لا يسمح لي وقتي بمتابعة مباريات مونديال كأس العالم لكرة القدم، ولكن هذا لايعني بأني لا أتابع ولم أتابع الأخبار التي تتعلق بهذا الحدث العالمي سواء النتائج الرياضية منها أو التبعات الاجتماعية أو...الخ.

حيث انني أسمع هنا وهناك بأن العلاقات الزوجية تمر بمرحلة توتر وبرودة وربما في بعض الاحيان بمرحلة هدوء ما قبل العاصفة وقد بدأت العاصفة فعلاً داخل حرم بعض العوائل.

شد انتباهي تقرير سمعته من اذاعة BBC البريطانية حول العلاقات الزوجية في العالم أجمع، حيث تمر هذه العلاقات بمرحلة خطيرة منذ بدء أزمة المونديال، وإن نسبة الشكاوي المقدمة من قبل الزوجات على ازواجهن بدأت مؤشراتها في صعود ملحوظ وخطير، والسبب هو ان المونديال أحتل قلوب وأفكار وشعور وأحاسيس رجالات العالم شرقاً وغرباً ودون تمييز.

الأزواج لديهم مبرراتهم المنطقية وهي ان المونديال لاتتكرر سوى كل أربع سنوات ولهم الحق بمتابعة مباراياتها جميعاً وقد يحصلون على شهر (اجازة زوجية) خلال هذه السنوات الاربعة اي مدة استمرار المونديال.

الزوجات يقلن بأنهن أصبحن أرامل المونديال وإن ازواجهن تركهن كلياً بل وصلت الحال في بعض المناطق الى حدوث مشاكل وحالات الطلاق بين الأزواج بسبب تبعات المونديال وبدأ عش الزوجية تنهار في عدد من العوائل والسبب هو المونديال.

في مجتمعاتنا الشرقية عادة الرجال هم اصحاب القرار وهو الآمر والناهي والمسيطر وكلمته تمشي ولا تُناقَش، ولكن الرجال ليسوا قوامين على النساء في المونديال، رغم ان لكل فئة أو شريحة هناك يوم أو أسبوع له، بل حتى الاموات لهم يومهم في السنة، ولكن الرجال العظماء ليسوا بعظماء امام زوجاتهم، حيث حكى لي أحد أصدقائي قبل بدء المونديال بأنه يتوقع حدوث المشاكل العائلية خلال شهر المونديال وتمنى ان يمر عليه الشهر مرور الكرام..
سألته لماذا؟


فقال: لأن أوقات عرض المسلسلات التركية المدبلجة التي تتابعها زوجته وبناته تتزامن مع أوقات عرض المباريات، وتمنى لو كانت المباريات تقام في احدى دول امريكا اللاتينية أو شرق آسيا لكي تُجرى المباريات بعد منتصف الليل أو الصباح الباكر حسب توقيتنا، ولكن لاتأتي الرياح بما تشتهي السفن، حيث تجري المباريات في دولة يتزامن توقيته مع توقيت منطقتنا تماماً، ولم يجده نفعا وضع جهاز تلفزيون آخر في المطبخ، حيث ان التبريد في مطبخ بيتهم ضعيف أو معدوم، وصديقي هو الأقلية بين الأكثرية التي تُحكم دائماً في العوائل الديمقراطية.

لذا تنبأتُ أيضا بحدوث مشاكل وقلاقل حيث إن الأقلية لا تخضع دائماً لحكم الأغلبية حتى في الدول الديمقراطية، وبالفعل لات ساعة الحسم ودقت طبول الحرب ورفعت الأعلام الحمر والبطاقات الصفراء والحمراء وكسرت الأواني والمرايا.. وكنت أنا ضمن لجنة المساعي الحميدة بل صاحب المبادرة التي أقنعت الجميع بأن صديقي المظلوم عليه أن يذهب الى المقاهي والكازينوهات أو الحدائق العامة التي تعرض فيها المباريات على شاشات كبيرة لمشاهدة مبارياته التي يحلم بها منذ أربع سنوات، فرغم قناعتي بأن هذا الحل هو تخدير موضعي مؤقت سوف تتراكم تبعاتها الى ما بعد المونديال، فذهبت الى زوجة صديقي لكي أجد حلاً آخر لمشكلتهما ولكنني تفاجأت بأنها قالت لي: (لا أقبل بأن أكون لمدة شهر كامل أرملة المونديال...).

فعدتُ أدراجي وقلتُ: دع المارد نائماً الى ما بعد المونديال.

-

*رئيس تحرير PUKmedia
[email protected]