناة مستمرة

ولا تقتصر المعاناة على المسافرين فقط بل ان الموظفين في الجمارك والجوازات لهم معاناة خاصة اذ يقول عبدالعزيز فهد احد الموظفين في الجوازات: إن موظفي جوازات منفذ جسر الملك فهد يبذلون جهدا اكبر من أي موظفي جوازات في أي موقع أخر فهم يعملون بشكل متواصل دون توقف بسبب الازدحام والحركة الدائمة في المنفذ بحيث لا يكون هناك وقت للراحة أو ترك الموقع لأداء الصلاة أو قراءة الصحف..، وتحدث لنا بعض الموظفين في الجمارك حول العمل في جمرك الجسر قائلا: المشكلة التي نعاني منها ان طبيعة عملنا في الجو الطلق المفتوح وفي وسط البحر إذ نتعرض للبرودة القارصة في الشتاء، وللحرارة والرطوبة العالية التي تهب على منطقة الخليج في فصل الصيف، وأصعب الفترات التي تمر علينا فترة الصيف إذ ترتفع الرطوبة لمستويات عالية جدا يصعب على المرء العمل تحت رحمتها براحة ونشاط وحيوية، ويضيف أن المراوح الموجودة على الأعمدة لا تغني ولا تسمن من جوع ولا تؤدي الهدف من وجودها وهي دائما خارج الخدمة معطلة.

مطالب للتطوير

وأكد عدد من المسافرين والعابرين على أهمية إيجاد وسائل وطرق ناجعة تساهم في فك الاختناق والازدحام الذي أصبح سمة لجسر الملك فهد والخوف من تفاقم المشكلة. فالطلبة الدارسين في جامعات البحرين، و كذلك من الذين لديهم أعمال أو ارتباط عائلي يطالبون بضرورة تخفيض رسوم الدخول من 40 ريالا إلى 20 ريالا. ومن الجيد كذلك بيع بطاقات دخول ذات مدة محددة لمدة عام مثلا بسعر مخفض مثل ما هو موجود في بعض الدول للدخول لمحطات المترو.

واقترح بعض المسافرين الاكتفاء بكابينة واحدة للقيام بجميع إجراءات الجوازات بين البلدين وتفعيل الانتقال بالبطاقة او تقنية البصمة. فيما طالب البعض بإلغاء الجوازات والاكتفاء بالجمارك فقط.

وتطرق بعض المسافرين إلى أهمية تطوير الأجهزة والكمبيوترات المستخدمة وإدخال نظام القارئ الآلي في المنفذ السعودي إذ لازال الإدخال اليدوي هي الطريقة المعمول بها لغاية الآن، ورفع مستوى الأداء للموظفين من ناحية السرعة. وتطوير من خدمة المطاعم وزيادة رقعة التشجير والمناظر الجمالية على الطريق.

واقترح ماهر الاحمد: زيادة عدد المسارات وتوسعة البوابة الرئيسية للمركز الحدودي مضيفا ان الجزيرة الصناعية أصبحت ضيقة من كل الجهات وازدادت ضيقا مع تحويل المواقف إلى مشاريع استثمارية كمطاعم ومحلات تجارية مقترحا توسعة الجزيرة للاستفادة منها في توسعة المركز الحدودي وإقامة مشاريع ترفيهية وسياحية في منطقة هي الأجمل في وسط مياه الخليج مشيرا إلى ضرورة الاستفادة الحقيقية من الإيرادات المالية الكبيرة للجسر في التطوير.