مراكز حقوقية تسعى لتعديل التشريعات لتتفق مع المعاهدات الدولية
قوانين حماية الاطفال في سوريا: حبر على ورق

بهية مارديني من دمشق: عقدت في دمشق مؤخرا ندوة عن العنف ضد الاطفال بمشاركة جامعة دمشق وجامعة هامبورغ الالمانية اكدت انه لابد من تعديل القوانين في سوريا وتحدث في الندوة المشاركون عن نماذج حية من العنف، كما عرض رجال الدين رؤيتهم لهذا الموضوع، فيما ترى مصادر حقوقية ان سوريا وقعت على العديد من القوانين والاتفاقيات الدولية فيما يخص حقوق الطفل الا انها حبرا على ورق .كما تسعى مراكز حقوقية عربية مثل مركز حقوق الطفل المصري، إلى تعديل التشريعات بما يتفق مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان ولا سيما حقوق الطفل، كما تقوم المراكز برصد الانتهاكات التى يتعرض لها الطفل على كافة جوانب حقوق الطفل الواردة فى الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والتفاعل معها وتبنيها باستخدام المنهج الحقوقي .وفي سوريا يبدو العمل على هذا الصعيد اقل في ظل عدم وجود مراكز متخصصة .

لكن الدكتور عمار قربي رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الانسان في سوريا اكد على وجود مكتب معني بالمراة والطفل في المنظمة وقال ان المنظمة اصدرت هذا العام تقريرا عن الاطفال. واشار الى ان سورية صادقت على اتفاقية العمل الدولية والتي تتضمن بعضها أحكاماً تتعلق بتشغيل الأطفال وتأمين الحماية لهم كما صادقت سورية على اتفاقية حقوق الطفل واعتمدت منهاج العمل الوطني لتنفيذ الإعلان العالمي حول بقاء الطفل وحمايته..الا ان هذه القوانين ليست إلا حبراُ على ورق ولفت الى أن معظم الأطفال العاملين quot; حوالي 65% من الفئة العمرية 10-14 سنة quot; يشتغلون في القطاع الزراعي كما أن حوالي نصف الأطفال لا يحصلون على أجر، نظراً لعملهم في الإطار الأسري ولاسيما الذين يعملون بالزراعة، كما أن عدد الساعات الأسبوعية التي يعملها الأطفال هو نفسه الذي يعمله الكبار فالأطفال من الفئة العمرية 10-11 سنة يعملون /36/ ساعة ومن الفئة العمرية 12-14 سنة يعملون /46/ ساعة ومن الفئة العمرية 15-17 سنة يعملون /47/ ساعة.

والأطفال الذين يشتغلون في ميدان العمل الزراعي يتعرضون لظروف خطيرة وهناك الالاف من الأطفال الذين يعملون في المصانع والمعامل الخاصة أو العاملين في ورشات مختلفة الأنواع (مثل الخياطة والحياكة) و كذلك الذين يشتغلون في المطاعم والمقاهيquot; مثل الاراكيل quot;او مسح الاحذية quot;البوياquot; وهناك نسبة كبيرة من الأطفال الذين يتم تشغيلهم في مختلف الحرف والصناعات إضافة لوجود الأطفال المشردين في الشوارع والأرصفة في كافة المدن السورية من بائعي الصحف والدخان واليانصيب والبويا و أعمال أخرى، وهؤلاء الأطفال مشردين نتيجة ظروف اجتماعية واقتصادية يتحولون تدريجياً إلى مجرمين، علماً أنهم يتعرضون في الشارع لكل أنواع وأشكال الإساءة الجسدية والنفسية كذلك يتم استغلالهم في أعمال التسول في الشوارع والمحلات التجارية والصناعية.

كذلك لحظت المنظمة الوطنية ظاهرة الهروب المتكرر من المدارس رغم إقرار قانون إلزامية التعليم من الدولة.أما ما يثير فعلاً فهو وجود الأطفال عند إشارات المرور إذ تجد من يدق نوافذ السيارات ويطاردك في كل الاتجاهات وشرطي المرور غير معني بهذا الأمر ولا يقوم بردعهم أو منعهم.

اما ميس (معلمة في روضة أطفال) فاكدت ان منظر الأطفال وهم فرحون رائع جداً وعندما أراهم أمامي يلعبون أحس أنني ملكت الدنيا وأبدأ لا أتعامل معهم بالضرب بل وفق أولاً قواعد تحددها الروضة وثانياً اعتمد على كتب تربية الطفل ونخاف كثيراً على هؤلاء الأطفال لأنهم أمانة في أعناقنا وخصوصاً بعد أن كثرت في الأيام الأخيرة أخبار عن خطف أطفال وسمعنا أيضاً عن قصص الاعتداء الجنسي التي حصلت وضحاياها من الأطفال في جرائم يندى لها الجبين، نحن نساهم كثيراً في تكوين شخصية سليمة لدى الطفل لكن يجب أن يتعاون معنا الأهل وأطفال الروضة بالنسبة للغير مرفهين فهناك أطفال محرومين من المأكل والمشرب وبسبب ظروف المعيشة الصعبة وأطفال يتعرضون للضرب والصفع ومنهم من يتعرض للكي بالنار وكثيراً تسمع عن حالات لا تنشرها وسائل الإعلام يمارس فيها أبشع أنواع التعذيب ضد أطفال بريئين لا ذنب لهم.

وأكثر ما نسمعه من قصص تعذيب الأطفال من يعيشون عند زوجة الأب بعد أن يحصل الطلاق بين والديهما وكم زوجة أب تفننت في تعذيب أولاد زوجها وبالنسبة لي أعرف امرأة تربي ثلاثة أولاد لزوجها من مطلقته ولديها طفلان وظروفهم المعيشية لا بأس بها لكنها تحرمهم من كل ما يحلم به طفل أو يحتاج له طفل فلا يأكلون إلا بإذن وحتى يشبع أخواهما الآخران (أي أولادها) ولا يستطيعون اللعب إلا بإذن منها وفي الشارع الطفلة الكبيرة عمرها 9 سنوات تنظف البيت وتجلي وتساعدها في المطبخ وتعتني بأخواتها مع ذلك لا تسلم من العقاب والأب لا يتورع أبداً في ضرب الثلاثة عند أي شكوى تقولها (زوجته) فهناك جرائم ترتكب بحق الطفولة والقانون لا يحاسب عليها في مثل تلك الحالات.

واعتبر محمد (خريج كلية التربية) ان المأساة هي في أن 80% من الآباء العرب يجهلون المبادئ الصحيحة في التربية السليمة وهم إما متمادون في القسوة وإما مفرطون في الدلال وفي كلتا الحالتين ينتج لديهم شخصية طفل مهزوزة وناقصة وبالأصل يكون الآباء أنفسهم قد نشأوا في أجواء غير صحيحة ويعانون من مركبات نقص عديدة يحاولون تعويضها في شخصيات أطفالهم بطرق غير سليمة أو يكون لديهم ردة فعل تجاه ما عاشوه تتجلى في العنف تجاه أبنائهم وأحياناً يكون العجز عن تأمين متطلبات الحياة والظروف المعيشية الصعبة والإحساس الداخلي بالعجز عن توفير مستلزمات الطفل يكون عندهم ردة فعل من خلالها يمارسون العنف ضد أطفالهم أما بالضرب أو بطرق أخرى.

وفي المدارس مؤخراً تم في سوريا التأكيد والتشديد على تنفيذ القرار الذي يقضي بعدم اللجوء إلى الضرب أبداً في التعامل مع التلاميذ ويحق لولي الطالب رفع دعوى وهي دائماً رابحة ضد المدرس إذا ما تعرض الطفل وهذا قرار صائب جداً لأن المدرسة التي تربي وتخرج الأجيال تمارس هذا التعدي كيف بالجهات الأخرى لكن تطبيقه فقط وبتجرد دون إصدار قوانين أخرى يكون ناقص قوانين تمنع الأبوين من التعرض لأطفالهم كما في الدول الغربية وقوانين صارمة تنفذ على المعتدين الأطفال من غير ذويهم وخصوصاً من يمارسون الاعتداء الجنسي على القصر فهؤلاء يجب أن تنفذ عقوبة قاسية جداً بحقهم ليصبحوا عبرة لم يعتبر.

ورأى مؤيد (مصور): إنه وباء متفشي في مجتمعنا بل في كل العالم لكن نحن لدينا تعتيم على أمور كثيرة وإهمال انتهاكات كثيرة بحق الطفولة فإعلامنا من صحف وإذاعة وتلفزيون يتغنى بالطفولة وبالأطفال هم أمل المستقبل وإلى ذلك، ومع ذلك على الواقع نرى العكس إذ يتم التعتيم عن كثير من جرائم العنف الأسري سواء على الأطفال أو الزوجات ودائماً عند حدوث أي مشكلة نشير بأصابع الاتهام إلى الغرب وما تصدره من ثقافات العنف في محاولة للتهرب من المسؤولية وعدم محاولة التحسين كما يلقون اللوم دائماً على ظروف المعيشة بتملق وهناك حالات كثيرة يتم التستر عليها من قبل المدرسين في المدارس ومن قبل الأطباء الذين تصلهم حالات كثيرة فيها تعدي على النساء والأطفال ولا يتم الإعلان عنها أو مقاضاة المعتدي .

اما فاتن القصير (باحثة اجتماعية) فاكدت موضوع العنف ضد الطفل واسع ومتشعب وهذه وهي ظاهرة عالمية لها إسقاطاتها الخطيرة على المجتمع بالإضافة إلى العنف ظاهرة عمالة الأطفال التي تعتبر جزء من العنف ضد الأطفال والعنف ضد الأطفال هو: الأذى الذي يلحق بهم واستغلالهم بدنياً أو جنسياً والعنف ناتج عن حرمان الناس من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الذي يولد عندهم الإحباط الذي بدوره يحتم ردة فعل عكسية هي العنف نتيجة كما قلنا الفقر والبطالة وانتهاك حقوق الإنسان وضغوطات الحياة وهو سمة غالبة على الرجال التي تكون زوجاتهم وأولادهما الجام الوحيد لتفريغ غضبهم فيمارسون العنف ضدهم. وهناك أنواع من العنف الجسدي المتمثلة بالاعتداء الجنسي الذي يعتبر أبشع جريمة بحق الطفولة ونلاحظ تقاعس الحكومات في تنفيذ عقوبات صارمة على هؤلاء ربما لأن الواضعين للقوانين لم يقدروا حجم الكارثة أو شناعة الجريمة. فالعنف مشكلة كبيرة وخطيرة ولا تحل بين يوم وليلة لكن أن بدأنا بوضع آلية صحيحة لمعالجتها سنعمل شيئاً فشيئاً إذا لم نقل لحلها للتخفيف منها. لكن لا تكون بجهود جمعية أو جهود جهة معينة بل يجب أن تتضافر جهود المجتمع كله وأن تفرض الدولة قوانين محددة تحفظ للطفل حقه بمساعدة الأسرة والمدرسة والمجتمع ككل.