ملبورن : حققت اليابانية ناومي أوساكا المتوّجة السبت بلقبها الكبير الرابع في كرة المضرب، بعد فوزها على الأميركية جنيفر برايدي في نهائي بطولة أستراليا المفتوحة 6 4 و6 3، صعودا صاروخيا إلى القمة وإن كان غير مريح في بعض الأحيان.

لعبت الشخصية المحبّبة لابنة 23 عاما دورا في جعلها، إلى جانب الأسطورة الأميركية ومثالها الأعلى سيرينا وليامس، إحدى أكثر الرياضيات شهرة في العالم إن كان داخل الملعب أو خارجه.

لكن رقتها المتواصلة بعيدا عن ساحة المعركة، إلى جانب قوّتها الفولاذية داخل الملعب التي تميّز جميع الأبطال، هو ما يجعلها متميّزة.

بعيد تتويجها بلقب البطولة الأسترالية، سألت أوساكا منافستها الأميركية "هل تحبين أن يطلق عليك جيني أو جنيفر؟".

كان تصرفا نموذجيا من أوساكا التي انحنت احتراما لانجازات المخضرمة سيرينا وليامس بعدما أقصت الأميركية من الدور نصف النهائي للبطولة الأسترالية، حارمة إياها من معادلة الرقم القياسي المطلق لعدد الألقاب الكبرى في عصري الهواة والاحتراف (24) والمسجل باسم الأسترالية مارغاريت كورت.

ملكة جديدة

سترتقي أوساكا الإثنين الى المركز الثاني في تصنيف رابطة اللاعبات المحترفات بعد حملة ناجحة في أستراليا تُعَزِزُ الاعتقاد بأنها ستكون الملكة الجديدة لكرة المضرب النسائية.

ما اختبرته أوساكا في البطولة الأسترالية هذه السنة يختلف تماما عما مرت به قبل عام حين عجزت عن الارتقاء الى مستوى التوقعات وتنازلت عن اللقب في ملبورن بخسارة مفاجئة أمام المراهقة الأميركية ابنة الـ15 عاما كوكو غوف في الدور الثالث.

تحدّث مدربها البلجيكي فيم فيسيت عما حصل مع النجمة اليابانية، قائلا "بدت متوترة للغاية بالنسبة لي. كانت تحت ضغط وبدت هكذا فقط لأنها لم تعبّر عن مشاعرها".

بعد أسابيع، أُحرِجَت أوساكا مجددا بعدما اكتفت باحراز ثلاثة أشواط فقط ضد الإسبانية ساره سوريبيس تورمو في مباراة ضمن كأس الاتحاد.

في حينها، كشفت بأن "هناك الكثير من الأشياء التي حدثت هناك، في ذلك الوقت، جعلتني أفكر كثيرا في حياتي"، مشككة "ما هو الهدف. أنا ألعب كرة المضرب لأثبت أشياء للآخرين أو أنا ألعب من أجل المتعة، لأني أستمتع بها".

لكن الأمور تغيرت أثناء التوقف الذي فرضه تفشي فيروس كورونا، إذا اكتسبت أوساكا منظورا جديدا وأصبحت رائدة في مكافحة الظلم العنصري في الولايات المتحدة.

أدى حضورها المتزايد كناشطة من أجل العدالة الاجتماعية الى منح أوساكا دفعا جديدة وحياة جديدة في أرض الملعب، وفوزها السبت على برايدي كان الحادي والعشرين تواليا في سلسلة تضمنت الفوز بلقب أميركا المفتوحة العام الماضي للمرة الثانية في مسيرتها.

"الكثير من الشكوك"

بالنسبة لليابانية "أعتقد أن أكثر شيء أفخر به هو أني أصبحت الآن قوية ذهنيا. اعتدت على اختبار مطبات الصعود والهبوط. بالنسبة لي، راودتني الكثير من الشكوك في نفسي".

وتابعت "أعتقد أن عملية الحجر الصحي ورؤية كل ما يحدث في العالم، وضعتا الكثير من الأمور في منظورها الصحيح بالنسبة لي".

استغلت أوساكا التي كانت خجولة كثيرا وغير مرتاحة مع أضواء الشهرة، مكانتها للتأثير في الموضوعات المثيرة للجدل في ملبورن، حتى أنها أدانت رئيس اللجنة المنظمة لأولمبياد طوكيو يوشيرو موري بسبب تعليقاته المهينة بحق النساء، وهو الأمر الذي أدى في النهاية الى خسارته لمنصبه.

باتت أوساكا أغنى رياضية في العالم، متفوقة على قدوتها سيرينا وليامس، لكنها حافظت على تواضعها ومكانتها المحترمة.

وُلِدَت في 16 تشرين الأول/أكتوبر 1997 في أوساكا اليابانية، وبعدها بعام انتقلت عائلتها الى الولايات المتحدة.

التقى والدها الهايتي ليونارد والدتها تاماكي وتزوّجها عندما رحل إلى اليابان من نيويورك للدراسة.

وتملك أوساكا التي اتخذت من ولاية فلوريدا الأميركية مكانا للعيش، الجنسيتين اليابانية والأميركية المزدوجة.

تطوّرت أوساكا لتصبح لاعبة كبيرة بعد ظهورها لأول مرة في البطولات الأربع الكبرى في بطولة أستراليا المفتوحة عام 2016.

استغرق الأمر بضعة أعوام لتفرض نفسه، وصولا الى مفاجأة سيرينا وليامس بفوزها عليها بمجموعتين في نهائي فلاشينغ ميدوز 2018، ثم أضافت بعد بضعة أشهر فقط لقب البطولة الأسترالية.

تربّعت أوساكا على عرش تصنيف المحترفات وهي لم تتجاوز الحادية والعشرين من عمرها، لكن كان ذلك بمثابة اللعنة و"أعتقد أن هذا الأمر وضع الكثير من الضغط علي لأني شعرت بطريقة ما بأني ضد العالم بأجمعه".

لقد أدى ذلك الى فترة صعبة أثقلتها بالتوقعات المحيطة بها لكنها نجحت الآن في إيجاد السكينة التي هي بحاجة اليها، ما أعادها مجددا الى القمة.