تتسبب معامل الطوب المصري بتلوث خطير للبيئة يحاصر من يروم الهرب من وسط المدينة نحو الاطراف.
فتحي الشيخ من القاهرة:على جانبي النهر وحتى المصب وعلى امتداد 1520 كيلو متر (طوله في مصر) تظهر أعمدة اشبه بالمسلات الفرعونية وهي أشد طولا وقسوة أيضا،حيث يخرج منها دخان أسود اللون ليغطي على لون السماء الزرقاء، ولان صناعة الطوب في مصر قديمة قدم الحياة على أرض مصر حيث كلمة طوب نفسها ذات أصل هيروغليفي، ومما يذكر أن الحكومة في مصر القديمة كانت تحتكر صناعة الطوب وكانت قوالب الطوب تحمل خاتم الدولة أو أحد المعابد في ذلك الوقت، وكان المصريين يصنعوا الطوب من الطمي المتبقي في المجاري المائية بعد الفيضان، لذلك اتسمت صناعة الطوب بقربها من المجاري المائية في مصر كانها تمدها بالحياة في حين تمد هذه المسلات(مداخن قمائن الطوب) كل انواع الحياة حولها بالموت في صورة اكاسيد مميتة ونواتج احتراق تاكل في طريقها صور الحياة المختلفة.
اعتاد علي الزيني، من مدينة اطفيح جنوب القاهرة، الاستيقاظ كل يوم على رائحة الدخان الناتج عن مدخنة قمينة الطوب الموجودة بالقرب من منزله .طوال ثلاثين عام مضت لم يهتم الزيني بوجودها، ولكنه الان يشعر انها سوف تدمر حياته، فهو أب لطفل يبلغ أربع سنوات يدعى، يعانى من حساسية فى الصدر وأصيب بنزلة شعبية، ويقول والده: laquo;أبني أصبح مريض دائما..تقريبا نذهب للطبيب مرة كل شهر، ورزقت في الايام الاخيرة بطفلة صغيرة اخشي عليها ان يحدث لها مثل اخيها وقد اخبرني الطبيب ان دخان مصنع الطوب هو سبب مرض ابني، تقريبا اغلب اطفال سكان المنطقة المحيطة بمصنع الطوب تهددهم الامراض الصدريةوهو ما يؤكده أحمد محمود طبيب امراض صدرية موجود بالمنطقة.
يبلغ عدد مصانع الطوب في مصر ما يزيد عن 750 مصنع تستخدم في حرق الطوب خيث تصل درجة الحرارة بها إلى 1500 درجة مئوية. وهنا تبرز المشاكل البيئية كما يؤكد سميح عبد القادر استاذ تلوث الهواء بالمركز القومي للبحوث قائلا:quot; تستخدم اغلب قمائن الطوب في مصر المازوت كوقود في عملية الاحتراق مما ينتج العديد من المواد الضارة بالانسان والنبات، بداية من ثاني وثالث اكسيد الكبريت نتيجة وجود الكبريت في المازوت نفسه وفي خام الطفلة المصنوع منه الطوب ومع وجود نسبة من الرطوبة او بخار الماء يتحول ثاني اكسيد الكبريت إلى ثالث اكسيد الكبريت الذي يتحول بسهولة إلى حمض الكبريتيك والذي ينتشر في شكل رذاذ في الهواء،وكذلك اكاسيد النيتروجين التي تتحول الي حمض نتريك مسببة ما يعرف بالامطار الحمضية،هذا بخلاف الرصاص، والهيدروكربونات وما ينتج عن الدخان من حبيبات دقيقة تمثل خطورة خاصة في امراض الصدر،وهذا ما تشير إليه دراسة صادرة عن كلية العلوم جامعة الزقازيق عن الاثر البيئي لقمائن الطوب، حيث اكدت الدراسة انها تسبب الإصابة بالعديد من الأمراض الربوية والالتهابات الشعبية والحساسية الصدرية والأطفال هم اكثرتأثرا قبل الكبار وخاصة المعرضين في وقت مبكر للحساسية والنزلات الشعبية، وكذلك بالنسبة للنبات حيث تتجمع الجسيمات الدقيقة على اوراق النبات لتسد المسام وبالتالي لا يقوم النبات بعملية التمثيل الضوئي ويجف النبات ويموت، ويظهر مدي خطورة هذا القمائن إذا علمنا ان القمينة الواحد تستخدم 4طن مازوت في اليوم وبالتالي نواتج الاحتراق المنبعثة من حرق 3الآف طن مازوت يوميا يكون لها تأثير خطيرعلى للبيئة.
هذه الاسباب هي التي دعت عضو مجلس الشعب المصري الدكتور اكرم الشاعر ليتقدم بطلب احاطة حول طريقة عمل هذه القمائن قائلا: quot; انها تستخدم مواد في الاحتراق تخرج عند حرق ادخنة واكاسيد تسبب السرطان للانسان، وأكد الشاعر إلى ضرور إلى استخدم مواد بديلة في عملية الاحتراق، ونبه كذلك إلى أن قمائن الطوب في مصر تقع في الكتلة السكنية دائما وبالتالي تكون خطورتها اشد، ولذلك دعي النائب الحكومة المصرية إلى وضع قواعد لتنظيم وجود القمائن بين المناطق السكنية، و إحكام الرقابة على تطبيق القوانين واللوائح المعمول بها في المجالات المختلفة واستخدام الوسائل العلمية الحديثة في المجالات المتعددة الاقل ضررا بالبيئة والانسان.
كانت وزارة البيئة المصرية قامت منذ عدة سنوات بتطوير عدد (50) مصنعا من مصانع الطوب الطفلي بمنطقة عرب أبو ساعد الصف جنوب العاصمة المصرية القاهرة، لخفض نسبة التلوث وتحسين البيئة فى القاهرة، من خلال خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، وكانت تكلفة المرحلة الأولى من المشروع بلغت حوالى 45 مليون جنيه، تحمل منها قطاع البترول 16 مليون جنيه قيمة تكاليف مكونات المشروع، من إنشاء محطة الضغط الرئيسية وتركيب المنظمات وإنشاء الشبكة الأرضية. كما قدمت الوكالة الكندية للتنمية الدولية منحة قدرها 21 مليون جنيه والباقى تحمله أصحاب مصانع قمائن الطوب، وهو ما يعلق عليه علي موسي رئيس شعبة مواد البناء ورئيس غرفة تجارة القاهرة بقوله : هذا عدد غير كافي، لابد من مساعدة الدولة لمصانع الطوب للتحول إلي استخدام الغاز الطبيعي بدلا من المازوت حماية للبيئة ولاعتبارات الصحة العامة والحد من التلوثrlm;،rlm; وإن تقدم الدولة تسهيلات كبيرة لأصحاب المصانع والورش في تركيب الغاز الطبيعيrlm;،rlm; لخفض تكلفة التحويل مع استعداد أصحاب هذه المصانع لدفع تكلفة الغاز بالأسعار التجارية العادية، ولكن هذا ما يرد عليه مصدر بوزارة البيئة المصرية قائلا : ان هذا يتوقف على خطة الدولة في تزويد مصانع الطوب بالغاز وهناك خطة بالفعل لتوصيل الغاز الطبيعي للصناعات المختلفة بالصعيد والذي يحتوي اكبر عدد مصانع الطوب، وحتي تنفيذ هذه الخطة تقوم وزارة البيئة دائما بحملات تفتيشية على قمائن الطوب وتغلق اي قمينة تري ان فيها خطورة على البيئة .
التعليقات