أحمد نجيم من الدار البيضاء: تحولت الأحياء المتواجدة وسط مدينة الدار البيضاء المغربية، قرابة 3،5 مليون نسمة، خلال أيام عيد الأضحى، إلى ما يشبه المناطق المهجورة quot;قبل ليلة العيد وبعدها بيوم واحد، أصبحت هذه الأحياء المملوءة بالحياة طيلة السنة فارغة من السكان وحركة السيارات، لقد بحثت أكثر من 15 دقيقة كي أجد سيارة أجرة صغيرة قرب إحدى الفنادق، أفزعني هذا الأمرquot; يحكي سعد، 35 سنة. هذا البيضاوي منزعج من هذا الفراغ quot;لا أحب المدينة خلال أيام العيد، تصبح مقرفة فاقدة لنبضها وحركيتها التي تميزهاquot;. غير أن بيضاويين آخرين يعتبرونها عطلة سنوية quot;هذه الأيام باستطاعتنا أن نقضي فترة هادئة وسط المدينة، خاصة مع مغيب الشمسquot; تقول الشابة سلوى.
العاصمة الرباط تعيش الحال نفسه، فهذه المدينة الإدارية يقطنها آلاف الموظفين والعمال والمسؤولين الذين فرضت عليه وظائفهم الإقامة فيها، لذا فعطلة العيد تفرغ أحياءها من قاطنيها.
وحدها الأحياء الشعبية، تظل تحافظ على نوع من الحيوية، فالحي المحمدي بمدينة الدار البيضاء يحافظ، وإن بحدة أقل، على نشاطه التجاري وحركية شوارعه ومحلاته التجارية، وكذلك الشأن بالنسبة للأحياء الأخرى في المدن المغربية.
مما ساهم في quot;إفراغ المدن المغربية الكبيرةquot; تزامن عطلة العيد مع العطلة المدرسية، لذا استغلت عائلات مغربية كثيرة إلى الفرصة للسفر إلى مسقط الرأس في المدن والقرى الصغيرة.
المدن السياحية مثل مراكش شهدت quot;نزوحاquot; للعمال والموظفين إلى ذويهم، وفي الوقت نفسه عرفت استقبال سياح مغاربة وأجانب quot;أقصد مراكش مع كل مناسبة عيد، فأنا لا أضحي لكراهيتي رؤية الدم وعدم تقبلي لكثير من تقاليد العيد، لذا أختار قضاء أيام العيد في إحدى فنادق مراكش واستغلال تساقط الثلوج لزيارة الجبالquot; يحكي مهدي الموظف في مدينة الدار البيضاء. وتعرف الفنادق إقبالا خلال هذه الأيام quot;وجدت صعوبة كبيرة في إيجاد غرفة في فندق مصنفquot; يؤكد مهدي.
عطلة العيد مناسبة لكثير من سكان الأرياف والمدن البعيدة في كل المناطق المغربية quot;لا أحصل على عطلة سنوية إلا خلال عيد الأضحى المبارك، أنا من قرية تبعد عن الدار البيضاء بحوالي 750 كلم، لذا فظروفي المادية تفرض علي زيارة واحدة في السنةquot; يحكي علي، بائع الصحف في حي عين السبع بالدار البيضاء. زيارة علي مكلفة بالنسبة لدخله الشهري quot;خلال أقل من 15 يوما أصرف 15 ألف درهما، قرابة 1500 دولار، بها مساعدة مادية للعائلة وكبش الأضحية ومتطلبات بيت العائلةquot;. إذا كانت المدن المغربية الكبيرة تعرف هجران سكانها فإن تلك المناطق النائية تشهد رواجا اقتصاديا، إذ يخلق أمثال علي نشاطا في عدة مجالات خاصة النقل quot;أبناء قريتي العاملين في مدن مختلفة يزورون أهلهم خلال عطلة العيد، وهذا ينعش القرية الفقيرةquot;.
مع آخر يوم في الأسبوع تبدأ المدن المغربية الكبرى في استرجاع سكانها، وتعود حركة السير وسط المدينة إلى سابق عهدها ويفقد العائدون أعصابهم بعد فترة راحة سنوية من خلال الاكتظاظ الضغط الكبير لهذه المدن، خاصة مدينة الدار البيضاء.
[email protected]