مرَّت قبل أيَّام الذكرى الحادية والأربعين لتأسيس الفرقة القوميَّة للفنون الشَّعبيَّة العراقيَّة، الَّتي تأسَّست في الأوَّل من آذار من العام 1971، وهي الفرقة الوحيدة الَّتي تمارس الرقص الشَّعبي الفلكلوري، وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي مرت بها الا انها كانت تنهض بعد كل كبوة لتؤدي اعمالها بما يرسم الدهشة على وجوه المشاهدين.


بغداد: اكد الفنان فؤاد ذنون مدير الفرقة القومية للفنون الشعبية ان هذه الفرقة اصبح عمرها 41 عامًا، وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي عانت منها خلال مسيرتها الطويلة الا انها كانت تكبو وتنهض لتقدم التراث العراقي بالشكل اللائق وبما يسعد الاخرين ويزرع البهجة في نفوسهم.

وقال فؤاد في حوارنا معه: quot;نحن الآن بصدد انجاز لوحات فلكلورية من كل مناطق العراق لتقديمها ضمن موسمنا الفني الجديد لعام 2012، لكن بسبب الترميمات الحاصلة على خشبة المسرح الوطني ارتأينا ان نقدم هذه اللوحات في عيد تأسيس الفرقة القومية للتمثيل لنحتفل بالفرقتين معًاquot;.

كيف تبلورت فكرة هذه الفرقة ومتى ؟
كانت هنالك فرقة الرشيد التي تأسست عام 1966، وكانت تعتمد على الفطرة وليس هناك خبراء ولا اكاديميين حتى يرتقون بفرقة الرشيد، فأرتأت الدولة ان تلغي فرقة الرشيد وتؤسس فرقة جديدة اسمها (الفرقة القومية للفنون الشعبية) عام 1971، وتم استقطاب الخبيرة قمر خانم من اذربيجان، بدأت لمدة سنة تهيىء الفرقة فكريًا وعضليًا ولوجستيًا وتدريبيًا، ثم قدمت عرضًا في 1972 في الموسم الفني، ثم تعاقب الخبراء عليها مثل ارشيديان ومستر كيم وماناتولي وخبراء لبنانيين، ثم اصبحت للمدربين العراقيين خبرة بعد ان ذهبوا إلى خارج العراق في مشاهدات ليستلموا زمام الامور وبدأوا يصممون اللوحات، ومثلما يقال (اهل مكة ادرى بشعابها)، فنحن نعرف تراثنا وفلكلورنا ونعرف ماذا نقدم، فالخبراء الاجانب كانوا يقدمون لوحات اكاديمية اكثر ما هي تتميز بالمسحة الفلكلورية، وما زلنا مستمرين بعطائنا الى هذه اللحظة ولدينا مشاركات كثيرة داخل العراق وخارجه على الرغم من الظروف التي مرت بالفرقة والكبوات والحروب والحصار، وكلما تكبو الفرقة نعيد رونقها باستقطاب عناصر جديدة على الرغم من قلة الرواتب والدعم المحدود لها، وكنا نتمنى من الحكومة ان ترتقي برواتب اعضاء الفرقة لانها تمثل التراث والفلكلور والعادات والتقاليد لاجدادنا.

ما ابرز المحطات للفرقة طوال سنواتها ؟
عندما نالت الجائزة الاولى في مهرجان quot;كريجنتوquot; في صقلية - جنوب ايطاليا، وهي جائزة هرقل الذهبية التي هي عبارة عن ذهب، اضافة الى تميزها عام 1974 بمشاركتها في مهرجان (بوركاس) في بلغاريا، وتم الاعتراف بها كفرقة عالمية، فضلاً عن العديد من الجوائز في مراحل مختلفة.

من يصمم للفرقة لوحاتها الراقصة ؟
انا والفنانة هناء عبدالله .

من اين تستقون افكاركم ؟
بعد المسوحات الميدانية التي قمنا بها في مناطق العراق كافة وتعرفنا على عادات وتقاليد اجدادنا وابائنا فيها، اصبحت لدينا خبرة وفكرة كافية عن تقاليد المناطق من جنوب وشمال ووسط وشرق وغرب بأزيائها وموسيقاها وتقاليدها، كما نستوحي لوحاتنا من الالعاب الشعبية، فنضع لها فكرة وسيناريو ونقدمها بشكل ممسرح ومبلور جميل للمتلقي .

ما ابرز ما تعانيه الفرقة ؟
العوز المادي، قلة الرواتب، فليس من المعقول ان بنتًا في الفرقة او شابًا ينتمون الى الفرقة ويتقاضون راتب قدره (250) الف دينار عراقي (اي ما يعادل 200 دولار) شهريًا، وانا اعتبر أن استمرارية هؤلاء مع الفرقة انجاز كبير لنا، لان من غير المعقول في ظل الظروف الصعبة والنظرة الدونية للفن في العراق وخصوصًا الفن الشعبي، نعاني من تخصيصات وزارة الثقافة لنا كدائرة السينما والمسرح التي نعمل ضمنها، ونحن ليس لدينا ميزانية خاصة كي نجدد ازياءنا ونجدد اعمالنا بشكل اكبر، وهذا العوز يعيق عملنا كثيرًا، فنحن لدينا في الفرقة اعضاء على ملاك وزارة الثقافة واعضاء يرتبطون معنا بعقود، فالذين على الملاك الدائم اكثرهم اعمارهم متقدمة ومنهم من احيل على التقاعد او غادر الى عمل اخر، اما العقود فهم يتقاضون رواتب قليلة وكانت لدينا فكرة تعيينهم ولكن الى الان ننتظر، وقد كتبت انا شخصيًا للسيد وزير الثقافة سعدون الدليمي واهتم بالموضوع ولكن الامانة العامة لمجلس الوزراء الغت الفكرة كون الموازنة العامة لا تساعد على ذلك، وهذا تبرير غير مقنع، فهل يؤثر على الموازنة لو اعطوا اعضاء الفرقة راتبا قدره (500) دينار، بينما مجلس النواب يريد شراء سيارات مصفحة ورواتب السياسيين والبرلمانيين بالملايين فيما الفنان العراقي يعاني من قلة الرواتب ومن مشاكل التمويل الذاتي وغيره .

من اين تستقطبون راقصيكم وراقصاتكم ؟
من الوسط الفني نفسه، لان استقطابهم من خارج الوسط صعب جدًا، وخصوصًا النساء، فأغلب بنات الفرقة هن من المجال الفني لدائرة السينما والمسرح، اي ان امهاتهن يعملن في دائرة السينما والمسرح اما خياطات او اداريات او في الاكسسوار، كما ان عملنا متعب ومضني وتمارين مستمرة ولياقة بدنية ودوام يومي لان عملنا يعتمد على اللياقة، وليس كل انسان يستطيع ممارسته للصعوبة فيه وان كان ممتعًا جدًا وفيه امتيازات السفر والمشاركات الخارجية.

لماذا لم تبرز وجوه معروفة مثلما برزت انت والفنانة هناء ؟
هناك ظروف كثيرة وراء هذا مثل نظرة المجتمع اولاً، سابقًا في سنة 1970 و1971 كانت نظرة المجتمع متطورة اكثر من الان، بسبب التيارات الدينية والعشائرية والقبلية، هذه كلها اثرت على الثقافة والفن، في السابق كان المجتمع ينظر باحترام للفنان والفنانة وعضو الفرقة، لذلك كان هناك نجوم وهناك منافسة حقيقية، اما الان فالاحباطات كثيرة بسبب نظرة المجتمع، فصار من الصعب ان يبرز ويشتهر.

من خلال اطلاعك على الفرق الشعبية في الوطن العربي والاقليم، اين تقع الفرقة في قائمة الترتيب ؟
بحيادية، الفرقة تمثل رسالة وهي الفلكلور العراقي وتمثل العراق وسفيرة للعراق، واعضاء الفرقة حينما يقدمون يشعرون بقيمة كبيرة لان الاعجاب بهممنقطع النظير حتىأن الجمهور يطلب منهم تواقيعهم والتقاط الصور التذكارية معهم، وحتى السفراء يعبرون عن سرورهم وفخرهم بما تقدمهم لاسيما ان اعمالنا ملتزمة وفيها قيمة من حيث الازياء والحركات والتقاليد .

اكثر ما تحتاجه الفرقة حتى تكون نموذجية فعلاً ؟
صدقني، لو يرتقون برواتبهم لاستطعنا ان نستقطب عناصر جديدة ونعمل ورشات عمل ونرتقي باعمالنا، العوز المادي مهم ومهم جدًا، لان الفلوس تذلل كل الصعاب .

ما اكثر رقصة مطلوبة خارج العراق ؟
اللوحات التراثية وكذلك اوبريت المصالحة الوطنية خصوصًا من العراقيين الذين يبكون ويفرحون حينما يشاهدونه وهذا حتى داخل العراق، ويحدث نوع من الشجن عند المتلقين .

ما الجديد لديكم ؟
لدينا نحو سبع لوحات وهي الزبيدية، ومرح البنات، والسقا،وام العباية، والدفوف، ولوحة من الموصل هي اللوحة المصلاوية .

اي طموحات مستقبلية لديكم ؟
عندي طموح كبير لان هذه الفرقة لها تاريخ طويل ولابد ان تحافظ عليه، كل اعضائها غادروا بسبب العوز المادي والهجر والسفر، لدي طموح ان ارتقي بها اكثر في عروضها وتصميم لوحات جديدة واوبريتات جديدة، وهمي الوحيدة هي الفرقة هذه.