جففها صدام لكي لا تكون مأوى للمعارضين
سكان الأهوار ينزحون من جديد لأسباب مختلفة هذه المرة

إعداد إيلاف قسم الترجمة: يقول مراقبون ان من النجاحات القليلة التي تُسجل للحكومات العراقية منذ سقوط صدام حسين ازالة آثار واحدة من أكبر جرائمه بحق البلد، وهي تجفيف الأهوار في جنوب العراق وتدمير حضارة مائية عاشت في تلك المنطقة منذ آلاف السنين.

لكن هذا الانجاز تحدق به أخطار جديدة اليوم تهدد بنسفه. فقد تآمر الجفاف المديد مع بناء السدود على منابع نهري دجلة والفرات في تركيا وسوريا وايران لخفض تدفق الماء من جديد الى اهوار العراق مهددا الاهوار كلها بالانقراض وربما الى الأبد هذه المرة.


وكانت الاهوار التي مر وقت زاد سكانها على 300 الف اختفت تقريبا في تسعينات القرن الماضي عندما أقدم صدام حسين على تجفيفها لمنع المعارضين من استخدامها ملاذا، على ما يُفترض. ولكن ما أن سقط صدام حتى سارع أهل الاهوار الى ازالة السدود الترابية التي اقامها وعاد الماء الى بحيرات الاهوار واحراش البردي التي تتخللها.

إحياء الاهوار القريبة من موقع جنة عدن الاسطوري، بتغذيتها من ماء دجلة والفرات، بدا نجاحا لا يتطرق اليه الشك لا سيما وان أكثر من نصفها انتعش مجددا بحلول عام 2006. ولكن هذا النجاح لم يدم طويلا. وخلال العامين الماضيين كان سكان الاهوار يراقبون بأسى انحسار الماء الذي تعتمد عليه حياتهم وازدياد الملوحة في ما يصله منه الى اهوارهم. وقال رئيس بلدية الجبايش عبد الكاظم مالك لخبراء الأمم المتحدة ان منطقة الاهوار quot;كانت قبل عامين خضراء مترعة بقصب البردي لكنها الآن تكاد تكون جرداءquot;. وحذر مالك من ان حياة الاهوار كلها ستموت إذا استمر هذا الوضع مشيرا الى نزوح عشرات العائلات لأنها لا تجد ماء صالحا للاستهلاك البشري ولا قصبا تغتذي عليه ماشيتهم وجواميسهم.

باتريك كوكبرن Patrick Cockburn لاحظ في صحيفة quot;ذي اندبندنتquot; The Independent ان سبب الخطر الذي يهدد الاهوار وسكانها هذه المرة هو ان تركيا وسوريا وايران ـ وبدرجة اقل الحكومة العراقية نفسها ـ أخذت تحول ماء دجلة والفرات لاغراض الزراعة والاستخدام في المدن. واضاف quot;ان مزيدا من السدود أُنشئت في اعالي الانهار التي طالما اعتمدت عليها حضارة ما بين النهرين. وازداد هذا التحويل في وجهة الماء تفاقما بموسم مديد من الجفافquot;.

نتيجة لذلك يعاني سكان الاهوار رغم وجودهم شبه المائي الذي عاشوه منذ غابر الزمان، شحا في ماء الشرب. ويهدد خطر الانقراض الآن حضارة فريدة وُجدت في جنوب العراق منذ آلاف السنين. ويقول الكاتب البريطاني كوكبرن ان آثار العراق تُبين ملوك آشور وهم يذبحون سكان الاهوار الذين تُظهرهم رسوم محفورة في الحجر يعيشون في بيوت من القصب البردي ويتنقلون عبر الاهوار بقوارب رشيقة.