مفاتن تونس الصيفية.. شمس وبحر ونساء وطيران إلى السماء


صلاح حسن من تونس: يذهب السياح من كل حدب وصوب إلى تونس لأسباب كثيرة أهمها الأمان والجمال وطيبة الناس ولطفهم هناك بحيث يزول ذلك الإحساس الذي يرافق المسافر بغرابة المكان بسرعة. تتمتع تونس بسواحل طويلة نظيفة تمتد من الشمال إلى الجنوب وهي مرتبة لاستقبال السياح أطول فترة ممكنة من السنة. أما الفنادق التي تحتضن هؤلاء السياح فقد بنيت اغلبها على هذه السواحل حيث لا يضطر السائح إلى مغادرة الفندق إذا أراد أن يذهب إلى السباحة، إذ يمكنه أن يخرج من غرفته مباشرة إلى الشاطئ. ولان المدن التونسية صغيرة وقريبة من بعضها البعض فبإمكان المرء أن يزور الكثير من هذه المدن بوقت قصير وبتكلفة قليلة. في اغلب هذه المدن توجد معالم تاريخية مهمة يستطيع الزائر من خلالها معرفة تاريخ هذا البلد الذي يزاوج بين التراث والحداثة وان يكون فكرة عن دوره الحضاري في المنطقة. فبالإضافة إلى القلاع الرومانية يجد المرء الكثير من التراث الإسلامي الذي بناه المسلمون ومثال ذلك مدينة القيروان التي بناها القائد عقبة بن نافع.

شوارع تونس ضيقة ولكنها مرتبة ونظيفة ومؤثثة بصفوف من الأشجار دائمة الخضرة، أما المنازل فأغلبها مبني على الطراز الأندلسي الجميل، حيث الأقواس والمقرنصات والأعمدة المخروطية والنوافذ المقوسة المشبكة بالحديد. ولان تونس بلد بحري فإن ألوان المنازل والمباني تحاكي لون البحر وأحيانا تتماهى معه إلى درجة الانصهار فيبدو الأفق ممتدا بشكل لانهائي حيث السماء الصافية طوال الوقت.

تسمى تونس بتونس الخضراء وهي خضراء بالفعل اذا عرفنا أنها مزروعة بما يقرب من ستين مليون شجرة زيتون يأتي زيت الزيتون في المرتبة الثانية من الصادرات بعد الثروة السمكية والتمور بالدرجة الثالثة. إذن أشجار الزيتون في كل مكان تذهب إليه ولا تكاد تخلو مدينة مهما كانت صغيرة من معصرة للزيتون. البرتقال أيضا تصادفه في كل مكان وبوفرة عجيبة دفعتنا الى معرفة سعره فكان ستين سنتا أي ما يعادل نصف دولار للكيلو غرام.

يفاجأ الزائر خصوصا العربي من طيبة الشعب التونسي من خلال التعامل الشفاف، أما الانطباع الأخر والذي يمكن أن يتلمسه المرء بسهولة فهو الأمان والسلم الأهلي في الشارع، فالفتيات يرتدين الملابس الحديثة في آخر صيحاتها ويسرن في الشوارع جنبا إلى جنب مع الشبان دون أي مضايقة وهكذا هو الحال على الشاطئ حيث يسبحن بالمايو مثل كل النساء الأوروبيات. الأمان في تونس شيء حقيقي ولا يحتاج المرء هناك إلى تفقد جوازه أو حقيبته كل خمس دقائق. واللافت في الأمر أنك لا ترى الكثير من رجال الشرطة في الشوارع، على العكس من الكثير من بلداننا العربية التي تغص شوارعها برجال الأمن الذين يخيفون الغريب أكثر من اللصوص.

أمر أخر في غاية الأهمية هو إن المسافر لا يشعرأن الآخرين يقومون بابتزازه خصوصا سائقي التاكسي الذين يلتزمون quot; بالعداد quot; ولا يطالبون المسافر بأجور أكثر مما يحسبه عداد السيارة. لكن في سوق الفلوكوريات التي تغلب عليها الصناعات الجلدية يشعر المرء أن الباعة يحاولون أن يحصلوا على اكبر قدر ممكن من السياح الذين يشترون بضائعهم لأنهم يعتقدون أنهم يقدمون بضاعة ممتازة مقابل ثمن زهيد. وبما أن اغلب السياح قادمون من أوروبا الشرقية وبالتحديد من روسيا وبولندا ويوغسلافيا السابقة فإن الباعة يكتفون بالقليل لأنهم يعرفون أن هؤلاء لا يملكون ما يملكه السائح القادم من بريطانيا أو فرنسا. المثير في هذه الأسواق أن أصحاب الدكاكين يجيدون عددا كبيرا من اللغات الأوروبية بدءا من الفرنسية والانكليزية والاسبانية والروسية والبولونية.

مهرجانات تونس الصيفية كثيرة ومتنوعة ويحضرها جمهور غفير من داخل البلاد وخارجها خصوصا المهرجانات الفنية والغنائية والترفيهية مثل مهرجان قرطاج الدولي الذي يحضره الكثير من نجوم الغناء العرب والأجانب. وقد استحدثت المؤسسات السياحية بعض القرى السياحية التي تقدم مهرجانات غنائية باللغات الأجنبية وتقدم فيه أكثر الأوبرات شهرة في العالم عن طريق استقدام مطربين مشهورين للمشاركة في هذه المهرجانات. ففي القرية السياحية quot; شاطئ القنطاوي quot; على سبيل المثال وهي ضاحية من ضواحي مدينة سوسة أنشئت ساحة دائرية كبيرة مملوءة بالمياه والأضواء الملونة وعند المساء يحضر احد المطربين المشهورين ويقدم قطعة غنائية من أوبرا مشهورة غير أن الموسيقى التي تنطلق من مسجل تجد تعبيرها بنافورات المياه الملونة التي ترتفع وتنخفض بارتفاع صوت المطرب أو الآلة الموسيقية وتارة تتبع صوت المطرب. هذه التقنية الجديدة في تقديم الموسيقى الغربية واحدة من أجمل العروض التي تقدم في هذه القرية السياحية خصوصا حينما يحل الظلام حيث تبدو ألوان المياه براقة وهرمونية إلى درجة باهرة.