ثلاث من سونيتات إلى أورفيـوس
ماريا راينر ريلكه
ترجمة بهجت عباس

أورفيوس في المثولوجيا اليونانية كان أورفيوس، 600 سنة قبل الميلاد، إبن كاليوب Calliope ( إحدى الآلهات التسع ndash; بنات زيوس ndash; كبير الآلهة ) إلهة العلوم والفنون وإبن إيكَروس Oeagrus ملك ثراسيا ( الآن هي بلغاريا ورومانيا وتركيا)، ويقال أيضاً إنه إبن أبولو- إبن زيوس- إله الشعر والموسيقى والرقص والطب وإله النور أيضاً. واستعيرت هذه الأسطورة من الثوراسيين ( الهنود الأوروبيين). كان أورفيوس شاعراً وموسيقاراً كبيراً وكان غناؤه يسحر الحيوانات الوحشية ويحرك الأشجار والحجر. ويعتبر الممثل الرئيس للفنون والقيثارة والغناء.وعندما توفيت زوجته يورودايس Eurodice بعضّة أفعى ، ذهب إلى الدنيا السّـُفـلى التي كانت تحت سيطرة هادس Hades ( ملك الأموات ) وأخ زيوس ليعيدها إلى الحياة مرة أخرى في الدنيا العليا (تحت سيطرة زيوس). وقد فُـتِـن هادس بغنائه فأحيا له يورودايس شرط أن يمشي أمامها ولا ينظر إلى الخلف عندما يصل سطح الأرض. ولكن حالما وصل أورفيوس وزوجته سطح الأرض نظر خلفه فانزلقت زوجته إلى باطن الأرض مرة أخرى وإلى الأبد.
أصبح أورفيوس حزيناً دوماً ولا يُـواسَى واعتزل كل نشاط بشري. وفي أحد الأيام صعد جبلَ بانغايون Pangaion ليحيّيَ ربّه عند الفجر، وتحت شجرة هجمت عليه نساء المينادة Maenadas المخلصات لديونيسوس، إله الخمر والطرب والمرح، بالصخور وأغصان الأشجار، لأنّه لم يبجّـل سيّده السابق ديونيسوس، فلم ينلن منه مأرباً، لأنّ الأغصان والأحجار رفضت أن تضربه لرقّة غنائه، فهو مُحصَّن من كل ّ الأشياء الجماد. ولكنهن أخذن يضربنه بأيديهن فمزقـنه إرباً إرباً ورميْـن رأسه في النهر، فطفا الرأس وأخذ يغنّي والنهر يسير به حتى استقر به المقام في جزر لسبوس Lesbos ( جزر يونانية واقعة في بحر إيجة). إن أورفيوس، كما يقال عنه أيضاً، هو مؤسّس طقوس الديانة الأورفيوسيّـة. وقد كتب ريلكه خمساً وخمسين سوناتا إلى أورفيوس عام 1922 في 18 يوماً.

1, 3

يستطيع إلـهٌ أن يفعل. ولكن، قل لي، كيف
ينبغي على إنسان أن يتبعَه خلالَ القيثارة الضيّـقة؟
عقله منشطـر. عند تقاطع طريقيْ قلبٍ
لا يكون لأبولو معبد قائم هنـاك.

إنَّ أغنيـةً، مثلَ التي تُـعَلِّـمُـها، ليست وَطَـراً،
ليستْ مُساوَمـةً لنيْـل شيء في النهاية;
الأغنيـة هي وجـود، سهـلةٌ للربّ.
ولكن متى نحن موجودون؟ ومتى يُـوجِّـه

الأرضَ والنّجـومَ على وجودنـا؟
إنّها ليس عندما تُحِـبّ ُ، أيّها الفتى، ولـوْ أنَّ
صوتك أرغمَ فاكَ على فتـحه، - تعلّمْ

أنْ تنسى أنّك رفعتَ عقيرتَك بالغناء. هذا يزول.
في الغناء الصّـادق يوجـَدُ نَفَسٌ آخَـرُ.
نَفَسٌ على لا شيءَ. نسيـمُ الرَّبِّ. نسيـمٌ.

1-5

لا تُقـيمـوا نُصْـبـاً تَذكاريّـاً. دعـوا الوردةَ
تُـزهـرُ كلَّ عام لتبجيـلـه.
لأنـّه أورفيـوس. إنَّ استحالتَـه
في هذا وهذا. لا عَـلـيْـنـا أن نُجـهِـدَ

أنفسَـنا بأسماء أخرى. هـو أورفـيوس مـرّةً وأبداً،
عندمـا يكون غـنـاء. إنّه يجيء ويروح.
أإنّه ليس بكثـير عندما يتجـاوز بقـاءَ الورد
في إنائـه بضعـةَ أيام أحيـاناً؟


أوه كيف يجب أن يختـفيَ ليجعلَـكمْ تفهمـون!
وحتى إذا كان نفسه فَـزِعاً أيضاً عندمـا يختفي.
بينمـا تتجاوز كلمتُـه وجودَنـا هنـا.

إنّـهَ هنـاك من قبلُ، من دون أنْ تلاحِـظـوا.
أوتارُ قيثـارتِـه لا تُـوثِـقُ يَـديْـه.
وهْـوَ يطيـعُ في كلِّ ما يتخطّـى.

2- 13
توقَّـعْ كلَّ فـراقٍ أمامـَك، كما لو أنَّه
وراءك، مثلَ الشِّتـاء الذي يمضي حتماً.
حيث تحت الشِّتاءات شتاءٌ لامُـتَـناهٍ،
سُبـاتاً فقط يستطـيع قلـبُـك تَحَمُّـلَـه.

كنْ ميّتـاً دوماً في يوريديس، إرتفـع مُغـنِّـياً،
وارجَـعْ مُطْـرِيـاً في سيمـاءٍ صافيـةٍ.
هنا بين المُتَـوارين، كُـنْ، في ملَـكوت الإنحدار،
كُـنْ القدحَ الرنّـانَ، الذي تكسَّـرَ من رنـيـنه.

كُـنْ ndash; واعْـرِفْ في الوقت عينِـه حالةَ عدمِ وجودِك،
السببَ اللامُـتَـناهيَ لتـأرجُـحِ ذاتِـكَ الدّاخلـيّـة.
التي أنجَـزتَـها كُـلِّـيّـاً هذه المـرّةَ الفـريـدةَ.

ثّـمَّ لتكـونَ مُستَـهـلَـكاً مثلَ المخـزون البلـيد
والصّـامت للطّبيـعة الممتـلـئة، أضِفْ
نَـفْسَـكَ مُبتهجاً إلى كميّـاتها الهائلـة ودَمِّـرِ العَـدَّ.