تشونبوري (تايلاند) : يخوض فريق من الغواصين مهمة شاقة قبالة السواحل التايلاندية لسحب أكوام من شباك الصيد المرمية في المياه، في مبادرة ترمي لحماية الحياة البحرية والمساعدة أيضا في مكافحة فيروس كورونا.

وتشكّل "الشباك الخفيّة" المرمية من شركات عاملة في قطاع صيد الأسماك المربح في البلاد، مصدرا فتاكا لتلوث البلاستيك، إذ تأتي على السلاحف البحرية وتقتحم القاع الحساس للشعاب المرجانية.

وتقول إينغبات باكتشاراتشاكول من مؤسسة العدالة البيئية ومقرها لندن إن هذه الشباك إذا تُركت بلا رقابة "قد تظل في المياه لعقود، وقد تصبح فخاً للحيوانات البحرية أو طعاماً لها".

وكانت إينغبات تتحدث لوكالة فرانس برس أخيراً خلال رحلة على متن قارب قبالة ساحل مقاطعة تشونبوري، حيث قطع فريق مكوّن من أكثر من 30 غواصاً خيوط الشباك العنيدة التي تحيط بالشعاب المرجانية على عمق 27 متراً أسفل السفينة.

إعادة تدوير الشباك

وهي عضو في مشروع "نت فري سيز" (بحار خالية من الشباك) الذي يسحب أفراده الشباك المستعملة ويحولونها إلى منتجات بلاستيكية جديدة باتت تُستخدم لتلبية الطلب المتزايد على معدات الحماية مثل دروع الوجه للحماية من فيروس كورونا.

ويهدف المشروع إلى إثبات أن حماية الكائنات البحرية يمكن أن تكون مجدية تجاريا في تايلاند، أحد أكبر منتجي نفايات المحيطات في العالم.

وتأتي المبادرة أيضا إثر تزايد الاحتجاج المحلي على الآثار الفتاكة للبلاستيك على الحياة البحرية.

وفي أحد الأمثلة الشائنة، جُرفت صغيرة حيوان بحري من جنس الأطوم تُدعى "مريم" في المياه الضحلة قبل عامين وقضت لاحقاً بسبب إصابة ناجمة عن تناولها مخلفات بلاستيكية.

وأثار ذلك موجة حزن بين التايلانديين الذين أمضوا أشهراً في مشاهدة بث مباشر على الإنترنت لعمال إنقاذ يحاولون إغاثة الحيوان البحري الصغير.

وكانت "مريم" من بين ما يقرب من عشرين حيوانا من الأجناس البحرية الكبيرة يعثر عليه نافقا أو مصابا على شواطئ تايلاند كل عام، وفق شاتوراثيب خوينثاونغ مدير وكالة إدارة المنتزهات البحرية في المملكة.

وهو يقول "أكثر من 70 في المئة من هذه الحيوانات أصيبت جراء الشباك الخفية التي ألحقت إصابات بالغة في جسمها"، مشيرا إلى أن "فرصة نجاتها تقل عن 10 في المئة بعدما تعلق في هذه الشباك".

وتمكنت شبكة "نت فري سيز" من سحب 15 طناً من نفايات مياه البحر في عامها الأول.

ويمثل ذلك جزءا صغيرا من 640 ألف طن من معدات الصيد المفقودة والمهملة التي تقول منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إنها تجد طريقها إلى المحيطات سنويا. غير أن المشروع لقي دعما قويا من مجتمعات الصيد المحلية.

مشروع يستفيد منه الجميع

ويقول سومبورن بانتوماس، وهو صياد في مدينة رايونغ الساحلية "إنه وضع يربح فيه الجميع"، إذ "يحصل مجتمع الصيد على مصدر آخر للدخل، مع الحفاظ على نظافة الشاطئ والبحر، كما يجد الصيادون من يمنحهم حسا من الزمالة".

هذا الرجل البالغ 59 عاما هو واحد من 700 شخص في مجتمعات الصيد في كل أنحاء تايلاند يبيعون الشباك البالية لهذا المشروع.

وكان من السهل إقناع سومبورن بالمشاركة، إذ كان يدرك حجم التلوث البحري في المياه قبالة رايونغ فهو يقول إن شباكه غالبا ما تجمع مخلفات بلاستيكية أكثر من الأسماك الفعلية.

ويوضح لوكالة فرانس برس "كلما جمعت المزيد من النفايات من البحر، ازدادت كمية الأسماك التي يمكن اصطيادها".

وتُرسل الشباك المجمعة لغسلها وتمزيقها وخلطها مع مواد بلاستيكية أخرى مهملة، ثم صهرها في "كوالي ديزاين"، وهي شركة صغيرة تصنع الأدوات المنزلية من البضائع المعاد تدويرها.

وتستخدم الشركة الشباك لصنع دروع للوجه، وزجاجات لمحلولات التعقيم الكحولية، وفواصل بين الطاولات تُستخدم في مطاعم بانكوك منذ بداية الوباء.

وأكثر المنتجات رواجا كانت عصي دفع بلاستيكية تسمح للناس بالضغط على أزرار المصعد أو شاشات اللمس العامة مثل أجهزة الصراف الآلي من دون المخاطرة بالعدوى.

ويقول مدير التسويق في الشركة ثوسفول سوباميثيكولوات لوكالة فرانس برس إن الشباك هي أكثر المواد تعقيدا وأغلاها ثمنا لناحية صعوبة العمل مقارنة بالمواد الأخرى. ويوضح "لكننا نستعين بها لأننا نريد إنقاذ المحيط".