ترجمة: خالدة حامد
أجرى الحوار ثاليا بانديري: الشاعرة الاسرائيلية يهوديت هيلر والشاعر الأمريكي أغا شهيد علي (مولود في كشمير ومترعرع فيها) كانا صديقين حميمين لعقد من الزمان وعملا معاً خلال السنوات الأربعة الأخيرة إذ ترجما الشعر لأحدهما الآخر. نقدم هنا بعضاً من قصائدها وترجماته لها. وتعدّ quot;مسوخ 8.2 quot; (خريف 2000) مجموعة مميزة لأغا شهيد تضمنت بعض ترجماته من الأوردية لقصائد فائز أحمد فائز وقصائد هيلر من العبرية فضلاً عن قيام هيلر بترجمة بعضاً من قصائد شهيد إلى العبرية. كان الثالث عشر من نيسان 2001 هو اليوم الذي تقرر أن تقرأ فيه يهوديت وشهيد عمليهما ويتحدثان عنه أمام حلقة الترجمة الأدبية في الكلية (المؤلفة من خمسة أشخاص) عن موضوع quot; شعراء يترجمون شعراءquot;. للأسف لم يتمكن شهيد من الحضور لأنه كان يصارع مرضاً عضالاً بشجاعة وسمو؛ فتحدثت يهوديت لوحدها.
أجريتُ مؤخراً حواراً مع يهوديت في منزلها في امهرست. كانت، مثل شهيد، حنونة وسخية في وقتها وصداقتها فضلاً عن كونها طباخة ماهرة وإنسانة مرنة لا مرائية. إنها، مثل شهيد، ترى إمكانية أن تقام وليمة العقل (الشعر، الأفكار) فوق مائدة الطعام والشراب الجيد، وبكل تلقائية. تبدو لي الآصرة الاقوية التي تربطهما صديقين شاعرين أمراً ملفتاً للانتباه بل نادراً قطعاً. حينما تحدثت يهوديت عن شهيد الذي خبر القراء طاقته وجاذبيته قبل كل شيء، بدا لي أنه كان حاضراً بيننا، كما كان ظرفه وفكاهته وحبه للعالم والناس كلهم (حتى جيري سبرنغر) جزءاً من هذا الحوار.
يهوديت وشهيد
ـ كيف التقيتما أنتِ وشهيد؟
التقينا أولاً، مثلما يروي شهيد الحكاية، حينما جاء ليقرأ في الجامعة؛ حينما كان يجري مقابلة للحصول على وظيفة. جاء ليتناول العشاء في بيتي مع صديقي، شقيقه إقبال الذي كان أستاذاً هنا في الجامعة. في اليوم التالي، حضرتُ القراءة التي كان يلقيها في قسم اللغة الإنكليزية. كان شهيد يشير إلى ذلك دائماً بقوله: جاءت لقراءتي الأولى في امهرست quot;. لكني أذكر أن الأمر حدث على نحو مختلف قليلاً. كانت المرة الأولى لي التي ألتقي بها شهيد هي على رف أحد الكتب، قبل مدة طويلة من تعرفي عليه. كنت في متجر كتب اتكوس/البيون حينما شدتني مجموعة quot;هيملايا نصف انشquot;. فتحت الكتاب لتكتسحني القصيدة الأولى quot;بطاقة بريدية من كشميرquot;. صرختُ. شعرتُ أنها تحمل صوتي أنا لا غيري. أدركت حينها أني لم أكن هنا عبثاً؛ فانتابني الغضب والحيرة من كوني هنا، لكني في الوقت نفسه لاحظت أني حينما عدتُ للمنزل صرت مختلفة، تغيرت. كان كل شيء يتغير. كنت أتغير. شعرتُ أني ما عدتُ أنتمي لأيما مكان ولم أكن أؤمن بقصائدي كما لو أني أضعتُ صوتي/لغتي. كان هنا ثمة شخص حقيقي يرتدي مشاعري وأفكاري بالكلمات لتبدو أكثر دقة وتفصيلاً مما أستطيع القيام به إطلاقاً. فكرتُ مع نفسي: مرحى! ثمة أناس آخرون ينتبهون حقاً إلى ضياع اللغة ويعترفون به وينوحون عليه. لم أكن وحدي من تفعل ذلك. عليّ أن أحصل على الكتاب.
بعد مدة قصيرة، صادفَ أن زارني في بيتي صديقي إقبال (الذي كان شقيق شهيد دون أن أعلم بذلك) ولاحظ الكتاب على طاولة غرفة المعيشة خاصتي حيث أحفظ الكتب والبحوث التي أقرأ. سألني quot;ما رأيك بهذه القصائد؟quot;. أجبته quot; لا تُصدَّق! إنه شاعر لا يُصدَّ ق! دائماً ما كنت أعاني من قراءة الشعر المكتوب بالإنكليزية وكان يتوجب عليّ أن أبذل مجهوداً كبيراً لكن هذا العمل أشبه بمن يشرب ماءاً، لا يستلزم جهداً... أنت تعلم أنه كشميري أيضاًquot;. قال إقبال quot;أها! نعمquot;، ثم أشار إلى صورة شهيد على الغلاف الخلفي وسأل إن كنتُ ألاحظ التشابه بينهما. quot;يهوديت، إنه أخي!quot;. قلت quot;غذن احضره معك على العشاء. بعد مدة قصيرة التقيت بشهيد وتوثقت علاقتنا بعد مجيئه للجامعة.
ـ هل بدأتما بالتعاون على ترجمة شعرك؟
حصل ذلك لاحقاً؛ الصداقة كانت أولاً ومعها تبادل الحديث والأفكار. لقد فهمني شهيد تماماً. ومثلما أخبرتك قبل قليل، حينما غرقت في مجموعته لم يكن الأمر محض مصادفة، كنت متخوفة، شعرتُ بأني ضعت؛ بالضبط مثلما يقول عنوان كتاب إيفا هوفمن quot;ضائعة في الترجمةquot;. لقد تماهيت مع مجموعة شهيد. للغة الإنكليزية الكثير من الكلمات التي تقابل كل شيء؛ إنها لغة كاسحة تماماً بينما العبرية، بالمقارنة بها، أشبه بلغة مشفرة. أنا أتحكم بالعبرية لأني أعرف لغتي حقاً؛ أفهم تركيبها ونحوها، وكل دقائقها وظلال معانيها.. كل شيء يمكن إنجازه بالكلمات.
كنتُ واحدة من الذين يقرأون كل شيء: الروايات، الصحف، كل شيء على الإطلاق، في إسرائيل. ولديّ أيضاً حلقة أصدقاء خاصة بي؛ بعضهم شعراء وبعضهم كتّاب. كنا نتحلّق حول القهوة ونتجاذب أطراف الحديث ونستمر فيه؛ نتحدث في كل شيء وعن أي شيء ونعمل على قدِح أفكارنا على الدوام. ومع أني أرى العيش في إسرائيل محفزاً لي، كان للعيش في اللغة الفعل نفسه؛ فما أن أتمشى في الشارع تتناهى إلى مسامعي عبارة ما فأجمع منها كلمات بيت جيد ؛ شيئاً قد يصير بذرة لقصيدة.
هنا شعرتُ بعزلة مطبقة؛ مضطربة من هذه اللغة التي لا تحفز الذهن، بالنسبة لي طبعاً. أنا أحب الأدب و اللغة وقد شعرتُ أن لا أحد يعرف شيئاً عني؛ عن ذلك الجزء مني. كنتُ قد غادرت عالماً كنتُ أجد فيه أناي، كنتُ شخصاً. اعتقدتُ أن ما عاد بمقدوري أبداً كتابة قصيدة هنا، وقد فهم شهيد ذلك بل أنه كان ليقول أموراً من قبيل: quot;لابد أن الأمر في غاية المشقة حقاً أن لا تتاح لكِ لغة ما؛ أن تكوني شاعرة بلا لغةquot;. دائماً ما كان يشجعني على الكتابة، ويحثني، مثل أب أو أخ، على الالتقاء بأناس يعرفهم، بشعراء آخرين. كان يقول quot;أنى لكِ أن تعيشي هكذا؟ كنت سأموت لو كنتُ مكانكِ!quot;. كنتُ ميتة بالمعنى ذاك. كان في غاية الأهمية عندي أن يستشعر شهيد ذلك الجانب من حياتي ويعترف به.
حدثت نقطة التحول قبل خمس أو ست سنوات؛ كنتُ ألتقي شهيد وإقبال على العشاء. وبالضبط قبل أن أغادر منزلي، أخبرني ناشري في إسرائيل أنه سيتم طبع أول مجموعة لي وعنوانها quot;ذات المعطف القرمزيquot;. كدتُ أخرج من جلدي من فرط سعادتي. حينما دخلت المطعم حيّاني شهيد بطريقته المعتادة؛ حنوناً ولطيفاً وهازلاً بعض الشيء ومبتهجاً وساخراً من نفسه. quot;أكثر من متوهجة عزيزتيquot;. حدثتهم عن مجموعتي وكم يعني لي أنهم اختاروها للنشر لأن أقسى ما كنتُ أعانيه هو فقدان الحافز، فأنا أكتب بالعبرية وأعيش بالإنكليزية؛ أنشر بالعبرية لا بالإنكليزية وليس ثمة من يقرأ هنا ما أكتبه أو يبدي لي رأيه سواء أكان ذلك نقد\اً بناءً أو فقط يقول quot;قرأتُ قصيدتكquot; أو quot;ذلك البيت منهاquot; أو quot;أنا معجب بذلك البيت من قصيدتك!quot;. حينها قال شهيد quot;ذاكأمر بالغ القسوة حقاً، ينبغي أن تتاح لكِ لغة في الأماكن كلها. سيكون من دواعي سروري ترجمة قصائدكquot;. ـ quot;لكنك لا تعرف العبرية..quot;. * quot;لكني أعرفكِ! تحديني، عزيزتي، تحديني.. امنحيني الاستعارات والمجازات كلها...quot;.
لكننا حتى ذلك الحين لم نكن قد بدأنا العمل على الترجمة. لم أكن أرغب بأن أثقل عليه ولهذا استغرق ذلك بعض الوقت. لكن حينما مرضت والدته وانتقلت العائلة كلها هنا للاعتناء بها، كنا نجلس معاً في الشرفة ونتحدث في الشعر والقصائد. يوماً ما، وبينما كنا نتحدث عن عن دلالة الرمان في إحدى قصائدي، طلب مني أن ألقي عليه تلك القصيدة. بمقدور شهيد أن يقنع أي شخص بالقيام بأي شيء. ولهذا ألقيت عليه القصيدة بالعبرية فقال quot;حسناً، هذا جيد. الآن أخبريني ما الذي تعنيه؟quot;. كانت قصيدة عن الفراق، وتلك كانت أول قصيدة نترجمها معاً.
ـ مادام شهيد لا يعرف العبرية، كيف عملتما معاً على ترجمة قصائدك؟
كنتُ أترجم له القصيدة حرفياً [كلمة بكلمة] وأضيف له أية معلومة ممكنة: الإحالات الجغرافية، الأعراف، الاقترانات الثقافية، كل شيء. كانت لإحدى قصائدي هوامش بلغت الثلاث صفحات. وبهذه الطريقة تحديداً بدأنا العمل. لم نقم بما قمنا به فقط بوصفه عملاً، ولم يكن النشر هدفنا، بل كان ذلك محض طريق شقه شهيد للولوج إلى عالمي، كي يعرفني، وطريق أشقه أنا كي عرفه. أعتقد أن الأمر كان أكثر منأي شيء آخر. كان هذا طريق أشقه أنا شخصياً لأفعل له شيئاً ما كان لأحد غيري أن يفعله ولاسيما أثناء تلك اللحظات الحزينة التي كان يمر بها (مرض والدته الشديد ووفاتها). أحياناً كنا ننجز عملاً قليلاً جداً لأننا كنا نجلس على الأريكة نتجاذب أطراف الحديث ونمزح. كانت ترتسم على وجهه تلك النظرة، كما لو كان يحمل فكرة ساخنة، ثم يقول شيئاً ساخراً جداً أو ملهِماً جداً. لم تكن مهمة ترجمة قصائدي مع شخص آخر بالمهمة اليسيرة؛ كان عليّ أن أشرح له كي أدخله في جو القصيدة. أحياناً كنت أشعر بالانكشاف التام ولم أرتح لذلك كثيراً. أذكر أني قلتُ له مرة، بهذا الصدد، شيئاً من قبيل: quot;الأمر أشبه بالتعري أمام الناسquot;، وكان رده: quot;ليس أمام الناس، عزيزتي، بل أمامي أنا فقطquot;.
كان شيئاً مميزاً جداً وقد سهّل شهيد الأمر عليّ؛ كان نِعمَ النصير فما إن أكتب قصيدة حتى يطلب مني، على الهاتف وبكل حماس، أن أقرأها عليه، quot;دعيني أسمعها!quot;. وبعد أن يسمعها كان يقول quot;عزيزتي، لم أفهم شيئاً! الآن أخبريني ما الذي تعنيه...quot;. كانت تلك طريقتنا للبدء بالتفكير بالقصيدة باللغة الإنكليزية، لكنه كان يثير غضبي أحياناً لأنه كان يبعثر النص إلى أجزاء كي يتسنى له الفهم (وهذا بالضبط ما عنيته حينما شعرت بالعري)؛ لم يكن غرضه أن يوافق أو يخالف، بل أن يفهم. فمثلاً، في قصيدتي quot;الشاطئ كله في قصرquot; أتحدث عن quot;حوالات نقدية في الرملquot;، سألني شهيد: quot;من حررهذه الحوالات ؟ ومن أين جاءت؟quot;. كنت مندهشة من قوله: quot;ما خطبك! هل شاهدت في حياتك بنوكاً رملية؟ إنها الريح بلا شك!quot;. كان يطرح هكذا أسئلة دائماً: quot;ما الذي تعنيه بذلك؟quot; وكنت أقول: quot;أنا أعلم بما أعنيه، أنتَ أخبرني ما الذي تفهمه منهاquot;، فيرد عليّ quot;لا، لا، أريد أن أكونكِ، أريد أن أكون أنتِ الآن كي أكتب القصيدة بالإنكليزية؛ إننا نعيد كتابتهاquot;. وهذا ما فعلناه.
ولهذا السبب، لم تكن ترجمة القصائد حرفية بل كان مهماً جداً أن تبدو القصائد جيدة؛ جيدة بالإنكليزية وليس فقط أمينة لأفكاري. ولهذا السبب قد تتحول قصيدة طولها خمسة أبيات بالعبرية إلى قصيدة طولها تسعة أبيات بالإنكليزية بسبب السياق والمجازات والعبارات التي ينبغي هدمها وإعادة رصفها من جديد.
قد تعني الكلمة أو العبارة في العبرية خمسة أشياء مختلفة في الوقت نفسه، لكن في الإنكليزية علينا اللجوء إلى خيارات. لكنه لم يكن يرغب بالخيارات، أراد أن تكون المعاني كلها حاضرة عنده، ولهذا تجد بعض القصائد رائعة جداً، بل أروع، حدّ أني أنظر لها وكأنها قصائد جديدة بالإنكليزية لا أرتبط معها بأية علاقة. ومع أني لا يمكن أن أتيقن من كونها قصائد جيدة أو غير جيدة بالإنكليزية لكني أحبها حينما يقرأها عليّ.
أرغب بالقول بأن شهيد يملك أذناً مذهلة؛ كان يستمع للعبرية ويريد دائما سماع القصيدة. كان يطلب مني أن اكتب له القصيدة بحروف إنكليزية (دون ترجمتها) حتى يتمكن من متابعتي. كان يسمع الوزن ويكرر الإيقاعات. كما يرغب أيضاً برؤية النص العبري وأن يرى كيف تبدو القصيدة على الصفحة، بل مع انه لا يمكنه القراءة بالعبرية كان بمقدوره التعرف على الإيقاعات أو الأوزان والتكرارات؛ بل كان بمقدوره التعرف عليها بصرياً.
هكذا عملنا في امهرست؛ كنا نلتقي كل ثلاثاء في حوالي الساعة الرابعة بعد الدرس لنذهب إلى منزله. كنا نعمل لساعتين ونأكل ونشاهد أفلام هندية قديمة على الفيديو. كان يترجم لي الكلمات والأغاني ونعمل لبعض الوقت. وفي السنة التي كان فيها في يوتاه، زرته في عطلة نهاية الاسبوع وكان العمل مكثفاً جداً.
كان مغموراً جداً بالعمل. لم نغادر الشقة مطلقاً وكان أقرب مكان نصل إليه هو النافذة لنستنشق الهواء ونتطلع في سماء الليل لنخرج بعدها إلى مدينة سولت ليك الجميلة. وتمكنا خلال يومين من إنجاز عشر قصائد، وكان ذلك فوق الخيال.
ـ هل تعتقدين أن معرفتك للإنكليزية صعبّت عليك إطلاق سراح القصيدة؛ بأن تريها مترجمة؟
قبل أن ألتقي شهيداً، ترجم شخصان بعضاً من قصائدي لكني لم أحب ما قاما به. كان الأمر صادماً فقد شعرت أن قصائدي أشبه بإطار سيارة مفرغ من الهواء. كان أحد هذين الشخصين شاعراً؛ لكن فقط كونك شاعراً لا يعني أن بمقدورك ترجمة شعر شخص آخر؛ عليك أن تحس بالقصائد وتشعر بها، وبالأفكار، وباللغة، وبالشاعر. مع أننا، أنا وشهيد، كنا نتجادل أحيانا، لكننا كنا في روح الصداقة ويعتز أحدنا بالاخر دائماً. لقد اجترحنا لنفسينا آصرة قوية جداً. أشعر أني تعلمت الكثير منه. صرت أعرف كيف أن العمل داخل ضوابط رسمية يحررك ويمنح العمق لشعرك؛ انه يجعل عملك يطير بجناحين. وكونك قادر على الكتابة بطريقة منضبطة باستعمال مقاييس تقليدية، يمكنك أيضاً من خلق أشكال شعرية خاصة بك لتحقيق الانسيابية التي تتأتى من إحساسك بوجود نظام ضمني .
ـ لأنكِ ترجمتِ أيضاً بعضاً من قصائد شهيد إلى العبرية، هل كان تعاونك مختلفاً ما دمت تعرفين الإنكليزية؟ كيف تصرفت حيال ذلك؟
شهيد ترجم شعري بالدرجة الأساس، وأنا لم أترجم له كثيراً؛ فالانتقال من العبرية إلى الإنكليزية يتضمن انتقالاً من لغة مضغوطة جداً وموجزة إلى لغة مكتنزة بالكلمات. أما التحرك من الإنكليزية إلى العبرية فيعني العكس: اذ يتوجب عليّ الآن أن أتحرك من الواسع إلى الضيق كي تنكمش اللغة مجدداً، الامر اشبه بقلب أحد كُميّ [القميص] بطناً لظهر. لا شك أن شهيد دفعني لكتابة كل تلك الهوامش له لكني حينما كنت أترجم شعره لم يساعدني في ذلك كثيراً، كان فقط يقول quot;أنا أثق بك، أنا أثق بك، أنا أثق بكquot;. وحينما سألته، ما الذي تعنيه في هذه الجملة؟ كا يرد عليّ quot;ما هو باعتقادك؟quot;. وهكذا كنا نتملص من بعضنا. لكن حينما أكون في ورطة ينبغي عليّ فيها أن انتقي من بين خيارات الكلمات فإني أقول quot;بمقدوري أن أترجمها بتلك الطريقة أو تلك دائما بأن أختار المعنى الأبسط. كان دائماً ما يحب الاستماع إلى الترجمة العبرية، وقد رغب فعلاً بالذهاب إلى إسرائيل لكن من غير المرجح أنه سيتمكن من ذلك الآن. لكن كل شيء ممكن عند شهيد، وحتى لو لم يتمكن من الذهاب فإني سأجعله يتواجد هناك عبر شعره.
التعليقات