أسامة العيسة من القدس:استغل نصر الصوباني (60) عاما، إعادة فتح الترشيح لمدة ست ساعات للانتخابات التشريعية الفلسطينية، فأقدم على ترشيح نفسه للتنافس على مقعد في المجلس التشريعي الفلسطيني الذي ستجرى الانتخابات له في شهر كانون الثاني (يناير) المقبل، بعد اشهر من الحيرة والتردد.

وفاجأ ترشح نصر، زملائه في احد مصانع النسيج، حيث يعمل نصر كعامل منذ سنوات طويلة، ورغم وضعه الاقتصادي الصعب، فانه عاش ولديه أمل في أن يتمكن يوما من اقتحام مجال العمل العام، واتته الفرصة أخيرا ليترشح للانتخابات التشريعية.

ويختلف نصر عن باقي المرشحين للمجلس، من جميع النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتعليمية، مما جعل ترشيحه للمجلس، مثار نقاش وتعجب من المواطنين.

وعلى أبواب العام الجديد، يأمل نصر أن يحالفه الحظ وينجح في الانتخابات ليخدم المواطنين، كما يقول، لأنه واحد من الجمهور العريض وهو الأقدر على فهم متطلبات هذا الجمهور، بخلاف السياسيين ومرشحي الأحزاب المختلفة، الذين يحمل الواحد منهم أجندة شخصية.

ويعتبر كثير من المواطنين ترشيح نصر لنفسه للانتخابات quot;فاكهةquot; هذه الانتخابات، والبعض منهم ياملون أن يحقق نصر حلمه في العام الجديد ليصبح عضوا في التشريعي، وان كانوا يعتقدون أن تحقيق ذلك سيكون صعبا لمرشح لا يملك الأموال للدعاية، ويحصل قوت يومه بصعوبة.

تصريح للقدس

وإذا كان نصر، يحلم بعضوية المجلس التشريعي الفلسطيني، فان معظم البسطاء أمثاله، لهم أمنيات أخرى مختلفة، ومعظمها ينحصر بالأوضاع المعيشية اليومية والتضييقات الاحتلالية الإسرائيلية، مثل أبو محمد الذي يخرج من منزله في مخيم الدهيشة للاجئين فجر كل يوم، ليدخل إلى مدينة القدس، متسللا، من اجل أن يأخذ مكانه بالقرب من كنيسة ستنا مريم، ليمارس عمله بائعا للأغراض السياحية للسائحين.

وعملية وصوله إلى القدس، مسالة صعبة للغاية، لأنه يضطر، لتجنب الحواجز العسكرية، ويهرب من مطاردة حرس الحدود، وفي أحيان كثيرة لا يفلح بالوصول إلى حيث يعمل، ويعود أدراجه خائبا.

وليس لدى أبو محمد من أمل في العام الجديد، غير أن تزول العوائق التي تحول دون حصوله على رزقه بكرامة.

أبو محمد
ويقول quot;لقمتنا مغمسة بالدماء، ومعاناتنا من الصعب شرحها، وليس لنا أمل إلا بالله عز وجلquot;.

وعندما يصل أبو محمد إلى كنيسة ستنا مريم، يظل خائفا، من هجمات الشرطة الإسرائيلية المباغتة، كونه دخل إلى القدس بدون تصريح، وأيضا يبيع بدون ترخيص، ولكنه يقول بأنه يمارس هذا العمل منذ سنوات طويلة، ومن الصعب أن يبحث عن عمل جديد.

عام وخاص

يعمل إسماعيل الغروز مشرفا في مقهى للانترنت، ومن خلال عمله يتابع المستجدات السياسية والثقافية، وبدا يكتب مقالات تتناول الأوضاع العامة.

اسماعيل الغروز
وعن أمنياته في العام الجديد يقول الغروز quot;أمنيتي أن ننتقل ولو خطوة واحدة إلى الأمام وفي الطريق الصحيح، إلى حياة الحرية والعدالة، واحترام الأخرquot;.

ويأمل الغروز، الذي يعتبر أن الاحتلال هو المشكلة الأساسية بالنسبة للفلسطينيين، أن يحمل العام الجديد املأ ولو صغيرا، في أن ينعم الفلسطينيين بالحرية والأمان في وطنهم.

ويقول الغروز quot;أتمنى، أن نكون مثل باقي خلق الله، نتنقل بحرية، ونتنفس بحرية، وان نتمتع بحق الصلاة في المسجد الأقصى، بكل راحة وآمان وبدون تنغيص أو سفك دماءquot;.

وعلى المستوى الشخصي يأمل إسماعيل أن ينتهي من بناء منزله ويتزوج ويشعر بالاستقرار، قائلا quot;أمنياتي متشابكة عامة وخاصة، ولا يمكن في مثل ظروفنا الفصل بينهما، هذا قدرنا كفلسطينيينquot;.

أحلام عبر الانترنت

باجس محمود (28) عاما، لم يكمل دراسته، بسبب ظروف سياسية واجتماعية وشخصية، ولا يعمل بانتظام، لأسباب عامة، ولقلة فرص العمل، وأمنية باجس هو أن يستطيع توفير التعليم العالي لأولاده كي يتكرر معهم ما حدث معه، فيجدون أنفسهم عمالا في ظروف صعبة.

باجس محمود
ويمضي باجس جزءا هاما من وقته في مقاهي الانترنت للتواصل مع أصدقاء في فلسطين والأردن والسعودية، معتبرا الانترنت متنفسا له ولأمثاله، رغم انه لا يثق كثيرا بجدوى مثل هذه العلاقات قائلا بان يكتنفها كثير من عدم الصدق، ولكنه يحافظ على هذه العلاقات لأنها المتنفس الوحيد بالنسبة له.

وأمنية باجس الأولى هي أن تحرر فلسطين، من الاحتلال، قائلا quot;إذا كان لدي أمنية أسعى لتحقيقها فهي التخلص من الاحتلال، وآمل أن تتخلص الشعوب التي تعيش ظروفا مثلنا من الاحتلال أو الحكام الطغاة، فالحرية هي أهم شيء بالنسبة للفرد وللشعوب أيضاquot;.

أما علي المالحي (22) عاما، فيمكن تلخيص أمنيته بجملة كتبها على شاشة الحاسب أمامه، تمهيدا لإرسالها لفتاة على الطرف الآخر وكلمات الجملة quot;ممكن نتعرف؟quot;.

ويقول المالحي العاطل عن العمل وهو جالس في احد مقاهي الانترنت quot;كما ترى، نمضي وقتا، أريد أن أتعرف على فتاة، ولكن لا اعرف إلى أي مدى يمكن أن يكون الطرف الآخر جدياquot;.

ويضيف quot;أمنيتي في العام الجديد، كما في كل عام أن تتحر فلسطين، ثم أمنية صغيرة، وهي أن أتعرف على فتاة تكون مواصفاتها مثلما أريد، وآملا أن لا يخذلني الانترنتquot;.

ويأمل الأطفال الصغار، الذين تحلقوا حول علي في مقهى الانترنت، أن يكبروا قليلا ليستطيعوا أن يفعلوا مثل علي والكبار ويدخلون على غرف الدردشة ويعقدوا علاقات وصداقات، ولكنهم الان يستخدموا الانترنت للألعاب المفضلة لديهم.

أما حمزة محمد (32) عاما فلا يرى بذهاب عام وقدوم عام أخر، مسالة مهمة بالنسبة له قائلا بان التاريخ يكرر نفسه والأيام متشابهة.

ولا يعاني حمزة من ظروف اقتصادية صعبة، فهو لديه بيتا وسيارة وزوجة، وأمنيته هي الهجرة والسبب كما يقول عائليا، دون أن يفصح أكثر عن ذلك.

ويؤكد quot;أمنيتي أن أستطيع الهجرة في العام الجديد، والتمكن من بناء حياة جديدة في مكان أخرquot;.

أمنيات سياسية

معظم أمنيات السياسيين في فلسطين، في العام الجديد، تتعلق بالانتخابات التشريعية المقبلة، حيث يأمل المرشحون أن يفوزوا، ويشاركهم في ذلك أحزابهم وعائلاتهم، ولكن لدى سؤالهم عن أمنياتهم لا يتطرقون إلى ذلك مشيرين إلى أن أمنياتهم ذات طابع عام وان يتمكنوا من خدمة شعبهم.

وتخيم مسالة الانتخابات على معظم مناحي الحياة في فلسطين عشية العام الجديد، والتجاذبات الانتخابية داخل حركة فتح وبينها وبين الفصائل الأخرى تسترعي الانتباه.

وكثير من كبار السن الذين سألهم مراسلنا عن أمنياتهم في العام الجديد أجابوا أنهم يأملون أن يتفق الفرقاء الفلسطينيين ويتوحدون حول كلمة سواء.

ويحدو الأمل أهالي شهداء تحتفظ سلطات الاحتلال بجثث أبنائهم، أن تفرج هذه السلطات عن جثامين أحبائهم، مثل موسى أبو هليل الذي تحتفظ سلطات الاحتلال بجثمان ابنه نائل منذ ثلاثة أعوام، والذي يقول quot;لن يهدا لي بال حتى يعود جثمان ابني، بذلنا محاولات لذلك، وأملنا كبير في أن يحقق لنا الله أمنيتنا ويعود ابننا لندفنه حسب الأصولquot;.

وأشار إلى انه يأمل أيضا أن تعاد جثامين باقي الشهداء، لأنه يعتبر جميع هؤلاء أبناء له، ولهم نفس معزة ابنه، الذي كما يقول لبى نداء الوطن.

ويأمل زياد البندك، وزير السياحة والآثار الفلسطيني، أن يشهد العام الجديد اتفاقا فلسطينيا إسرائيليا يضع حدا نهائيا للصراع الطويل.

وقال quot;يجب أن تقتنع القيادة الإسرائيلية انه جاء الوقت لتجلس مع القيادة الفلسطينية والتفاوض على مواضيع الحل النهائي المؤجلة مثل القدس واللاجئين والمستوطنات، ووضع حد للصراع، كي يعم السلامquot;.

وأضاف quot;ونأمل بان يتدخل المجتمع الدولي، من اجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية، كما طبقت في بلدان أخرى مثل العراق، وعدم الكيل بمكيالينquot;.