بروكسل: استعرض الاتحاد الأوروبي في اجتماع الأربعاء مجموعة إجراءات للتخفيف من حدة أزمة الطاقة التي تهدد بزيادة فواتير المستهلكين الأوروبيين.

تواجه المفوضية الأوروبية ضغوطا للتعامل مع الأزمة الطارئة، وإن كانت حكومات الاتحاد الأوروبي مسؤولة بشكل منفصل عن مصادر الطاقة في دولها والضرائب ذات الصلة.

وقالت مفوضة شؤون الطاقة في الاتحاد الأوروبي كادري سيمسون لدى كشفها عن المقترحات إن "قلق (المستهلكين) مفهوم ومبرر".

وأضافت "الشتاء قادم وبالنسبة لكثيرين، باتت فواتير الكهرباء أعلى مما كنت عليه على مدى عقد. شهدنا ارتفاعا في أسعار الغاز على مستوى العالم مدفوعا خصوصا بالطلب في آسيا".

ويعود ارتفاع أسعار الطاقة بشكل رئيسي إلى العودة القوية للنشاط الاقتصادي في أعقاب تداعيات كوفيد.

تضاعفت أسعار الجملة للغاز الطبيعي، المؤشر الأساسي للاستهلاك الإجمالي وأسعار الطاقة الصناعية، بأكثر من ثلاث مرات هذا العام في أوروبا، فيما انخفض المخزون بشكل كبير قبيل الشتاء. كما ارتفعت أسعار النفط والفحم.

ويتّهم بعض المسؤولين الأوروبيين روسيا، أهم مصدر للغاز الذي يستورده التكتل، بـ"الابتزاز" عبر الحد من الإمدادات في محاولة لإجبار ألمانيا على تشغيل خط أنابيب "نورد ستريم2" الذي يعبر البلطيق ويتجنّب الأراضي الأوكرانية.

لكن موسكو تشدد على أنها "شريك يمكن الاعتماد عليه" وعلى أهمية الاتفاق على عقود جديدة لزيادة شحنات الغاز الطبيعي إلى أوروبا".

وشدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال منتدى للطاقة عقد في موسكو على أنه "من المهم للغاية.. اقتراح آلية بعيدة الأمد لإعادة الاستقرار لسوق الطاقة" في ظل ما وصفه بأنه "وضع صعب".

وستتصدر مسألة الطاقة أعمال قمة قادة الاتحاد الأوروبي المرتقبة الأسبوع المقبل.

ومن بين الخيارات التي عرضت الأربعاء لمواجهة ارتفاع الأسعار بشكل فوري تقديم دفعات طارئة (على شكل قسائم طاقة مثلا) للعائلات الأفقر.

كما سيُسمح للمستهلكين تأجيل دفع الفواتير فيما يمكن خفض أو إلغاء الضرائب والرسوم التي تمثّل أكثر من ثلث قيمة الفواتير، وفق المفوضية.

لكنها شددت على ضرورة أن تكون هذه المقترحات "موقتة" و"حددة الأهداف".

وأما المقترحات التي عرضت للأمد المتوسط فكانت أقل وضوحا.

وركّزت على زيادة الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة والشبكات الشاملة لأوروبا، وهي إجراءات تم طرحها بالفعل في وقت يستعد الاتحاد الأوروبي لتحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2050.

ورفضت سيمسون بشدة الانتقادات من قبل جهات في الاتحاد الأوروبي، أبرزها المجر، بأن ارتفاع أسعار الطاقة هو نتيجة ارتفاع التكاليف المرتبطة بالتحول إلى مصادر الطاقة النظيفة.

وقالت "لا نواجه ارتفاعا في أسعار الطاقة بسبب سياستنا حيال قضية المناخ أو لأن الطاقة المتجددة مكلفة. نواجهها لأن أسعار الوقود الأحفوري ترتفع".

كما لفتت إلى أن عائدات برنامج انبعاثات الكربون الذي وضعه الاتحاد الأوروبي ارتفعت منذ تباطؤ العام الماضي وباتت متاحة لتمويل التدابير قصيرة الأمد الرامية للتخفيف من حدة أزمة الطاقة.

وقالت "نحض الدول الأعضاء على استخدام هذا الدخل الإضافي للتعامل مع التداعيات الاجتماعية لارتفاع أسعار الطاقة عند الحاجة".

ولم يُدرج مقترح من فرنسا، التي تنتج الجزء الأكبر من طاقتها عبر محطات نووية، بقطع الرابط بين سعري الغاز والكهرباء، على قائمة مقترحات المفوضية.

واكتفت المفوضية بالإشارة إلى أنه يمكن النظر في "الفوائد المحتملة وتصميم" فكرة تقدّمت بها إسبانيا بأن يقوم الاتحاد الأوروبي بعمليات شراء مشتركة للغاز.

لكن دولا أخرى بينها ألمانيا وهولندا حذّرت من اتّخاذ "إجراءات متشددة" للتعامل مع وضع يعد موقتا.

وأفاد محللان لدى مركز "برويغل" للأبحاث بأنه لا يمكن للاتحاد الأوروبي القيام بالكثير لزيادة الإمدادات بالنسبة لمشكلة الطاقة قصيرة الأمد.

وقال الباحثان سيمون تاغليابيترا وجورج زاكمان في منشور على موقع المركز إن "الأمر الوحيد الذي يمكن لأوروبا القيام به سريعا لتجنّب شتاء يرجّح أن يكون صعبا هو الترويج بشكل نشط للحفاظ على الطاقة في القطاعين السكني والصناعي".

وأفادا أنه بالنسبة للعائلات سيشمل ذلك "إطفاء الأنوار وإغلاق الستائر وتقليص مدة الاستحمام بالمياه الساخنة"، فيما يمكن للمصنّعين تقليص الإنتاج أو التفكير في إغلاق أبوابهم موقتا".