وصفت العديد من وسائل الإعلام الأوربية تصريحات افيجدور ليبرمان وزير خارجية إسرائيل التى قالها منذ عدة أيام في حق سوريا بأنها متجاوزة للحدود والأعراف.. وقال بعض المسئولين السياسيين أنها تمثل تدخلاً سافراً عفا عليه الزمن في شأن دولة ذات سيادة.. وعلق احدهم على مقولة ان حرب اسرائيل القادمة لن تقف عند حدود الهزيمة بل ستفقد الرئيس بشار الأسد سلطاته بأنها بلا مضمون أو مغزي..
هذا التصعيد الإسرائيلي الإعلامي الذي بدأ في الرابع من الشهر الحالي بمناسبة المناورات التى أجرتها دولة الإحتلال فوق أرض الجولان السورية، ليس له ما يبرره إلا الرغبة في تعطيل خطوات التقارب التى بدأت في الأفق بين دمشق وواشنطن والتى شهدت عدد من الخطوات الإيجابية كان أخرها وأكثرها دلالة - بعد سلسلة من التفاهمات غير الصاخبة - اختيار البيت الأبيض للسفير الأمريكي جديد لدي سوريا..
إسرائيل لا ترحب بهذا التقارب وتري أنه لا يصب في مصلحتها بالرغم من محاولات التهدئة التى دأب عليها نتنياهو طوال الأيام التى تلت الصورة القبيحة الفجة التى رسمها وزير خارجيته لحكومته وإستعداداتها لإشعال المنطقة حرباً بلا هوادة.. خاصة بعد أن وردت إلي تل أبيب أكثر من رسالة تؤكد أن سوريا راغبة في التأسيس لسلام حقيقي قائم علي الأمن والأستقرار في المنطقة كلها، كان آخرها علي لسان فيليب ماريني المبعوث الفرنسي الخاص إلي بيروت..
في صحيفة يديعوت ( 7 فبراير ) حرص إيتان هابر علي تذكير ساسة إسرائيل بأن التشدد حيال مصر وما كانت تبعث به من رسائل سلام، لم يوقف مساعيها لاستعادة أرض سيناء بعد أن ظلت يدها ممدودة بالسلام فترة طويلة.. ويقول لو إستمعت جولدا مائير لإقتراح السادات بسحب قواتها لما تكبدنا مقتل 2600 جندي وضابط، لأننا في النهاية إستجبنا لكافة ما كان مطلوباً منا قبل حرب يوم الغفران 73عام quot; وبدلاً من ان نجعل سيناء مقبرة للجيش المصري، صارت مذبحة لنا quot;..
ويتساءل إيتان لماذا نعلن عن إشعال حرب ستدفعنا حتماً للبحث عن قتلانا في الجولان، إذا كنا سنسلم في النهاية بمطالبهم؟؟ ويجيب quot; لأننا نفتقد إلي الفعل السياسي المتعقل ونسير وراء الحماسة التي تؤكد أن الغبي هو وحده الذي لا يتعلم من التاريخ quot;..
وفي نفس اليوم كتب تسفي بارئيل في صحيفة هآرتس أن الجلبة الدورية التى صاحبت تصريحات ليبرمان الفجة إنفضت ولم يبق سوي المسرحية الإعلامية quot; الهزلية quot;، لأن ليبرمان قادر علي quot; الثرثرة والإستخفاف quot; التى تؤكد أن إسرائيل غير راغبة في عقد سلام مع سوريا quot;.. هذا بينما المجتمع الإسرائيلي غير مقتنع بأن سوريا التى تحافظ علي حدودها مع إسرائيل هادئة منذ عشرات السنين quot; تحولت فجأة إلي مصدر للتهديد يجب ان يوقف عند حده قبل ان يتفاقم quot;..
ويطالب الكاتب بدلاً من التهديد بالسحق وإزالة الأنظمة بالتنسيق مع سوريا التي أصبح لها بعد إقليمي quot; له وزنه quot; عبر تركيا وايران وحزب الله وحماس، والتى لهذا السبب إستطاعت أن تقنع الإدارة الأمريكية بجدوي التصالح معها quot; وفق مجموعة من المصالح السياسية والإقتصادية والمعلوماتية المشتركة quot;.. بعد أن رسخت في ضوء سلسلة من المفاوضات المتأنية مع أوربا quot; أنها بوابة شرق أوسطية لا يمكن أغفال قدراتها quot;، طالب أن تعيد إسرائيل النظر إلي مصالحها هي الأخري مع دمشق بمنظار بعيد عن quot; مفاهيم الحرب التى تهز كتفيها إستهزاءاً لكل فرصة سلام تعرض عليها quot;..
أما عاموس جلبوع فقال في اليوم التالي ( 8 فبراير ) بذات الصحفية أن التوتر الوهمي مع سوريا يعكس محاولة من جانب وزير الدفاع لدفع رئيس الوزراء لأجراء تسوية مع السوريين quot; تبحث نفس القضايا التى كانت مطروحة بين الجانبين منذ 15 عام quot;.. رد عليها وزير الخارجية السوري وليد المعلم بحنكة سياسية حين أكد أن quot; المفاوضات السلمية يجب أن تؤدي إلي إستعادة هضبة الجولان quot;..
ويستغرب الكاتب أن يثير هذا القول حفيظة وزير الخارجية الذي لا يُصدق أن الكثير من المدن الإسرائيلية ستتضرر بسبب قيام الحرب بين الطرفين، وبدلاً من أن يتعامل مع الحقائق بشكل عقلاني، يعمد إلي الإسأءة بالاشارة أن الحرب ستنتهي بسقوط حكم الرئيس بشار الأسد وعائلته..
ويلتقط موشيه أرنس الخيط ويؤكد في هآرتس ( 8 فبراير ) أن التراشق بالكلمات والتهديد بإزالة النظم الحاكمة quot; لا يمثل قوة ردع quot; يمكن أن تحدث التخويف المبتغي، خاصة بعد ثبوت مصداقية إعتماد دمشق في تصريحاتها علي ألآف الصواريخ الباليستية التى تقول تقارير أجهزة المخابرات الأروبية أنها أصبحت تحت يدها..
ويضيف أن توزيع الكمامات الواقية ضد الأسلحة غير التقليدية علي أبناء الشعب الإسرائيلي لا يعني توفير الحماية الكافية لهم ضد مخاطر حرب قادمة quot; لأن سوريا لن تقف مكتوفة الأيدي في حالة الهجوم عليها quot;..
وبسبب صرخة المحلل السياسي اوري هايتنر العالية في صحيفة إسرائيل اليوم ( 7 فبراير ) بعدم التنازل عن الجولان لأن سوريا غير قادرة منذ سنوات طويلة علي تحريك مسيرة سلام تدفع اسرائيل للإنسحاب من الجولان، لذلك يؤكد أن مصلحة إسرائيل في إبقاء الوضع علي ما هو عليه منذ 36 عام quot; لأن سوريا ستحافظ علي الواقع فوق الأرض طالما بقيت إسرائيل جالسة فوق الهضبة quot;.. نراه يرفض دعاوي السلام التى تطرحها غالبية وسائل الاعلام في بلده ويؤكدها معظم المراقبون في اوربا، مفضلاً عليها بقاء قوات بلده المسلحة التى تحتل هضبة الجولان السورية في مكانها quot; لأن في ذلك ضمان لأمنها طالما أن سوريا لم تتقدم بما يتوافق وإملاءات السلام الإسرائيلية quot;..
ونحن نتسائل بدورنا هل المطلوب من الشعب المُحتل ان ييسير للقوات المسلحة الغاصبة لحقوقة البقاء جاثمة فوق أرضه إلي الأبد؟؟ هل المطلوب عدم التسلح بما يهدد وجودها وحياة مدنييها أن هي أعلنت حرب ظالمة وعنصرية ضده بغية استمرار الوضع علي ما هو عليه؟؟..
يجيب شالوم يروشالمي في صحيفة معاريف ( 8 فبراير ) قائلاً أن كلا القيادتين السياسيتين في تل أبيب ودمشق quot; عالقتين علي المستوي السياسي، فكلاهما لا يريد الحرب ولكنهما غير قادرين علي تقديم تنازلات لذلك يستعيضان عنها بالتهديد quot;..
يقول شالوم أن الحرب السورية / الإسرائيلية إذا وقعت فسينفذها حزب الله لصالح الطرفين وستكون نتيجتها مقتل مئات من الجنود وألآف من المدنيين، فهل المجتمع الإسرائيلي علي حد قوله قادر علي خوض تجربة أخري مماثلة لحرب 2006؟؟..
ويرد الكاتب ضمن مجموعة من المعارضين للإستفزازات التى يفتح لها وزير خارجية إسرائيل أبواب الجحيم quot; إذا كان السلام يوفر لنا القوة العسكرية ويوقف قتل أبناءنا بلا هدف حقيقي، فلماذا لا نبدأ أولي خطواته؟؟ quot;.
bull;استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]
التعليقات