أيمن بن التهامي من أصيلة: على شاطئ المحيط الأطلسي، تقع المدينة المغربية أصيلة أو quot;أرزيلا ، أصيلاquot;، التي شهدت على مدى ثلاثة عقود من الزمن، تحولات مهمة على مستوى البنيات التحتية والمرافق العمومية وأشكال العمران، واستطاعت أن تتحول إلى قطب ثقافي وسياحي مهم، يحج إليها آلاف المثقفون كل سنة.

وفي كل فصل صيف تكون هذه الجوهرة الأطلسية على موعد مع رحلة في عوالم الثقافة والفن، من خلال فتح أبوابها أمام العشرات من المبدعين والمثقفين العرب والأجانب، الذي يتحلقون في أمسيات تشبع شغف عشاق عالم الثقافة، وذلك خلال موسم يمتد لأيام. وأهدت مؤسسة quot;منتدى أصيلةquot; الدورة الواحدة والثلاثين من مواسم أصيلة الثقافية الدولية، خلال الصيف الجاري، لذكرى الكاتب السوداني الراحل الطيب صالح، الذي وافته المنية في فبراير/شباط الماضي.


طنجة.. عروس مغربية بإطلالة وتاريخ فريدين

كما خلدت المدينة، التي تعد جوهرة ثقافية وسياحية، ذكرى زيارة كل من شيخ الرواية العربية، الروائي السوداني الطيب صالح، ورائد القصيدة العربية الحديثة، الشاعر الفلسطيني، محمود درويش بذاكرتها، عبر إطلاق اسميهما على حديقتين وسط المدينة، كل منهما في مكان مر منه أحد الراحلين ذات يوم من أيام موسمها الثقافي المنتظم منذ 1978.

ويعود تاريخ نشأة مدينة أصيلة إلى أكثر من ألفي سنة، فقد حط بها الفنيقيون، والقرطاجيون، قبل أن تتحول إلى قلعة رومانية تحمل اسم quot;زيليسquot;.

وفي القرن العاشر الميلادي، قدم إليها النورمانديون من صقلية واستقروا بها، واحتلها البرتغاليون سنة 1471 م ليشرفوا من خلالها على سفنهم التجارية عبر المحيط الأطلسي، وبعد معركة الملوك الثلاثة التي وقعت سنة 1578 م والتي سقط فيها ملك البرتغال سان سيباستيان صريعا في معركة وادي المخازن، استطاعت المدينة أن تتخلص من الاحتلال البرتغالي على يد أحمد المنصور السعدي سنة 1589 م، لكنها سرعان ما سقطت في يد الإسبانيين الذين استمر احتلالهم لها إلى غاية سنة 1691، وهي السنة التي أعادها السلطان مولاي اسماعيل إلى نفوذ الدولة العلوية.

وتعتبر المدينة العتيقة لأصيلة فضاء ساحرا بدروبها الضيقة وأزقتها الأنيقة وبمنازلها المتشحة بالبياض في تراص جميل، وأبوابها ونوافذها المتلفعة بزرقة مشعة، واخضرار براق، وبجدارياتها المزينة برسوم فنانين تشكيليين من مختلف المدارس والأجيال، وبالأسوار المحيطة بها التي يعود تاريخها إلى عهد البرتغاليين.

وبجوار باب البحر، غير بعيد عن مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، يوجد برج quot;القمرةquot; التاريخي الذي قضى به دون سيباستيان ملك البرتغال ليلته الأخيرة قبل قيادة جيوشه إلى معركة وادي المخازن، وقد أعيد ترميمه في بداية التسعينيات بمشاركة وزارة الثقافة المغربية ودولة البرتغال بمبادرة من جمعية المحيط بعدما كان آيلا إلى الزوال، وهو الآن يحتضن معارض خاصة بالفنون التشكيلية والصور الفوتوغرافية.
ويقول محمد طويلي، زائر للمدينة وإطار بنكي في الدار البيضاء، quot;ليس الطبيعة وحدها من تجذبك إلى هذه المدينة، فجدرانها التي تختزل فنا وثقافة عاليين، وحبل بكل أشكال الإبداع، ما يجعلك تحس بأنك في عالم آخر بعيد عن الأراضquot;.

وذكر محمد، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;يمكن اعتبار أصيلة مدينة عشاق السياحة الثقافية بامتياز، إذ أن أنها ترضي مختلف الأذواق، كما أن مجموعة من الأجانب جاؤوا لزيارتها، قبل أن يعودا في السنة الموالية للاستقرار بها، لما تعبق به من إبداعات خياليةquot;.

يشار إلى أنه توجد خارج أسوار المدينة العتيقة، معلمة مهمة في الطريق الرئيسي الرابط بين أصيلة والعرائش تسمى quot;كدية السلطانquot;، هي عبارة عن فضاء على شكل مسرح دائري صغير في الهواء الطلق، يعلوه نصب إسمنتي على شكل موجة من تصميم الفنان التشكيلي محمد المليحي، شُيد فوق ربوة كان قد توقف بها المغفور له محمد الخامس أثناء مروره من مدينة أصيلة متوجها إلى مدينة طنجة لإلقاء خطاب 9 أبريل سنة 1947.