بليت بعض بلدان الشرق الأوسط الملتهب من حولنا بأمراض جنون العظمة والوهم والفصام، الذي يجعل ما تقوم به حكوماتهم الواهمة المريضة مناقض ومغاير بشكل جوهري لما يجري على أرض الواقع، ولا يتطابق مع ما يتمناه أو يؤمن به عامة الشعب. وقد كانت نتائج هذا الفصام دوما كارثية بدليل ما آلت إليه نتائج بعض حروب تلك البلدان (المضحكة).


ففي مصر (النكسة) كان الإعلام الحكومي (السعيدي) الكاذب يندد بالعدو الإسرائيلي، ويحقره، ويسحقه، ويرميه في البحر عنوة، ويشعل طائراته كفراشات الليل. بينما كانت كتائب الجيش الثالث المنكوب في الواقع محاصرة بالموت والعطش في أرض التيه (سيناء)، وكانت مطارات مصر تتحول إلى مقابر جماعية!.


وفي بغداد كان الإعلام الحكومي الصحافي الكاذب يصف لنا كيف أن (العجلوج) قد قتلوا وشردوا وتقهقروا وهزموا شر هزيمة، وأن طائرات (الأباتشي) كانت تصطاد ببنادق (الرش)!. بينما كانت (بغداد الخلافة) في الواقع تسقط عنوة شر سقوط، وتعاني أقسى هزيمة.

ولا يستطيع المنطق ولا العقل تبرير ذلك العبط الذي لا طائل من ورائه، إلا بتشخيص الإصابة بمرض (الفصام) الذي أعيا من يداويه.
فتنتهي الحروب، أو قل النكسات، وتتضح الكارثة، ولا تملك الشعوب السلبية المغرر بها إلا أن تتحسر، وتنعى حظها، وتلعن اليوم الذي صدقت فيه عبط وخبل وفصام حكوماتها.


ومما لا شك فيه أن هذا الفصام واللوثة يظهر لنا جليا في الوقت الحالي في وضع دولة (إيران)، التي تدعي حكومتها الحالية العظمة والصلابة والتماسك، والقوة، وتدلل على ذلك بقدرتها على نشر الرعب والخوف في جميع أنحاء المناطق من حولها. فهي تتدخل وبوضوح وقوة فيما يحدث في الشارع العراقي، وتهدد إسرائيل (بحزب الله)، وهي تهدد دول الخليج والسعودية بالتغرير (بالحوثيين)، وهي ترعب دول الخليج من خلال احتلالها لجزر الأمارات، وهي تهدد بإغلاق ممرات الخليج التجارية، وهي تهدد بامتلاك القنبلة الذرية، وتدعم في الخفاء ما تقوم به القاعدة في جميع أنحاء العالم. وعلى الجانب الأخر للفصام، نجدها على الصعيد الداخلي تتحطم وتشتعل وتنتثر. فالشارع الشعبي غير راضي عما يتم في أروقة السلطة المختلة. وتتعالى صرخات الإصلاحيين وأنشطتهم الثورية في محاولة منهم لكي لا يكون مصير (طهران) كمصير من سبقوها من الدول، التي أصيبت بجنون العظمة واللوثة والفصام.


وتحاول الحكومة أن تظهر بأن ذلك الخلاف بسيط ويتم تناوله بطرق حضارية ديمقراطية، وأنه لا يمكن أن يؤثر على وحدة الصف الخارجية، ولا على قوة البلد المتضعضعة في مواجهة العالم بأسره!.


والمتابع لهذا البلد يجد أنه بلد منكوب وأن شبابه يهربون منه قدر استطاعتهم، فالاستقرار لم يكن سمة لهذا البلد ولا لشعبه على مدى الأربعة قرون الماضية. فبعد أن حوربت مملكة (الشاهنشاه) وثار عليها الشارع، رغم ما كان لها من مميزات في حينه، لم يلبث أن أدخل الشعب في جنح الولاية (الخمينية) المظلمة، الذي أعادت الشارع عشرات السنين إلى الوراء. ومن ثم دخلت البلد في حرب استنزاف طويلة مريعة مع جارتها العراقية، ولم يغمض لها جفن، ولم تشعر بالإستقرار ولا بالأمان من يومها وحتى يومنا هذا.
والشعب الإيراني كغيره من الشعوب الأخرى، يأمل في الحصول على الرخاء، والإستقرار، وأن يتمكن من بناء نفسه داخليا، والوصول إلى وفرة متطلبات الحياة الكريمة من معاش ودواء وتعليم وصحة وأمن، وإلى الحريات الفكرية والشخصية.
ولكن، وللأسف أنه دوما شعب محبط لا يستقر له إستقرار، ولا يسلم من تداعيات أمراض الفصام المتعددة، التي تصيب حكوماته، وتجعلها تغرد دوما خارج سرب الشعب، وبنشاز.


والخوف كل الخوف، أن تستمر الحكومة الإيرانية في عبثها، وأن لا يتمكن الإصلاحيين من إعادة الدفة إلى العقل والتعقل.
وأن تصبح (طهران) خرابه وبؤرة إرهاب أخرى كالصومال وأفغانستان.
تلك هي المأساة، وتلك هي الرؤية المستقبلية للشعب المغلوب على أمره. نتمنى من قلوبنا أن لا تحدث للجارة المشاركة لنا في المصير.