بعد أيام من مقالتها الأولى عبر الفيس بوك نشرت أمس الفنانة التونسية هند صبري مقالة أخرى لتوضيح حقيقة تأييدها للرئيس المخلوع quot;زين العابدين بن عليquot;.
القاهرة: بعد أيام من مقالتها الأولى quot;من فضلكم لا تطلقوا النارquot; التي كتبتها الفنانة التونسية الشابة هند صبري بصفتها مواطنة تونسية، وممثلة، سفيرة للنوايا الحسنة ضمن برنامج الأمم المتحدة ضد الجوع، طالبت فيها بوقف إطلاق النار على المتظاهرين في تونس قامت هند بكتابة مقالتها الثانية بعنوان quot;سيدي الرئيسquot; ونشرتها مساء أمس عبر صفحتها الشخصية وجاء نص الرسالة كالتالي.
السيد الرئيس
لأننا اليوم في quot;بلد حرquot; ، وأنا استخدم حريتي الجديدة للتعبير لأقول لكم كيف وجدت نفسي ضمن لائحة من 65 الفنانين والمثقفين دعونكم للترشح لمنصب الرئاسة سنة 2014 : في يوم من أغسطس 2010 ،اتصل بي السيد بلحسن الطرابلسي في القاهرة
السيد الطرابلسي :quot; نحن نبني الآن قائمة بأسماء الفنانين الداعين الرئيس لتمثيل نفسه في 2014 ... وانا اعلمك لأنه ليس من المناسب وضع اسمك دون علمكquot; وانتهت المكالمة.
وأنا لن أنسى الخوف الذي انتابني ذلك اليوم، اتصلت به في وقت لاحق. بعد جمع كل قواي، قلت له مع كامل الاحترام و بخوف :quot; quot;لا أريد أن يساء فهمي ، ولكن أود البقاء بعيدة عن ذلك... واعتقد جازمة أن الفنانة يجب أن تظل محايدة إذا... من فضلك ، أريد أن أظل محايدة. أنا لا أمارس السياسة.
السيد الطرابلسي وقد قطع خطابي (تغير ملموس في لهجة) : quot;ماذا؟ أولا فات الأوان وإلى جانب ذلك ما يعني أن تبقى محايدة هل أنت شيوعية؟؟quot;
ـ لا
quot;أنت إسلامية؟ ـquot;
-quot;لاquot; ـ
quot;حسنا ما هي المشكلة...؟quot; ـ
واليكم ، سيدي الرئيس ، كيف وجدت نفسي على لائحة الـ 65 ، لأنني لست الإسلامية ، أو الشيوعية . وأنا أعلم أنني لست الوحيدة.هذا كيف quot;وضعوك في الخطاء quot;.
اشعر بخيبة أمل , لأنني كنت جبانة لأنني لم أقل:quot; لا ، أنا ضد ولاية خامسة. كفىquot;.
في ذلك اليوم, فقدت احترام نفسي كفنانة وباعتباري امرأة قانون خانت الدستور .
لماذا لم أتكلم في وقت سابق؟ كنت جبانة. ودماء الشهداء ذكرتني بذلك وآمل يوما ما سوف يغفر لي.
وأفقدت الآلاف من التونسيين احترام أنفسهم مثلي خلال 23 السنة.
الخوف ، سيدي الرئيس ، كنت على وشك أن ترى اليوم ما يمكن أن يولد.
وقد زينت لك 2 مرات. من دون أي محادثة خاصة معك ، ولا أي طلب لمصالح شخصية . كنت دائما محايدة و بعيدة عن أي اتجاه سياسي. معتقدة بصدق أن هذه الزينة كانت مستحقة بكوني ممثلة للجمهورية التونسية في العالم العربي. كان يستحق أن يكون ممثلا للجمهورية التونسية في العالم العربي. كنت ساذجة، و دفعت بكرامتي واحترامي لنفسي .
أمس ، في خطابكم ، لقد رفضت في عام 2014 نيابة عنك بشكر تلك التي طلبتها منك، لا شكر لي فأنا لم أطلبها منكم .
هند صبري
كنت أخشى على عائلتي في تونس
وكانت الرسالة الأولى التي أطلقتها هند قد وجه إليها الكثير من الانتقادات بسبب توقيعها علي بيان تأييد ترشيح الرئيس التونسي السابق زين العابدين بين علي لفترة جديدة عام 2014 وهو الموقف الذي وضحته هند في المقال الجديد.
الجدير بالذكر أن هند لا ترد على هاتفها الجوال مطلقا منذ بداية الأحداث حيث كانت قد انتهت من تصوير فيلمها الجديد quot;أسماءquot; ومنذ ذلك الوقت ولم يستطع أحد التواصل معها.
وننشر فيما يلي أيضاً نص رسالتها الأولى : quot;من فضلكم لا تطلقوا النارquot;
نحن تونسيون فى الخارج ، نعيش ملتصقين أمام شاشات التلفاز منذ عدة أيام ، نشاهد المأساة العنيفة التى يعيشها أخواننا ، منهم المنتحرين و الشهداء من جراءالرصاصات الحقيقية التى يطلقها أفراد الشرطة أو الجيش.
لا تطلقوا النار
شباب و خريجون ، نحن نتفهم تماما الحيرة التى يشعر بها أخواننا الذين يضحون تضحيات كبيرة للحصول على شهـادة بالرغم من ظروف معيشية و لا يجدون الا المقاهى ليمضوا فيها أيامهم ، يشعرون بالخجل من عجزهم و الارتباك امام مصيرهم المجهول.
لا تطلقوا النار
فى كل مرة نعود فيها الى الوطن ، نلاحظ ازدياد فقر الطبقات المتوسطة التى كانت و لزمن طويل ، الطبقة التونسية المتميزة ، و ظهور طبقة quot; الأغنياء الجددquot; الطبقة التى تزهو بحساباتها البنكية على حساب الانجاز الأكاديمى . كما اننا نلاحظ اتساع الهوة بين الطبقات ، مما يؤدى الى انتشار شعور المرارة و اليأس و البحث عن الخروج الى أماكن أخرى تتيح الفرصة أمام الحراك الاجتماعى.
لا تطلقوا النار
يصعب علينا ، ان نفهم ، انه وبعد مرور 50 عام على الاستقلال الذى دفعنا فيه الغالى و النفيس ، فى ظل عصر العولمة ، لا يزال يتم التعامل مع خيرة أجيال العالم العربى ، و أفريقيا باعتبارهم غير راشدين ، بل و لا يسمح لهم بالتعاطى مع ما هو متاح من وسائل الاعلام و تبادل المعلومات و كأنهم فى زمن غير الزمن.
المعاهدة كانت واضحة ، ان يغلق الشعب أعينه عن نقص الحريات الممنوحة له و الموافقة على الرقابة المفروضة عليه فى مقابل حياة كريمة و نمط استهلاكى متاح و مكاسب اجتماعية راسخة و نمو اقتصادى غير مسبوق ، يعطينا نحن الشعب التونسى فى المهجر اسبابا للتفاخر حيثما نكون.
و لكن ، و بالرغم ان الشباب يدرك ان النمو الاقتصادى و الاجتماعى لا يطال الجميع الا انه يأمل و يطالب بقليل من المساواة فى توزيع الثروة و يفصح عن رغبته فى احترامه و الاستماع اليه كثيرا.
لا تطلقوا النار
هناك الكثير من المدن التونسية التى تشعر انها خارج اطار النمو و خارج بؤرة اهتمام الاعلام .
فهؤلاء الشباب الذين باتوا لا يؤمنون بشىء ، لا فى التعليم و لا فى قيم التضامن الاجتماعى ، يحتاجون الى من يتحدث اليهم الى من يفهمهم و يلقى الضوء عليهم ، لا أن نطلق النار عليهم.
لا تطلقوا النار
لا خلاف حول ان العنف و تدمير المنشآت العامة أو الخاصة و التى شاهدناها خلال الأيام السابقة لا يمكن الاشادة بهم كما ان تلك الوسائل العنيفة لن تحل المشكلة من جذورها.
من المؤكد ان لا أحد يمكن ان يستحو ذ على خطاب الوطنية ، كما ان الاتهامات المتبادلة بالخيانة لن تفيد الا فى اتساع الشقاق و البعد عن الاحتياجات الفعلية لوطننا. فنحن جميعا تونسيون حتى رجال الشرطة الذين أطلقوا النار وهم قلوبهـم دامية.
لا يجوز ايضا ان نتغاضى او نتناسى عن الانجازات التى حققتها تونس بالرغم من هذه الأوضاع المؤسفة. فوضع تونس استثنائى فى المنطقة ، فيما يتعلق بأوضاع المرأة ، و ارتفاع نسبة المتعلمين من ال طلاب, تنظيم الأسرة, بالاضافة الى التقنيات المعلوماتية ( بدون سخرية) ، تبنى قضايا البيئة و وجود لنمو اقتصادى حقيقى و الأمن و البنى التحتية.
كل تلك المكتسبات ، التى نفتخر بها جميعا، النظام التونسى هو الذى اطلقها كمبادرات أوسهـر على حمايتها.لكن لا يراهـا كل التونسيون
لا تطلقوا النار
كل ما ينقصنا ، هو الحوار الحقيقى ، بدون خوف.
ينقصنا المزيد من الحرية ، فبفضل التعليم الذى وفره النظام يمكننا اذا ان نستخدمه خير استخدام . يجب ان يكون هناك المزيد من الثقة فى هذا الشعب الذكى ، و المزيد من العدل و اعادة توزيع الثروات ، و هى مهمة سهلة حيث تتوافر الثروات.
لا تطلقوا النار
أكتب هذه المقالة و الخوف يعترينى ، الخوف من ان أفهم خطأ ، الخوف من أن تتعرض أسرتى فى تونس للمضايقة، الخوف من عدم قدرتى على العودة . و ذلك على الرغم انه لا يوجد شىء فى هذه المقالة يشير الى ما يسىء الى الوطن ، بل على العكس فهذه بادرة حب للوطن الأكبر ، وطننا ، دون حقد و بكل الاحترام و المنطق. بادرة يحلم بها الملايين من الشباب . و لهذا لما أخاف؟
هذا الخوف يعرفه الشعب التونسى عز المعرفة و قد آن الأوان أن نقول له جميعا وداعا حتى نتمكن من التقدم نحو تونس أفضل و أكبر فى قامة شعبها.
هند صبرى
مواطنة تونسية
ممثلة
سفيرة للنوايا الحسنة برنامج الأمم المتحدة ضد الجوع
التعليقات