كان العام المنقضي مميزًا بالنسبة لشبكة الفيس بوك، لكن هذه الشبكة الاجتماعية تواجه حاليًا سلسلة تحديات من ضمنها مشكلة الحفاظ على معدلات النمو في مواجهة التدخلات الحكومية، بخاصة مع اقتراب اعداد مستخدميها إلى 500 مليون، وهذا التطور يشكل ركيزة أساسية وهامة لطموحات المواقع التجارية. ومع هذا، فقد ثبت أن توسع الموقع بصورة سريعة في الأسواق الناشئة هو سلاح ذو حدين، بسبب صغر المبلغ الذي يتم تحقيقه وصعوبة الحصول عليه.

القاهرة: في تقرير مطول لها تحت عنوان quot; لما كان عام 2009 عام الفيس بوك ؟quot;، تعد صحيفة quot;الغارديانquot; البريطانية تقريرا تحليليا مطولا، تلفت فيه إلى أن العام المنقضي كان عاما مميزا بالنسبة لشبكة الفيس بوك، حيث عززت من موقعها كأكثر شبكات التواصل الاجتماعي تفضيلا بين المستخدمين، إضافة لوصولها إلى أعلى معدلات الربحية ونجاحها في بسط نفوذها.

ثم تمضي الصحيفة في حديثها عن ذلك العام الاستثنائي للفيس بوك، لتنقل عن مجموعة من الخبراء تأكيدهم على أن الشبكة تواجه الآن سلسلة من التحديات ndash; من ضمنها مشكلة الحفاظ على معدلات النمو في مواجهة التدخلات الحكومية، مع اقتراب أعداد مستخدميه إلى الخمسمائة مليون.

ومرورا بحديثها عن زيادة أعداد المستخدمين، ثم الصعوبة الكبرى التي تواجهها الشبكة في آلية التعامل مع خصوصيتهم، تنقل الصحيفة عن جوستين سميث، الذي يمتلك موقعا إلكترونيا يعني بمراقبة ايجابيات ونكسات الشبكة على مدار أربعة أعوام، قوله :quot; لقد كان عام 2009 عاما مثيرا للاهتمام - ففي الوقت الذي شهد فيه الفيس بوك خلال 2009 حالة كبيرة من النمو، سوف ننتظر لنرى كيف سيتمكن القائمون على الموقع من التعامل مع هذا النموquot;.

وفي السياق ذاته، تلفت الصحيفة لما أعلنه مؤسس الموقع، مارك زوكربيرغ، في كانون الثاني/ يناير الماضي، عن أن عدد مستخدمي الموقع قد وصل إلى 150 مليون مستخدم في جميع أنحاء العالم، وبعد مرور أقل من العام، تضاعف هذا الرقم، وبات يزور الموقع أكثر من 350 مليون مستخدم شهريا.

ونظرا لوجود كميات كبيرة من المعلومات الشخصية على السيرفرات الخاصة بالفيس بوك، بات يتعرض الموقع لحملات تدقيق متزايدة من جانب الحكومات والجماعات المنوطة بشن حملات ذات توجهات مختلفة. وتلفت الصحيفة كذلك إلى أن الشبكة أنفقت مطلع هذا العام مبلغا قدره 9.5 مليون دولار ( 5.9 مليون إسترليني ) لتسوية نزاع قانوني متعلق بإحدى النظم الإعلانية التي تم إطلاقها عام 2007، كما أقدمت الشهر الماضي على إحداث سلسلة من التغييرات التي أحدثت جدلا حول أمن وخصوصية المعلومات الخاصة بملايين المستخدمين.

وقد تسببت تلك التغييرات في إثارة غضب الجماعات المنوطة بالمحافظة على خصوصية المستخدمين، ووصفوها بـ quot;المعيبةquot; و quot;القبيحةquot;، كما قُدِم بحقها شكوى رسمية إلى المنظم الأميركي.

ومن منطلق حرصها على مكافحة مثل هذه التهديدات في المستقبل، قامت إدارة الفيس بوك على مدار العام المنقضي باستئجار فريق من أعضاء جماعات الضغط في واشنطن وبروكسل للحصول على الدعم في قضيتها التي تخوضها ضد السياسيين. وتمضي الصحيفة لتشير إلى أن الشركة المالكة للموقع تمكنت في الوقت ذاته أيضا من الارتقاء لأعلى معدلات النجاح في كثير من البلدان وأنها إذ تسعى الآن للتوسع في ميادين وأفاق أكثر اتساعا.

وفي هذا الشـأن، تبرز الصحيفة قيام مجموعة quot;ديجيتال سكاي تكنولوجيزquot; ومقرها موسكو، مطلع هذا العام، باستثمار ما يزيد عن 200 مليون دولار في الفيس بوك، من منطلق رغبتها في تحويل الموقع إلى أكثر شبكات التواصل الاجتماعي استخداما في روسيا وأوروبا الشرقية. وفي آب/ أغسطس الماضي، قال خافيير أوليفان، المدير المسؤول عن الشؤون الدولية بالفيس بوك، إن الشركة تبذل مزيدا من الجهد في أماكن من بينها، البرازيل والهند واندونيسيا.

وتضيف الصحيفة أن مثل هذا النمو يمثل ركيزة أساسية وهامة لطموحات الموقع التجارية، لافتة إلى أنه بدأ يستفد ماديا من وراء الجماهيرية التي نجح في تحقيقها بفضل البرامج الإعلانية المغرية، وحملات العلامات التجارية التي طُوِّرت مع الشبكات التلفزية الكبرى، والامتيازات الموسيقية والسينمائية، ومبيعات السلع الافتراضية. ومع هذا، فقد ثبت أن توسع الموقع بصورة سريعة في الأسواق الناشئة هي سلاح ذو حدين، بسبب صغر المبلغ الذي يتم تحقيقه وصعوبة الحصول عليه.

وهنا، يعاود سميث ليقول :quot; تحاط إستراتيجية تحقيق الأرباح في أماكن عدة حول العالم بمجموعة تحديات، في ظل عدم وجود مثل هذا السوق الإعلاني الضخم، أو امتلاك الأشخاص لقدر أقل من الدخل المتاحquot;. ومن بين باقي التحديات التي تواجهها الشبكة، تلفت الصحيفة إلى ضرورة شعورها بالقلق إزاء طريقة التعامل مع موظفيها أثناء القيام بهذا التوسع السريع.

وفي النهاية، تحذر الصحيفة من خطر تعرض الفيس بوك مستقبلا لأي انتكاسة يكون من شأنها أن تقوده إلى حافة الهاوية، مثلما سبق وأن حدث مع شركة AOL الأميركية لخدمات الانترنت، التي كانت تعد واحدة من أقوى الشركات في العالم بقيمة مادية ضخمة مكنتها من إبرام صفقة اندماج قيمتها 162 مليار دولار مع مجموعة تايم وارنر الإعلامية العملاقة، حيث تعمل الشركة الآن - بعد مرور عشرة أعوام على صراعها الخاص بتفعيل الصفقة - كشركة إنترنت تقدر بأقل من 3 مليار دولار.

ويختم سميث في نهاية حديثه بالقول: quot; في أي وقت تصل من خلاله إلى النقطة التي تتحدث فيها عن ما وجود ما يقرب من 300، 400، أو 500 مليون مستخدم، فإنك تكون قد بدأت في التعامل مع بعض المؤسسات العالمية الكبرى، كما بدأت السير على درب التحول لتكون ذو صلة بالحكومات والسياسيين ومجموعة متنوعة من المصالح حول العالمquot;.