واشنطن: تُشارك المرأة الإيرانية على نطاق واسع في المظاهرات والاحتجاجات ضد إعادة انتخاب الرئيس المنتهية ولايته quot;أحمدي نجادquot;. واليوم أضحت quot;ندا أغا سلطانquot;، التي قتلت خلال قمع السلطات الإيرانية المعارضة يوم السبت الماضي خلال احتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية، رمزًا لكفاح المرأة الإيرانية من أجل حريتها. عن دور المرأة في الحياة السياسية الإيرانية أجرى المحرر الاستشاري لمجلس العلاقات الخارجية quot;برنارد جورتزمان Bernard Gwertzmanquot; حوارًا مع اسوبيل كولمان Isobel Coleman، الخبيرة البارزة في قضايا المرأة والمتخصصة في السياسة الخارجية الأمريكية بمجلس العلاقات الخارجية.

وتقول في حوارها: إن الحركتين الإصلاحية والنسوية متداخلتان بصورة جلية في إيران. وترى أنه في حال تأكيد فوز quot;نجادquot; لفترة رئاسية ثانية فإننا سنشهد مزيدًا من تقييد على الحريات أكثر مما شهدناه في السنوات الماضية. وترى كولمان أن استخدام القوة ضد المرأة الإيرانية لن يثنيها عن القيام بدورها في عملية الإصلاح والنزول إلى الشارع الإيراني محتجة على الفساد والتزوير في الانتخابات. وفيما يلي نص الحوار الذي أُجري مع اسوبيل كولمان.

في المظاهرات التي جرت في أعقاب الانتخابات المثيرة للجدل في إيران نزلت عديدٌ من النساء إلى الشوارع. ووردت أنباء عن أن المرأة، في الواقع، حثت الرجال على أن يكونوا أكثر شجاعة. وهناك حركة إصلاحية نسوية. هل تنظر المرأة إلى الانتخابات الحالية كبادرة لزيادة حقوقهن؟

هناك ترابط واضح بين الحركة الإصلاحية والحركة النسوية في إيران. وقد كانت المرأة عنصرًا أساسيًّا من عناصر الحركة الإصلاحية منذ بدايتها. وركزت عدد من النساء جهودهن الإصلاحية على تحسين الحقوق القانونية للمرأة والحياة اليومية للمرأة، وعملت جنبًا إلى جنب مع الإصلاحيين الذين يركزون بصورة رئيسة على قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان. مع مرور الزمن اندمجت الحركتان. وفي تسعينيات القرن المنصرم اتخذ الإصلاحيون البارزون قضايا المرأة جزءًا من الخطاب، كما اتخذت المرأة قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية كجزء من خطابها. وخلال العشرين سنة الماضية حدث تداخل بين الحركة الإصلاحية والحركة النسوية.

هل تنظر النساء للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية لكل من quot;آية الله خامنئيquot;، والرئيس الإيراني quot;محمود أحمدي نجادquot; على أنهما معارضان لإصلاح وتحسين أحوال المرأة؟

نعم، وأقول ذلك بكل تأكيد. على مدى السنوات الأربع الماضية يشرف quot;أحمدي نجادquot; على اتخاذ إجراءات صارمة ضد النساء، وبخاصة مع وجود قواعد صارمة بالنسبة للباس المرأة. وخلال السنوات الماضية شنت السلطات الإيرانية حملة ضد النساء التي تنتهك قواعد اللباس. هذا وقد ألقى النظام القبض على عدد من النساء، واستخدام القوة ضد النساء المتظاهرات سلميًّا من أجل مزيد من الحقوق والحريات. وفي الخريف الماضي، وضع البرلمان المحافظ بتشجيع من quot;نجادquot; تشريعات أدت إلى رجوع المرأة إلى عصور التخلف، مثل تخفيف القيود على تعدد الزوجات، وصعوبة حصول المرأة على الطلاق. ويطلقون على تلك التشريعات قانون حماية الأسرة، ولكن من الجلي أن هذا القانون ليس في صالح المرأة. ونظمت المجموعات النسائية في الصيف الماضي عدة حملات لتوعية المرأة بما يحدث، وتوضيح أن ذلك لا يتفق مع الشريعة الإسلامية. وهذا القانون لم يُمرر. فيصف آية الله يوسف صانعي Yousef Sanei المناهض لقانون حماية الأسرة بأنه ضد المرأة، والمثل العليا للثورة الإسلامية، ومعادي للإسلام.

هل يدعم موسوي حقوق المرأة؟

لا نعرف بالتحديد موقفه من مثل تلك القضايا. لكن ما نعرفه أن زوجته quot;زهراء رهنوردquot; ذات الشهرة الأكاديمية لعبت دورًا نشطًا جدًا في الحملة الانتخابية، وهذا شيء جديد أن نجد زوجين يكافحان في صراع انتخابي. فعلى مدار الأشهر الماضية، عقدت اجتماعات ونظمت مسيرات وتحدثت بطريقة نعهدها هنا في الولايات المتحدة كسيدة أولى تلعب دورًا نشطًا. فقد أدلت بتصريحات بشأن الحاجة إلى احترام حقوق المرأة، وبذلك يمكننا أن نتوقع أن المرأة ستكون مسموعة في ظل موسوي بصورة أكبر من وضعها في ظل رئاسة quot;أحمدي نجادquot;.

هناك سيدة أخرى بارزة على الساحة الإيرانية، هي فايزة رافسنجاني، ابنة الرئيس السابق علي أكبر هاشمي رافسنجاني، وهو مؤيد قوي لموسوي.

وقد اعتقلت فايزة لفترة قصيرة.

إنها شخصية معروفة جدًّا داخل إيران. ولكن السؤال الهام هو: ما موقف رافسنجاني نفسه من المرأة وحقوقها؟. فرافسنجاني لم يكن ليبراليًّا عندما كان رئيسًا لإيران. في الواقع، أشرف رافسنجاني على التفسير الصارم لقواعد اللباس للمرأة وعدد من السياسات التقييدية على المرأة. إلا أنه اتخذ بعض الخطوات للبدء في تطبيع دور المرأة داخل النظام. وأبرز ما قام به تشجيع ابنته فايزة، لتكون رئيسة مجلس الرياضة الإيراني، وبدأت محاولة تمكين المرأة الإيرانية من المشاركة في الأنشطة الرياضية. وهو ما قد ألغي بعد الثورة. فبرزت بصورة جلية في تلك القضية. ثم انتخبت للدورة الخامسة للبرلمان (1996- 2000) ولكنها خيبت أمل بعض النساء الإصلاحيات في ذلك الوقت اللاتي يبحثن عن امرأة في البرلمان لتقوم بدور نشط حيال قضايا المرأة. ولم يعاد انتخابها للمجلس السادس. ولكن منذ ذلك الحين شاهدنها متحدثة ومدافعة بارزة عن قضايا المرأة. وقادت عددًا من المظاهرات والاحتجاجات واعتقلت في مطلع الأسبوع. ومن هذا المنطلق، يمكن أن يُستنتج أنها قطعت شوطًا طويلاً في التفكير بنفسها عن العلاقة بين حقوق المرأة والإصلاح في إيران.

نتكلم قليلا عن الظاهرة التي وقعت يوم السبت عندما قتلت فتاة تدعى ندا أغا سلطان (27 عامًا). هل من المرجح أن وفاتها ستحدث أثرًا داخل الشارع الإيراني، لاسيما بين النساء؟

بكل تأكيد أحدثت أثرًا كبيرًا داخل الشارع الإيراني. وأضحى اسمها معروفًا في جميع أنحاء العالم. فقدت أصبحت رمزًا للنضال من أجل مزيد من الحرية والعدالة. حسب ما أعرف، إنها أحد المتفرجين العزل الذين كانوا يشاهدون ما يجري ولكنها قتلت بطلق ناري. إنها حقا أصبحت الصورة التي يتمسك الناس بها داخل إيران لفترة طويلة.

تبدو لي مفارقة مثيرة للاهتمام: في الماضي كانت هناك قوانين ضد دور المرأة في إيران ولكن هناك كثير من النساء في الجامعات وكثير منهن تخرجن. ويبدو أنهن تخطين الرجال. من الواضح، على الأقل في مجال التعليم أنه لم يكن هناك تمييز بين الرجال والنساء. هل أنا على خطأ؟

في إيران هناك تمييز قانوني صارخ ضد المرأة، ولكن واقع حياة المرأة متقدمة جدًا. إيران ليست مثل غيرها من البلدان. فالمرأة داخل إيران تتمتع بمستوى تعليم مرتفع وتحصل على كثير من الوظائف. ولكن من غير المألوف أن ترى سيدة سائقة تاكسي داخل إيران. وهناك سيدة بارزة في سباق السيارات وعديد منهن يظهرن على شاشات التلفزيون، وتعلبن كفنانات دورًا كبيرًا في صناعة السينما في إيران. وهناك نساء أعضاء في البرلمان واثنان منهن شغلن منصب نائب الرئيس. ورغم كل هذا، لا تزال هناك قيود قانونية كثيرة ضد المرأة.


هذا التناقض يعكس التناقضات المتأصلة في النظام ذاته. خلال الفترة من 1978 ndash; 1979 دعا آية الله علي الخميني المرأة للخروج من ديارهن ـ النساء اللاتي لم يخرجن من ديارهن من قبل ـ للتظاهر في الشوارع دعمًا للثورة وقد فعلن ذلك. ولعبن دورًا بالغ الأهمية في تعبئة الدعم الشعبي للثورة. وبعد العمل على تغيير القوانين للحد من حقوقهن بدأن يقُلن: quot;إن هذا ليس ما كنا نتوقعهquot;. أنا أتحدث عن المرأة المحافظة، ليست الليبرالية، والنخبة المتعلمة. وبدأن يثرن تساؤلاً رئيسًا: ماذا تعني الثورة لهن؟. إنهن، مع بناتهن، شكلن العمود الفقري لحركة الإصلاح والاحتجاجات التي نشاهدها اليوم في جميع أنحاء إيران.

إذا استمر الوضع القائم على حاله، وظل أحمدي نجاد رئيسًا، هل سيكون لهذا تأثير مباشر على المرأة؟

سيكون لهذا تأثير مباشر حيث سنرى إيران ذات قيود صارمة أكثر مما شهدناه خلال السنوات الماضية. فتزايد استخدام القوة خلال الأسبوعيين الماضيين سوف يضر بالمرأة الإيرانية في نهاية المطاف، لكنها لن تتوقف. وهذا ليس بجديد فعندما كانت تتظاهر المرأة الإيرانية كان يقارن بينها وبين الجواسيس الصهاينة، وعملاء للولايات المتحدة الأمريكية، والافتنان بالعلمانية الليبرالية والحركة النسائية الغربية. وهذه المقارنة لم تعد لها رواجها داخل الشارع الإيراني. إنهن لن يتوقفن إلا بعد تحقيق العدالة. وهذا هو السبب لتخويف النظام الإيراني النساء الإيرانيات بشدة.