بغداد:أكد الفنان العراقي عبد الجبار الشرقاوي أن وجوده في سورية لمدة طويلة جعله يتلمس الكثير من الأمور الفنية ويكتشف أسباب تفوق الدراما السورية مقابل بقاء الدراما العراقية في حالها وبالمستوى الذي لا يساعدها على الإنتشار عربيًا، مؤكدًا ضرورة الدعم الذي يجب ان تقدمه الدولة للفن كونه واجهة للبلد ويبرز الوجه الحقيقي لهـ كما يعرّف بحضارته وتقاليده ويشجع على إزدهار السياحة فيه ، مشيرًا الى عدم وجود رعاية مثل هذه للفن في العراق. جاء هذا في الحوار الذي اجريناه معه بعد عودته الى بغداد مؤخرًا.

* تواجدك في سورية صار اكثر منه في بغداد... لماذا ؟
- لأن النشاط الفني في سورية أكثر ازدهارًا بوجود الشركات الفنية والقنوات العراقية المنتجة للدراما، والمجال واسع هناك والاجواء ملائمة للتصوير وتنجز الاعمال من دون عراقيل، كما أن هناك عددًا من الفنانين العراقين موجودون في سورية، إضافة الى أن مستلزمات العمل تتوفر بسهولة اكثر من بغداد .

* ما الاعمال التي اشتغلتها هناك؟
- خلال وجودي في سورية شاركت في عدد من الاعمال ، قسم منها من الموسم الماضي ولم يعرض بعد منها مسلسل مع المخرج حسن حسني (اعلان حالة حب) ومسلسل (ذكرى وطن) مع المخرج السوري ، كما شاركت في مسلسل عنوان (فيروز) اخراج علي ابو سيف ، ومسلسل (شناشيل) تأليف باسل الشبيب واخراج السوري ثامر اسحق الذي سبق ان اخرج مسلسل (الحب والسلام) ، كما ان وجودي في سورية منحني فرصة المشاركة في مسلسلين مدبلجين من التركية الى العراقية لصالح قناة السومرية وهما (روابط عائلية) الذي يعد اول مسلسل مدبلج للهجة العراقية ، والثاني (كارمن) واشترك فيه مجموعة من الفنانين العراقيين والسوريين .

* ما ابرز شخصية مثلتها في هذه الاعمال ؟
- بعض الشخصيات جديدة ولم امثلها من قبل ، ففي مسلسل (فيروز) اؤدي شخصية انسان عاطل عن العمل ويعتمد على الاخرين في تحصيل معيشته ، ومنشغل في احتساء الخمر ، وفي (اعلان حالة حب) اجسد شخصية قيادية في احد الاحزاب (نائب امين عام الحزب) وهذه لاول مرة اشتغلها ، فأنا في الاعمال السابقة لم اظهر وانا ارتدي البدلة وربطة العنق ، بل كنت اظهر في شخصيات ترتدي ازياء بغدادية وريفية وتاريخية ، ومثل هذه الشخصيات الجديدة مختلفة عني جدًا، فيما الشخصيات الاخرى تقترب من سلوكياتي وعمري.

* لماذا التكرار برأيك وعدم الخروج من هذا التصنيف ؟
- دائما تعتمد على المخرج الذي هو صاحب القرار في ان يختار للممثل شخصية نموذجية أو مكررة أو مغايرة لشخصيته الحقيقية، فهذا هو السبب في إختيار المخرجين لي، ويبقى لي ألا أكرر نفسي والشيء المقبول الذي يقدم لي.

* ألم تحاول الحديث مع المخرج حول التجديد في الشخصيات ؟
- ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، أنا احلم ان المخرج يجدني في شخصية في مكان اخر ، لان لديه منظار يمكن ان يحصرني به او يحرجني ، شخصية معينة يراها هو من زاوية ، انا افضل ان اقدم شخصية مغايرة ، ولكن المخرج يضعني في قالب مكرر او انموذج لشخصية مكررة وما باليد حيلة الا ان اقبلها بسبب ظروف الحياة .

* الا يكمن اختيار الشخصية المناسبة ورفضها إن كان على العكس؟
- اعمالنا محدودة ولا اعترض ، فالخيار صعب ، ولا يوجد ممثل عراقي يختار الشخصية لأنه لا يعرف طبيعة النص الذي هو بيد جهة الانتاج ، فليس هنالك جهة تعطي نص العمل الكامل للممثل وتقول له : اختر ، الممثل العراقي لم يعتد هذا ، كما انه لا يجوز هذا كي لايصبح العمل مجموعة غير متجانسة ، المخرج صاحب الاختيار والممثل ليس عليه سوى الاعتذار مع الشخصية التي لا تتلاءم مع ما يتمناه وبالتالي هو الخاسر لعدم وجود كم جيد من الاعمال .

* ما الفائدة التي تشعر ان الدراما العراقية استفادتها من العمل في سورية؟
- من وجهة نظري عندما حصل نوع من التلاقح الفني ما بين الشركات السورية والعراقية من خلال اختيار عدد من الفنيين السوريين كانت النتائج ايجابية ، ومن خلال الاحتكاك توضحت صورة الفنان العراقي بشكل جيد ولا اخفي ان السوريين فوجئوا بقدرة الفنان العراقي كونه مغيباوبعيدا عن الصورة ، وحسب قول السوريين انهم تفاجؤوا بـ (عفاريت) دراما .

* برأيك ما الاسباب التي حالت دون انتشار الفنان العراقي ؟
- الممثل العربي مسلطة عليه الاضواء بشكل واسع ومخدوم اعلاميا ، ثم ان المسؤولين والدولة هيأوا كل السبل لانتشار الفنان السوري ، في حين العراقي بقي مغيبا ، وما وجدنا اي مسؤول عراقي تبوأ مراكز في السلطة يهتم بالفنان العراقي ان لم اقل انه لم يخطر على باله ، فبقي عديم الاهتمام والرعاية ولن تتوفر له سبل النجاح التي من الممكن ان تؤدي الى الانتشار لان المسؤولين ابعد ما يكون عن هذا المجال ، فالمسؤول الواعي يشعر بمدى اهمية الفن والثقافة في البلد ويعمل على تنشيطها كونها مكسبا لبلاده ، المسؤولون السوريون كانوا على مستوى المسؤولية عندما هيأوا كل سبل النجاح للدراما السورية، لذلك بقي الفنان العراقي طاقة كبيرة ومميزة ولكن بعيدًا من الاضواء والاهتمام والاعلام والمسؤولين على عكس الفنان السوري .

* هل وجدت فرقا بين الفنان العراقي ونظيره العربي لصالحه ؟
- لان الفنان العراقي اشتغل في اسوأ الظروف ، فقد صقلته تلك المراحل كونه عمل في ظروف الانتاج السيئة وبأبخس الاجور واصعب الاعمال ، ومع هذا كان ثرا ومعطاء وصادقا بانتمائه الى عمله ومخلص ، وهذه جعلت مشاعر الفنان العراقي متأججة دائما ، ومهيئة لاية شخصية يؤديها مع حرصه على عدم اعادة تصوير مشاهده لذلك فهو يهتم بجوانب الحفظ كونها احدى علامات المهارة ، والتي هي تخدم جهة الانتاج من الناحية الانتاجية بعدم استهلاك اشرطة وتحقيق المنجز في وقت اسرع .

* ما الذي يحتاجه الفن العراقي ليكون منافسا ؟
- يحتاج الى ميزانية كبيرة ، نحن جهة غير مسوقة ، الدراما العراقية كلها ، كونها لا تمتلك هذه الميزانيات اضافة الى عدم وجود رعاية من الدولة لتبني هذا الجانب ، لهذا تظهر اعمالنا بمستويات متعددة ومحلية صرفة ، انظر الى واقع الدراما السورية وما فعلته ،اللهجة السورية منتشرة الان اكثر من المصرية في الشارع العربي ، كما انها عرّفت المواطن العربي على عادات وتقاليد وتاريخ سورية لان احدى وظائف الدراما التعريف بهذه الجوانب ومنها الجانب السياحي الذي بدأت سورية تتفوق على الدراما المصرية صاحبة التاريخ العريق .

* بماذا تتفوق الدراما السورية على سواها ؟
- تتفوق بالتقنيات ، فهم يستخدمون احدثها ، وبالميزانيات الضخمة والدورات التدريبية للكوادر والتصوير في اماكن مختلفة حسب ما تحتاج بيئة المسلسل والاجور المناسبة ، كل هذا دعا الشركات الفنية للتسابق فيما بينها لتقدم الافضل وهي تخدم البلد اولا والفنان ثانيا ، وفي هذه الحالة تصبح الدراما في كفة ووزارة الثقافة في كفة اخرى كونها تسهم في التعريف بالبلد ، لذا فالدراما السورية اصبحت لها هويتها الواضحة.