تشجع المانيا سكانها على شرب المياه العذبة التي تعتبر من انظف المياه في العالم من اجل حمايتهم وحماية البيئة بتوفير الرقابة الصارمة على المنابع والابار بحظر الدخول اليها

اعتدال سلامه من برلين: تعتبر المانيا من البلدان التي تتمتع بوفرة المياه، وذلك لكثرة الانهر والابار فيها وتساقط الامطار والثلوج، ما يجعل شركات تعبئة المياه تبيع سنويا ما يقارب من العشرة مليارات ليتر من مياه الشرب سنويا، والسبب في ذلك أن المياه المنزلية الجارية تخضع في المانيا لرقابة صارمة، لذا فهي صالحة للشرب من دون أي قلق.
ولا يأتي هذا الاهتمام فقط من اجل حماية البيئة والطبيعة ومنابع المياه، بل وايضا في سياق توجه عام حاليا نحو استهلاك مزيد من مياه الشرب، ما يبعث بالامل على امكانية تراجع استهلاك الكحول. حيث سجلت وزارة الاقتصاد في الاعوام الثلاثين الماضية ازديادا من استهلاك الالمان من المياه المعدنية حوالى عشرة اضعاف، لذا فهم يتصدرون حاليا قائمة شعوب البلدان التي تشرب مياهًا، حيث يصل معدل الشخص الواحد الى 130 ليترا في العام، وهذا شيء قد يكون مفاجئا بالنسبة إلى شعب يقال عنه إنه من اكبر المستهلكين للبيرة في العالم.

ومع أنّ تقديم كوب من الماء في المطاعم كان في السابق أمرا غير متعارف عليه، لكن يلاحظ الان كثرة المطاعم حتى الشعبية منها اصبحت تقدم كوب ماء مجانا، ومن يتناول طعامه في المطعم ليس من المفترض ان يطلب نبيذا او بيرة بل ماء ايضا.

وهكذا نشأت في المانيا ثقافة خاصة بالماء الى درجة ان مطاعم تقدم في بعض الاحيان قائمة بأنواع المياه من بينها مياه معدنية صحية ومياه غازية وغير غازية، لذا فلا غرابة ان يقدم بعض الندلاء تقديم المشورة لنوع المياه التي يريد النزيل شربها.

ويتدفق في المانيا وحدها 239 بئرا والشركات التي لديها رخص لاستثمارها تستخرج منها من 500 الى 600 نوع من المياه المعدنية والصحية، الخاضعة للمراقبة الصارمة وبشروط تراعي الحفاظ على البيئة والطبيعة ان في التعبئة او ظروف الانتاج. وهذه الكمية اعلى بكثير مما تنتجه ايطاليا وفرنسا او بريطانيا، اما اكبر الماركات الالمانية الرائجة في المطاعم والمرافق السياحية فهي ماركة ابوليناريس وغيرولشتاينر ويلاحظ اصحاب بعض المطاعم الراقية ان الناس يفضلون بصورة متزايدة المياه الساكنة، اي الخالية من الغاز الفوار او المحتوية على القليل منها.

وتحول المياه كي تصبح على قائمة الطعام مثل اي مشروب آخر انعكس على عدد الكتب التي تصدر وتتحدث عن فوائدها ، حتى ان اشهر الطباخين في ألمانيا ينصحون حاليا بشرب المياه العذبة ما جعل ثمن انواع منها خاصة المعبأة في زجاجات انيقة وملونة يقارب من ثمن زجاجة نبيذ.
وحرصا منها على هذه الثروة الطبيعية تعمل الجهات المختصة في المانيا على العناية بالابار ومنابع المياه العذبة المنتشرة في كل انحاء المانيا من اشهرها بئر هيلا للمياه المعدنية المتدفق من شق عميق يعود الى العصر الجليدي، يمر عبر طبقات صخرية ضخمة غنية بالاملاح المعدنية

تزيد سماكتها عن 300 متر. ويضاف الى القائمة نبعا بادفيلبر القديم واليزابيت العريقان في ولاية هسن.
ومياه بئر زلتس من المياه القليلة التي يمكن الحصول عليها في كل محل تجاري، لان الكثير من المواطنين يعتبرونها من المياه المعدنية التي وفرت فيها الطبيعة كل الشروط الصحية، وتقع البئر على نهر لان.

ويحمل بئر ابوليناريس اسم احد القديسين الذين كانوا من حماة النبيذ ويعتبر من اهم عناصر مائدة الطعام لدى بعض الالمان، وينبع من جبل لزراعة الكرمة وسط الطبيعة والبيئة النظيفة بالقرب من بلدة نوينار.

اما مياه غيرلولشتاينر فانها من المياه المستخرجة من 21 بئرا في منطقة جبال الايفال البركانية، لذا فانها تحتوي على نسبة عالية من الاملاح المعدنية. وشهرة مياه فاخينغن- تايناخر المعدنية جعلت اسهم الشركة المنتجة لهذه المياه في جنوب المانيا متداولة في البورصة في فرانفكورت.
وهناك اقبال كبير على مياه لايسلينغر المعدنية المنسابة بين الصخور العالية لقلة الصوديوم فيها.