الجنس الثالث يثير إشكاليات إجتماعية في المجتمع العربي
رجال مخنثون ونساء مسترجلات

عدنان أبو زيد: المجتمع العربي كغيره من المجتمعات الإنسانية،يفرز رجالاً يتحولون إلى نساء (أي المخنثين) وفتيات يتحولن إلى ذكور (أي المسترجلات). وبين هذا وذاك، تبرز مواقف تثير الدهشة وتبعث الألم. فما زال المجتمع العربي يمارس دورًا تحريضيًا لأناس دفعتهم أسباب طبيعية لأن يغيروا جنسهم، متحدين سطوة العرف الإجتماعي والعادات والتقاليد. وإلتقت quot;إيلافquot; السيدة أمل محمد الأخصائية في علم الأجناس والتي عرّفت المخنث بأنه الإنسان الذي إختلفت صفاته عن العادة لإضطرابات في الكروموسومات، وما تحدده الجينات مما ينتج عن ذلك من تغيير في الأعضاء التناسلية وشكلها.
يقول ( أحمد. ن ) وهو شاب كويتي يرغب في تغيير جنسه: quot;إن مشاعري أنثوية ولا أحس بذكوريتي على الإطلاقquot;.
وفى دبي ألقت الشرطة القبض على شباب من الجنس الثالث كانوا قد إتخذوا من إحدى الشقق وكرًا لهم، وهم يمارسون إهتماماتهم الجنسية التي تعتبر شاذة حسب العرف الاجتماعي السائد.

المخنث العقدة
لكن هناك أشكالاً من المخنثين لم يتضمنهم تعريف الدكتورة أمل، فهناك الذي تغلب عليه الصفات الذكرية وتحديدًا الأعضاء التناسلية وشكل الجسم ويسمى مخنثا ذكرًا، أمام من تغلب عليه الصفات الأنثوية ويميل من الناحية الشكلية والجسمانية لأن يكون امرأة فيسمى خنثى أنثوية، وهناك النوع الثالث ويسمى المخنث العقدة وهو من تتوازى فيه الصفات الأنثوية والذكرية في آن واحد، مع ملاحظة أن هناك فروقًا بين المخنث والشاذ.

المخنثون والإسلام وفتوى الخميني
ويستشهد عبد القادر مؤمن وهو رجل دين في مدينة اوترخت بكلام النبي محمد في هذا الشأن: لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء. لكن الشيخ سيف الدين وهو عالم دين باكستاني نشر في موقعه على الإنترنت أن المخنث بالمفهوم الشرعي يُغسل ويُصلى عليه ويُدفن في مقابر المسلمين. لكنه يحذر من فئة المخنثين المتشبهين بالنساء فهم ملعونون في الإسلام.


وكانت عقوبة تحويل الجنس بحسب نظام الحكم الإسلامي في طهران تصل إلى الموت، لكن الفتوى التي أصدرها الخميني في 1983 منحت المخنثين الحرية، وكان رجلاً إيرانيًا اسمه فريدون قد عرض عليه مشكلته، وأقنعه بأنه أنثى مسجونة في جسد رجل، و كشف له عن صدره الأنثوي.
وفي المصادر التاريخية إن النبي محمد رأى رجالاً محنيي الأيدي في المدينة، فسأل عنهم فقالوا له هؤلاء مخنثون، أتأمر بقتلهم يا رسول الله، فقال لا، هؤلاء مسالمون أو قال مصلون، وأمر بنفيهم من المدينة.

العلن والسر
ويبذل المخنثون ما بوسعهم للتشبّه بالنساء، فيرتدون الملابس الملونة والضيقة، ويضعونألوانًا من مساحيق التجميل على وجوههم، ويحرصون أشد الحرص على إقتناء الملابس الداخلية النسائية المثيرة جنسيًا.
ويقول حمدي وهو مصري مخنث، إن لديه من أنواع الملابس الداخلية المثيرة ما لا تملكه النساء، وإن أغلبها تأتيه من رجال يمارسون معه الجنس بصورة خفية، ومنهم رجال متزوجون، أصحاب رؤوس أموال وتجار.
ويضيف: quot;إننا نعمل في العلن، لكن المشكلة في أولئك الذين يرغبون فينا في السر ويقفون ضدنا في النهار، وهذه مشكلة المجتمع الذي نعاني من إزدواجيتهquot;.
أما ( س. م ) وهي من الجنس الثالث، فقالت في رسالة إلكترونية بعثتها إلى كاتب المقال، إن رجالاً يرغبون في مضاجعتها بالرغم من إمتلاكها أعضاءً ذكورية، وإن أحد الرجال قال أنه يفضلها على زوجته. وقد أرسلت صورتها إلى كاتب المقال، بغية عرض مشكلتها أمام أصحاب الشأن.
وتضيف، أنهاأفكر بالهجرة إلى أوروبا، فلا مفر من ذلك لأن المجتمع يعتبرها إمراة شاذة وليس لديها حقوق.
وتضيف ( ن.م ): quot;إن طلبات العهر والدعارة هو السبيل الوحيد للعيش بعد أن حاصرنا المجتمعquot;.

إستغلال
لكن الأخصائية الهولندية كاترينا تقول إن إستغلال المخنثين جنسيًا موجود أيضًا في هولندا لكن هؤلاء لهم الحقوق الكاملة.
ففي هولندا، هناك من يرغب في مضاجعة النساء من الجنس الثالث اللواتي يمتلكن اعضاءً ذكورية، وهناك مجلات جنسية خاصة بهن ونواد إجتماعية. ويمكن القول أنهن في أحيان كثيرة أعلى سعرًا من النساء العاديات في دكاكين الجنس المنتشرة في أمستردام ومدن هولندية.

وظيفة الجسد

إن الوظيفة الجسدية في الجنس والإنجاب والرقص، يشكل المحور الذي تركزت عليه فلسفة اللذة في الفكر البشري من قديم الزمان. وشكل الغلمان المخنثون المسرفون في التبرج والتأنث، ثقافة خنثية ملأت صفحات التاريخ العربي، فالثقافة الذكورية التي من صفاتها العضلة والشجاعة والسلطة واللغة، سعت إلى إمتلاك الجسد الأنثوي والذكوري/ المخنث والإستمتاع به، في محاولة للخروج على سطوة المالوف الذي غالبًا ما يصبح إبتذالاً. وبقدر ما تلذذوا بما لدى الأنثى من الدلال والغنج والحسن، فقد إبتكروا وسائل الإستمتاع بذكورية طغت عليها ملامح الأنثى في القوام الاهيف لإحتواء الصفة الذكرية وتحويلها إلى شهوة ومتعة.
وعبر التاريخ العربي، هناك من فضل الغلمان المخنثون على الجواري فقال أحدهم : quot;فلولا أن الغلام أفضل وأحسن لما شبهت به الجاريةquot;.

غلامية الأرداف تهتز في الصبا
كما أهتز في ريح الشمال قضيب

بل إن هناك من فضله على الأنثى فقالوا: سهل الإنقياد، موافق على المراد، حسن العشرة والأخلاق، مائل عن الخلاف إلى الوفاق، ولا سيما إن نما عذاره وأخضر شاربه وجرت حمرة الشبيبة في وجنتيه حتى صار كالبدر التمام.
لكن آخر قال بلغة أبلغ مفضلاً الجارية على الغلام، ولا تجد في الغلام معنى إلا وجدته في الجارية وأضعافه. فإن أردت التفخيد فأرداف وثيرة، وإعجاز بارزة لا تجدها عند الغلام وإن أردت العناق فالثدي النواهد، وذلك معدوم في الغلام.
وبين هذا وذاك، قال أحدهم: quot;عليك بالوسط والخنثة، فقد أخذت من هذه ومن ذاك، والقصد أنها جمعت رقة النساء ومحاسن الغلمانquot;.

عمليات جراحية
إن مشكلات إجتماعية قد عصفت بأسرا عديدة جراء عمليات التحول الجنسي هذه، فقد إضطرت مهناز أن تساعد ابنتها من التحول إلى فتاة كاملة بعد أن كانت ذكرًا، فقد حاولت إبنتها الإنتحار، ولولا تقنية التحويل طبيًا لخسرت إبنتها التي هي الآن سعيدة. وعرض تلفزيون المستقبل الشاب ماريو الذيحول نفسه إلى نانسي عجرم بالعمليات التجميلية في الأنف، و نفخ الخدود والشفاه.

خصوصيات وحريات
وحذر نواب البحرين الإسلاميين من ظاهرة الجنس الثالث، بعد إنتشار معلومات تفيد بأن مجموعة من المثليين أقاموا حفل زواج جماعي لهم داخل البلاد. فقد قال النائب الإسلامي جاسم السعيدي إن هؤلاء يقومون بأفعال مشينة فقد قام بعضهم بحفل زواج وطقوس غريبة قرب شجرة الحياة، وهذا أمر مشين وخارج عن الفطرة والشريعة الإسلامية. وفي الكويت أقر مجلس الأمة تعديل المادة 198 من قانون (الأعمال الفاضحة) وتنص على معاقبة كل من جاء بفعل فاضح في مكان عام أو تشبه بالجنس الآخر.
ويقول صباح وهو في العشرين ويرتدي ملابس نسائية إن هذا كبت للحريات وتدخل في الخصوصيات، وهذا الشاب يرتدي الجينز ويتحدث بنبرة أنثوية، وملابسه الداخلية أنثوية. وحاولت quot;إيلافquot; نشر صور عدد من المخنثين، لكنهم إمتنعوا عن ذلك خشية من عائلاتهم.

مجتمع ذكوري
وكانت صحيفة سعودية قد أثارت جدلاً بشأن فتيات يغيرن جنسهن. فقد ذكر محمد عبد الموجود مساعد مدير عام مستشفى الدكتور عرفان أن خمس سعوديات أقدمن على تغيير جنسهن إلى رجال خلال عام واحد. لكن محمد متولي وهو مفتي إسلامي يعيش في مدينة ايندهوفن في هولندا يقول لإيلاف إن هذه الحالات يجب أن ينظر فيها الشرع أولاً ومكتب الأحوال المدنية. لكن الطبيب محمد عبد الموجود يرجع الرغبة في التحول إلى تفضيل المجتمع للذكر، ما دفعهن إلى التحول هو ذلك الأمر. ويضيف: quot;إن الرغبة النفسية في الجنس المطلوب حسب رأي بعض الأطباء، يعتبر عاملاً مهمًا لتحقيق تحول الشخص، بغض النظر عن بنيته الجسدية وجنسه الكروموزومي (كروموزوم X أوY )، طالما هناك جهاز تناسلي ذكري أو أنثوي ونظام هرموني ذكري أو أنثوي وفق التكوين البيولوجيquot;.
وأجرت قناة الرأي الكويتية في أحد برامجها مقابلة مع جنس ثالث يقر ويعترف بممارسته للواط، لكنه لا يعترف بأنه يمارس الزنى.

آراء متناقضة
لكن أحمد صالح وهو فلسطيني يقيم في لندن، يقول إن الله يلعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمشبهات من النساء بالرجال، هذه الظاهرة أصبحت منتشرة في مجتمعنا، و الأسباب عديدة لعل أهمها العولمة وتقليد العالم الغربي.
ولا زال المجتمع العربي ينظر إلى الجنس الثالث نظرة شك وعدم إحترام، فعلى مواقع الإنترنت، وفي الصحف اليومية، تجد عناوينًا تدل على أن الجنس الثالث ما زال غريبًا في المجتمع، ومن هذه العناوين:
إلقاء القبض على مخنث في الإمارات، جنس ثالث في مدرسة ثانوية، مشاهدات لجنس ثالث في محطة باص، وهناك عناوين أخرى تدل بصورة فاضحة على عمق الهوة بين الجنس الثالث ومجتمع يعتقد بعض أفراده أن هؤلاء لا ينتسبون إلى الجنس البشري وكأنهم قادمون من المريخ.
وفي كل الأحوال، تبقى النظرة العلمية والعقلانية لظواهر المجتمع هي الكفيلة بحل الإشكالات الإجتماعية التي تنجم عن الظواهر الجديدة في كل المجتمعات.


[email protected]

لتحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الخميس 19 نيسان 2007