بدأت بالشيشة والشاشة، وانتهت بالفتاوى والإنشاد
خيام رمضان.. من تقليد فاطمي إلى الخمس نجوم
نبيل شرف الدين من القاهرة: أصبح شهر رمضان مناسبة لمبتكري الأفكار الجديدة والمثيرة في مصر، لكن تبقى الخيام الرمضانية هي القاسم المشترك الأعظم، فلم تعد على وتيرة واحدة كما كانت، بل اتخذت أشكالاً هندسية غير مألوفة، وأنماطاً غير معتادة للخدمات التي تقدمها للزبائن، بهدف لفت الانتباه التمايز، وبالتالي جذب أكبر عدد من الزوار من مصر والسائحين العرب والأجانب.
الجديد هذا العام هو quot;خيمة الإيمانquot;، التي انتصبت في ساحة أحد الفنادق الفاخرة كخيمة من نوع جديد تقدم الفتاوى والمناقشات الدينية، أما عن جمهورها فهو متنوع ومن شتى المشارب والأعمار، وإن كان يغلب عليه حضور لافت للشباب والفتيات المحجبات، ويقول المسؤول عن هذه الخيمة quot;إنها تقدم الإجابات الفقهية، وكذلك الدعوة إلى الله، والإنشاد الديني، وقراءة القرآن وحتى الخلفيات الموسيقية والأغاني تدور حول الابتهال والمدائح النبوية وغير ذلك من المظاهر الدينيةquot;، ويستدرك قائلاً quot;إن الخيمة تقدم أيضاً الطعام والمشروبات، ولا تمنع المدخنين من التدخين، لكنها لا تقدم الشيشةquot;.
وقبل ظهور ما بات يعرف بـ quot;خيام الإيمانquot; واجهت الخيام الرمضانية التقليدية انتقادات من قبل من اعتبروها مناقضة للسمات الرئيسية لرمضان الذي ينبغي أن quot;يتسم بمظاهر الزهدquot;، وطيلة سنوات مضت شن كتاب إسلاميون عليها معارك ضارية، متهمين إياها بأنها وإن كانت تخلو من الرقص الشرقي، لكن هذا quot;لا يمنع المترددات على الخيام من الرقص بأثوابهن القصيرة على الطاولات أو مع المغنين وهذا لا يناسب جلال الشهر الكريم بتقديرهم
ألف شيشة وشيشة
ويقول صاحب إحدى وكالات الإعلانات الشهيرة في مصر إن الخيام تضاعفت خلال الأعوام الأخيرة بشكل لافت، نظرا للنجاح الذي لقيته، ويوضح أنه نصب خيمته فوق سطح فندق عائم على نيل حي الزمالك العريق، وفي الماضي كانت هذه الخيام تقام في المناطق الشعبية بالقاهرة الفاطمية، وأن انتقالها إلى الأحياء الراقية بدأ مع العام 1993، وأن الجديد الذي تتميز به خيمته هذا العام هو أنها مصنوعة من مادة شفافة غير قابلة للاحتراق، ليتاح للزوار مشاهدة النيل والأضواء التي تنبعث من القصور والفنادق الفخمة المطلة على النهر، والتمتع بمشاهدة انعكاساتها على صفحة النهر، وهم يدخنون النارجيلة التي يختارون نكهتها من قائمة تحمل عنوان (ألف شيشة وشيشة)، لكن اشهرها معسل التفاح.
لكن الارتفاع الهائل في الأسعار والاستعدادات لبداية العام الدراسي الجديد في مصر، عوامل يتوقع معها أن تجعل الاقبال محدوداً على هذه الخيام باستثناء عطلة نهاية الاسبوع، فأكثر الخيام ازدحاماً لا يتوقع لها أن تستقبل أكثر من 600 شخص يومي الخميس والجمعة، مقابل عدد يتراوح بين مائة إلى 300 خلال ايام الاسبوع، بينما يسعى المشرفون على الخيام الى جذب الزبائن عبر تنظيم حفلات لاكثر الفنانين شهرة في مصر والدول العربية.
ثمة خيمة أخرى أطلق عليها (مكسرات) وصممت على هيئة قبة ضخمة ارتفاعها 18 مترا ومساحتها الفي متر، وتنتصب هذه الخيمة في ساحة انتظار السيارات بفندق (شيراتون هليوبوليس) القريب من مطار القاهـرة، وتخصص (مكسرات) امسيات خاصة للفنانين المصريين والعرب وتقدم خدمات متنوعة من أطعمة ومشروبات وفقرات ترفيهية.
أسعار وأجور
وفي حين يبلغ سعر الدخول إلى الخيام الرمضانية القاهرية التي تستضيف فنانين مصريين 100 جنيه مصري (حوالي 20 دولارا)، ترتفع الاسعار في الخيام التي تستضيف فنانين عربا الى 250 جنيها (50 دولارا).
وتقول مشرفة إحدى الخيام الرمضانية القاهرية الشهيرة quot;إن حضور السهرات التي يحييها فنانون عرب في غير أيام رمضان يكلف الشخص الواحد بين 700 الى الف جنيه (205 الى 294 دولارا) ويشكل العرب الخليجيون النسبة الاكبر بين الزبائنquot;.
ومضت المشرفة على الخيمة الرمضانية قائلة quot;إن عدد الزبائن يصل الى 500 شخص في الأمسيات الخاصة مقابل 300 في السهرات العاديةquot;، ويشمل سعر التذكرة السحور الذي يتألف عادة من الفول والبيض والجبن الأبيض والفلافل والزبادي، اضافة الى مشروب الكركديه والتمر هندي او قمر الدين، أما خيمة (الاندلسية) التي اقيمت في حديقة العاب للاطفال، فهي الوحيدة التي تضم حوضاً للسباحة، ويؤكد مشرف الخيمة أنها quot;الأكبر في الشرق الأوسط اذ تبلغ مساحتها 21 فداناquot;، بما يساوي نحو (5ر8 هكتار).
أما في الأحياء والمناطق الشعبية مثل الحسين والسيدة زينب فيختلف أسلوب السهر كثيراً، حيث تنظم وزارة الثقافة سهرات اقل صخبا يحييها فنانون معروفون مقابل خمسة جنيهات للفرد (أقل من دولار واحد)، لكنها تعاني من الازدحام الشديد فضلاً عما تعج به من اللصوص والمحتالين الذين يتصيدون أبناء الريف القادمين للقاهرة للترويح عن أنفسهم.
وترجع فكرة هذه الخيام الرمضانية الى عهد الفاطميين الذين حكموا مصر في القرن العاشر، وكان الغرض منها تنظيم الاحتفالات الدينية، وكانت الخيام مزينة بأشكال هندسية شبيهة بالنقوش والرسوم الموجودة داخل المساجد، وهي تصنع يدوياً من قطع القماش الملون التي يتم قصها وحياكتها لتعطي الشكل المميز لها.
التعليقات