الاستاذ غالب الشابندر معروف لدى العراقيين بالمثقف الاسلامي الموسوعي، ولكن حينما تقرأ مقالاته السياسية تشعر بالصدمة، فهي لاترقى الى مستوى كتاباته الفكرية وتجعلك تتساءل: هل يصلح كل مثقف لكتابة المقالة السياسية؟

على سبيل المثال مقالته الأخيرة المنشورة في إيلاف بشأن الاعتراض السعودي على تنصيب المالكي رئيسا للوزراء.. من يقرأها يشعر بالغرابة والحيرة، فأولا من حيث المبدأ الشابندر لم يرفض التدخل الخارجي في شؤون العراق، بل دعا السعودية الى التحاور مع المالكي بشأن تسهيل عملية تشكيل الحكومة العراقية، وكان الأجدر به كمواطن عراقي ان يرفض كافة اشكال التدخل الخارجي سواء كان سعوديا أم إيرانيا كموقف وطني من الضروري تثبيته حتى لو كانت هناك استحالة منع هذا التدخل الخارجي القائم حالياً.

وثانيا: أستغرب بشدة من افتراض الشابندر ان الأحزاب الشيعية احزابا مستقلة وتمتلك الأرادة السياسية القادرة على الدخول في حوار مع دول الجوار، ولو كان صاحب هذا الأقتراح الموجه الى السعودية بضرورة التحاور مع المالكي مواطنا من موزنبيق أو جزر القمر... لعذرناه وقلنا انه ليس لديه المعلومات الكافية، ولكن الشابندر عراقي شيعي واحد عناصر حزب الدعوة سابقا ويدرك جيدا وتفصيليا ان عدا من الأحزاب الشيعية والمرجعية في العراق من يتحكم في حركتها وقراراتها هي إيران، وبالتالي فلا أحد منهم يستطيع الحركة والتصرف المستقل إلا بأوامر إيرانية، فهل كان يقصد الشابندر بأن تتحاور السعودية مع إيران عن طريق المالكي؟.. طبعا نفس الشيء يقال عن الساسة السنة وارتباطاتهم بالدول العربية والاحزاب الكردية وارتباطاتها الدولية، فهذه التنظيمات ليست مستقلة وهي تناور في علاقاتها وتقدم خدماتها لمن يمنحها موطيء قدم ونفوذ اكبر في العراق.

وحتى لايكون كلامنا من غير دليل.. أُذكر بتصريح النائب ومستشار المالكي المقرب سامي العسكري حينما صرح بأن نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي ذهب الى إيران واقترح عليها إسقاط حكومة المالكي ولكنها رفضت، ماذا يعني هذا الكلام؟.. معناه ان ايران هي من ينصب رئيس الوزراء للعراق، وانها تتحكم به بشكل مطلق، وان الانتخابات وشعارات الديمقراطية مجرد تظاهرة اعلامية وثرثرة فارغة للضحك على الشعب وديكور فاقع امام الرأي العام الدولي!

واحيانا يصدمك الشابندر بتأييده لتدخل السيستاني في شؤون العراق السياسية ويتناسى ان السيستاني مهاجر ايراني ولايحق له دستوريا التدخل في أمور تخص العراق مثلما يرفض بلده إيران تدخل العراقيين في شؤونه، وحينما كان الشابندر يعيش في إيران كانت تمنع قوانينها العراقيين من العمل وتملك العقارات والزواج من الإيرانيات، رغم ان آلاف العراقيين الشيعة حملوا السلاح وقاتلوا الى جانب الجيش الإيراني ضد العراق وخانوا وطنهم وقتلوا أبناء شعبهم، مثلما خان قسم من ابناء طائفة السنة وطنهم وتحالفوا مع القاعدة والمخابرات السورية وشاركوا في جرائم المفخخات والقتل في العراق!

يقيناً ليس كل مثقف قادر على كتابة المقالة السياسية، ويبدو ان مواهب وقدرات الاستاذ الشابندر تبرز في المجالات الفكرية وتحقيق التراث الديني أكثر من غيرها، هذا في حال اعتبرنا ان مقالاته السياسية كانت بريئة من القصدية ومحاولة توصيل رسائل معينة للقراء أو الى جهة ما.
[email protected]