قال بلزاك :quot; العبقرية هي الحدس والباقي ليس سوى موهبةquot; كان هذا في مجال الأدب ويمكن تطبيقه على العلم
اللغز الضوئي والموجي في مبادئ ميكانيك الكم أو الكوانتا:
الفيزياء والكيمياء الحديثتين خضعتا لهيمنة الميكانيك الكوانتي meacute;canique quantique لفترة تزيد على القرن. وبدت صعوبة فيزياء الكونتا واللامتناهي في الصغر تزيد بكثير على ما اشتهر من صعوبة نظرية النسبية وقد صرح العالم الشهير ريشارد فينمان Richard Feynman :quot; لا يوجد أحد في هذا العالم يفهم الميكانيك الكوانتي تماماًquot;.
ولدت نظرية الكم أو نظرية الكوانتا، والمعروفة بفيزياء الكم، مع بزوغ القرن العشرين، في سنة 1900، في أعقاب أعمال ماكس بلانك وهكذا، ثبت أنه وفقاً لنظرية الكم لماكس بلانك، فإن كل تبادل للطاقة بين أي جسيمات يتم من خلال نقل كميات محدودة من الطاقة. ويقال عن ذلك أن فعل تبادلات الطاقة يكون كمومياً quantifieacute;s، وذلك في سياق محاولات فهم المادة والذرة والطبيعة في بداية القرن العشرين. وفي سنة 1911 اكتشف إرنيست روثيرفورد Ernest Rutherford نواة الذرة واكتشف أنها هي التي تتحمل الجزء الأكبر من كتلة الذرة وفيها شحنة كهربائية إيجابية، ومن ثم اقترح أول نموذج لنظام الذرة باعتبارها نظام شمسي مصغر. وفي نفس العام وصل العالم الدانماركي الشاب آنذاك نيلز بور Niels Bohr إلى مانشستر للعمل مع روثيرفورد وبعد أن تأكد روثيرفورد أن القوة التي تمسك بالكواكب في دورانها حول الشمس المعروفة بإسم الثقالة أو الجاذبية ليست هي نفس القوة التي تمسك بالإلكترونات أثناء دورانها حول نواة الذرة، وإنها قوة تسمى الكهرومغناطيسية eacute;lectromagneacute;tique. في تلك الأثناء برق في ذهن نيلز بور Niels Bohr حدس ملهم وهو أنه، على المستوى الميكروسكوبي microscopique للذرات، لا يمكن تطبيق القوانين التي تحدث عنها ماكسويل Maxwell لأنها تصلح للتطبيق على المستوى الماكروسكوبي macroscopique أي النظام الشمسي. واقتنع نيلز بور بضرورة إكتشاف قوانين أخرى صالحة للمستوى ما دون الذري. بعبارة أخرى اقتنع بور أن الإلكترونات تدور حول النواة بدون أن تفقد طاقتها.

إن جوهر فيزياء الميكانيك الكوانتي يتلخص بعنصرين أصليين : الأول هو أنه في مستوى اللامتناهي في الصغر يكون الجسيم الأولي particule ذو طبيعة مزدوجة موجية وجزيئية أي أنه في نفس الوقت جسيم particule وموجة onde وهذا ينطبيق على الإلكترون والفوتون وباقي الجسيمات بل وحتى على الذرة نفسها، والثاني هو أن القوانين التي تدير الموجة الجسيم أو الجسيم الموجة هي قوانين إحتمالية probabilistes. المشكلة الحقيقية بين فيزياء اللامتناهي في الصغر وفيزياء اللامتناهي في الكبر تكمن في كيفية الانتقال من المستوى الميكروسكوبي إلى المستوى الماكروسكوبي واستحالة الجمع بين هاتين النظريتين. واستمرت الجهود والمحاولات خلال الربع الأول من القرن العشرين إلى بداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين بلا طائل، ومع ذلك حدثت إضافة جوهرية تمثلت بمعادلة شرودينغير Lrsquo;eacute;quation de Schrouml;dinger وما أحاط بها من إكسسوارات نظرية لتصبح بديلاً عن فرضيات بور les hypothegrave;ses de Bohr وقد لقيت معادلة شرودينغير ترحيباً من جانب الفيزيائيين. ثم توالت التجارب المختبرية لتثبت صحة أطروحات شرودينغير، وثبت أن الميكانيك الموجي la meacute;canique ondulatoire ينطبق على مجمل العالم اللامتناهي في الصغر بموجب الثنائية الموجية الجسيمية.
وقد أظهر إيكارت Eckart وديراك Dirac وشرودينغير Schrouml;dinger نفسه أن ميكانيك الماتريس لهايزنبيرغ drsquo;Heisenberg meacute;canique des matrices والميكانيكا الموجية meacute;canique ondulatoire للعالم الفرنسي لويس دي بروجلي Louis de Broglie، متعادلان ومتساويان ومكملان لبعضهما، ومن تزاوجهما نشأ الميكانيك الكمومي أو الكوانتي meacute;canique quantique. ومما زاد من الصعوبة المفاهيمية في العالم الكوانتي تقديم هايزنبيرغ مبدأ اللايقين أو اللاحتمية principe drsquo;incertitude الذي يقول: لايمكننا معرفة موضع وسرعة جسيم بدقة متناهية في وقت واحد وهنا تأتي معادلة شرودينيغر لتساعدنا في الحساب لأنها تحسب لنا كثافة إحتمالية الحضور la densiteacute; de probabiliteacute; de preacute;sence حتى لو كان الجسيم هنا وهناك في آن واحد. وهو ما أسميناه بتفسير مدرسة كوبنهاغن interpreacute;tation de Copenhague الذي يقول أن العالم إحتمالي في ذاته le monde est intrinsegrave;quement probabiliste.

إن معادلة بلانك hv = E كانت سابقة لميكانيكا الكم وهي الأساس الذي بنيت عليه هذه النظرية، وكانت كذلك جزءاً من النظرية الكلاسيكية والتي ربطت بين الذرة والبصريات optique Lrsquo;atome et Lrsquo;. وقد تعرضت ميكانيكا الكم، التي درست لمدة أربعين عاما، لانتقادات جادة من قبل كثير من العلماء، وخصوصا منذ تأسيسها على يد آرنيفست Ehrenfest وأشدها كانت معارضة آينشتاين Einstein لها، فعلى النقيض من الانتقادات التي وجهت للنظرية النسبية فإن تلك التي وجهت لميكانيك الكوانتا أو الكم لم تضعف بمرور الوقت. ومن الواضح أننا لا يمكن أن ننكر مساهمة النزعة الشكلية الكمومية أو الكوانتية Le formalisme quantique في خلق هذه الثغرات التي شابت مفاصل ميكانيك الكم أو الكوانتا، ولكن كيف لنا أن نستغرب من الغياب الفعلي للعلاقة بين هذه الشكلية والمبادئ التي وضعتها مدرسة كوبنهاغن l'Ecole de Copenhague؟

الشكلية الكمومية أو الكوانتية Le formalisme quantique هي على حد سواء، أحد الظواهر المكونة من التطورات الرياضية، المتناقضة في بعض الأحيان من جهة، ومن جهة أخرى، هي عبارة عن مجموعة من القواعد المبررة بنتائجها أو بالمنطق والتفكير الكلاسيكي. هذه الظاهرة يمكن أن تكون مرفقة أو مربوطة بالنظرية الكلاسيكية، في الحالات التي تميز طاقة نظام نسبي ما مرتبط ولو بالحد الأدنى بإمكاناته الكامنة.
كانت هناك تجارب اقترحتها مبادئ ميكانيكا الكوانتا أو الكم. وغالباً ما كانت تلك الخبرات والتجارب مكلفة، وهدفها هو إما لإثبات تفوق نظرية الكم أو الكوانتا على النظرية الكلاسيكية، أو هو استخدام واستغلال هذا quot;التفوقquot; لتعزيز مفاهيم خارقة مثلquot;الانتقال الآني أو اللحظوي الكامل للأجسام من مكان إلى آخر teacute;leacute;portation quot; الذي شاهدناه في الكثير من مسلسلات وأفلام الخيال العلمي كبوابات النجوم وستار تريك.

وتستند جميع المحاولات لإظهار تفوق مبادئ الكم principes quantiques على أخطاء مثل الحساب التقليدي الخاطيء للرؤية المتعلقة بالتداخل والتفاعل المادي interfeacute;rences من الصنف الرابع. وتستند هذه الأخطاء، في المجال البصري en optique، على الجهل، ربما المتعمد، بحقيقة أنه في النظرية الكلاسيكية يكون امتصاص الضوء المنبعث من مصادر لا تعد ولا تحصى من حولنا، يكون بطيئاً نسبياً، لذلك نشعر وكأننا نسبح في quot;حقل أو مجال نقطة الصفر champ du point zeacute;ro quot; حيث أن التوازن مع المادة، على سبيل المثال، هو الذي يفسر لماذا لا تسقط الإلكترونات على النوى الذرية.

إن مصطلح quot;الكم أو الكوانتا quantiquequot; يقود إلى ادعاءات قد تصطدم أو تسيء إلى الروح العلمية، والذي لم يؤدي حتى الآن إلى أية نتائج دائمة، أوعلى ما يرام. أحدث اختراع عملي تستخدمه أجهزة المخابرات الدولية هو جهاز quot; فك الترميز الكمومي أو الكوانتي cryptographie quantique quot; الذي يدعي مخترعوه أنه قادر على إرسال رسالة مرمزة أو مشفرة مع التأكيد على أنه يتم الكشف عن أية محاولة لالتقاط الرسالة أو كشف أية محاولة للتصدي واعتراض هذه الرسالة، وبحيث تصبح هذه الرسالة على الفور غير صالحة للاستخدام من قبل المعترض وغير قابلة للفك. هناك حجتين أو ذريعتين تبرران هذه المسلمات الكوانتية أو الكمومية، مع وجود شكوك أساسا بخصوص تبرير هذا الادعاء : الذريعة الأولى هو أن وحدات التعداد الزوجي الالكتروني للرسالة les bits du message مكونة من فوتونات غير قابلة للانفلاق حيث يمكن كشف أية محاولة لجاسوس ما لاعتراضها، وهذا يعني تجاهل أن عملية الكشف غير مدمرة للإشارات الضوئية، على سبيل المثال من خلال دراسة الاستقطاب الناجم عن مرور نبضة ضوئية، كما يعني كذلك تجاهل وجود مكبرات أو مضخمات amplificateurs في أي شبكة حقيقية من الألياف البصرية.

ثانياً يمكننا استخدام quot;الفوتونات التوائم photons jumeaux quot; في التجارب من نوع تجربة آينشتين الفكرية المعروفة بــ EPR، لكن أنصار الكوانتا يصرون على إجراء تجارب واسعة النطاق باهظة الثمن، بدلاً من الاكتفاء بإجراء تجربة مختبرية حاسمة : حيث يمكن فصل الإشارات التي يبثها المصدر quot;المرسلة eacute;metteur quot; إلى إشارتين لاثنين من مستقبلات reacute;cepteurs متطابقة ومتشابهة تماماً وتتصرفان أو تسلكان سلوكاً إحتمالياً من خلال اختيار عشوائي يتم الكشف عنه فقط في نهاية التجربة، حيث يكون اللعب بالتناوب، تارة لعب دور المتلقي والجاسوس؛ وتارة أخرى يكون جهاز الاستقبال المتلقي الذي يكشف أولاً الإشارة، هو الذي ينبغي أن يستقبل، بالارتباط مع جهاز الإرسال. إن هذه الغرائب تملأ الكتب المكرسة لفيزياء الكوانتا أو فيزياء الكم خاصة التباين الجوهري بين العالم ماقبل جدار بلان وما بعده. فكلما طالعنا كتاباً أو مقالاً أو بحثاً في الفيزياء الحديثة نصطدم بالحدود التي تفصل بين الممكن والمستحيل، وهي حدود وضعها في قالبها النظري العالم الفذ ماكس بلانك Max PLANCK والتي صارت تعرف بثوابت بلانك constantes de Planck مثل جدار بلانك Mur de Planck وزمن بلانك Temps de Planckومجال بلانك Champs de Planck وغيرها في إطار ما عرف بفيزياء الكم وأبحاث ماكس بلانك La physique quantique et travaux de Max Planck
قام ماكس بلانك Max Planck بدراسة ظاهرة quot;إشعاع الجسم الأسودquot; rayonnement des corps noirs. وفقا للنظرية الكلاسيكية، ويجري تبادل الطاقة داخل الجسم الأسود على نحو مستمر. هذه النظرية تتنبأ بأن كثافة إشعاع الجسم الأسود لطول موجة معينة يتناسب مع مربع القوة لقيمة هذا الطول الموجي. ولم تكن هذه النتيجة تتوافق مع الملاحظات التجريبية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، ينطوي على ذلك ضمناً أن إجمالي الطاقة المنبعثة من الجسم الأسود كانت لانهائية،. ولذا بات من الضروري إعادة النظر في عمق أو جوهر النظرية الكلاسيكية.

تناول ماكس بلانك المشكلة في الاتجاه المعاكس وحاول أن يجد صيغة تحليلية للمنحنى التجريبي الناجم عن الرصد والمراقبة أو الملاحظة. وبمجرد الحصول على هذه الصيغة، تعين عليه أن يفسرها فيزيائياً. وكان التفسير الوحيد المقبول الذي وجده بلانك تطلب أن يستبدل التبادلات والتداخلات interfeacute;rences المستمرة للطاقة بكميات محدودة من الجسيمات وصفها بأنها الكوانتات. وإن كمية الطاقة التي يحملها الكم أو الكوانتا الطاقوي quantum drsquo;eacute;nergie تتناسب مع تردد الإشعاع المرتبط بها. إن علاقة التناسب مساوية لثابت يسمى ثابت بلانك constante de Planck والتي يمثلها حرف هـــ H. وبعد شيوع مفاهيم ميكانيكا الموجة، ومعادلة شرودنغر lrsquo;eacute;quation de Schrouml;dinger ومبدأ التكامل le principe de compleacute;mentariteacute;، منذ سنة 1905، نجح ألبرت أينشتاين Albert Einstein بتفسير التأثير الكهروضوئي photo-eacute;lectrique باستخدام نظرية الكم لبلانك التي ظهرت حديثا (والتي أكسبته جائزة نوبل للفيزياء). الاتجاه الرئيسي لهذا التفسير يكمن في حقيقة أن كوانتا الطاقة quantum drsquo;eacute;nergie المرتبط بتردد ما للضوء، يتصرف على انه جسيم مادي. وقد سمى آينشتاين هذه الجسيمات الضوئية الفوتونات les photons.

ما هو ثوري حقا في فكرة آينشتاين يكمن في حقيقة أن الضوء قد حصل، بفضل نظرية ماكسويل الكهرومغناطيسيةeacute;lectromagneacute;tique، على طبيعة متموجة ondulatoire مؤكدة. واعتبر الضوء بعد ذلك بمثابة موجة كهرومغناطيسية. ومع افتراض وجود الفوتون، بدا الضوء فجأة ككيان هجين، يتصرف أحيانا كموجة، وأحيانا كجسيم. وكان ابتكار أينشتاين لمفهوم الفوتون هو الخطوة الأولى نحو ثورة في عمق الأسس الجوهرية للفيزياء الكلاسيكية.
بينما أعطى الفوتون للضوء -- موجة الضوء ndash; صفة أو ميزة جسيمية كروية، طبق العالم الفرنسي لويس دي بروجلي Louis de Broglie الفكرة المعاكسة على الجزيئات المادية. وقدم الافتراض القائل بأن سلوك الجسيمات (الجسيمات المعروفة في ذلك الوقت هي الإلكترون، والبروتون والنيوترون) هو سلوك مزدوج يمكننا من وصفها في آن واحد بأنها مظهر من مظاهر الجسيم ومظهر من مظاهر الموجة. حتى انه يربط صفة موجة في كل جسيم مادي، ووضع أو طور آلية meacute;canique للتعامل مع هذه الكائنات الجديدة: وسميت نظريته بالميكانيكا الموجية meacute;canique ondulatoire.

ووفقا لميكانيكا الموجة، يرتبط بأي جسيم موجة، يكون الطول الموجي فيها يتناسب عكسيا مع طاقة الجسيم. ويترتب على ذلك أنه كلما كان الجسيم أكثر نشاطا (أي كلما كانت سرعته كبيرة، كلما كان طول الموجة المرتبطة به قصيراً. وأخيرا تم تعيين معادلة الموجة المرتبطة بهذه الجسيمات من قبل إرفين شرودنغر Erwin Schrouml;dinger عام 1926 وعرفت باسم معادلة شرودنغر للموجة eacute;quation drsquo;onde de Schrouml;dinger التي أشرنا إليها أعلاه. وتم تسليط الضوء على الموجات المرتبطة بالإلكترونات على يد العالم ديفيسون كلينتون Clinton Davisson سنة 1925 إثر تجربة التداخلات والتفاعلات expeacute;rience drsquo;interfeacute;rence (والمعروفة باسم تجربة ثقوب ديونغ expeacute;rience des trous drsquo;Young، في إشارة إلى الفيزيائي البريطاني توماس يونغ Thomas Young، الذي كشف في عام 1801 عن تداخلات أو تفاعلات ضوئية عن طريق تمرير شعاع ضوء بين ثقبين في لوح خلفه شاشة تتلقى الضوء المتسرب من الثقبين). وتنبعث الالكترونات من مصدر معلوم، يتم تسريعها ومن ثم إرسالها على سطح الكريستال حيث المحاذاة الذرية أو الترتيب الذري يلعب دور الشقوق المتحاذية في تجربة يونغ. ووفقا لتفسير جسيمي كريوي نووي بحت corpusculaire لطبيعة الإلكترونات، ينبغي أن يكون توزيع الإلكترون بعد مرورها عبر اللوحة المشروخة على نحو كلاسيكي بيد أن التجربة أظهرت أن توزع الإلكترونات جاء على شكل صفوف franges يشبه صفوف الالكترونات الناجمة عن التداخلات. فمراقبة أو رصد صفوف التداخلات يعني بالضرورة أن الأشياء أو الأجسام المرصودة هي موجات، وليس جسيمات! وباختصار، فإن الإلكترونات تتصرف مثل الجسيمات في الظاهرة الكهروضوئية وكموجات كما هو الحال في تجربة ثقوب يونغ.

وهكذا استنتج الفيزيائيون أن الموجات الكهرومغناطيسية eacute;lectromagneacute;tiques تتمتع كذلك بصفة ذات طبيعة جسيمية كريوية نووية corpusculaire، ومن جهة أخرى فإن الجسيمات المادية هي أيضا ذات طابع موجي. وهنا توجد مفارقة لا يمكن تخطيها. حسم نيلز بور Niels Bohr السجال الدائر بهذا الصدد بإعلانه مبدأ التكامل le principe de compleacute;mentariteacute; الذي جعل حصيلة هذه النتائج غير قابلة للتوفيق فيما بينها على ما يبدو.

تجدر الإشارة إلى أن مبدأ التكامل le principe de compleacute;mentariteacute; يقول: أن الجسيمات والضوء هي كوانتات أو كموم من الطاقة يكون سلوكها في آن واحد كجسيمات نووية وتموجية corpusculaire et ondulatoire (تنافس الموجة الجسيم أو ازدواجية الطبيعة).

تتحدث الفيزياء الكمية أو الكوانتية عما يسمى بــ quot;انهيارquot; الموجة Effondrementquot; de lrsquo;onde وعلاقات اللاحتمية لهايزنبرغ relations drsquo;incertitude drsquo;Heisenberg المعروفة بمبدأ عدم اليقين. فما الذي يحدد سلوك موجة أو جسيم من الجسيمات؟ أو بعبارة أخرى، ما الذي يفسر أنه في بعض الظواهر، تتصرف الجسيمات كموجات وفي ظواهر أخرى تتصرف كجزيئات ؟
قبل كل شيء، ينبغي القول أن الجسيمات توصف دائماً باعتبارها كيانات موجية جسيمية ذات طبيعة مزدوجة. وفي الواقع، وحسب سمات الظواهر، فإن الطبيعة الموجية تكون هي السائدة أوالطاغية على الطبيعة الجسيمية أو العكس بالعكس، ولكن كلا النوعين أو الطبيعتين موجودتين دائما في نفس الوقت.
وكما قلنا سابقا، فإن الطول الموجي للموجة المرتبطة بجسيم يتناسب عكسيا مع طاقة الجسيم. عندما يكون الطول الموجي أقل من، أو هو بمستوى أبعاد quot;الأشياء أو الأجسامquot; المتداخلة أو المشتركة في هذه الظاهرة، عندها تكون الطبيعة الجسيمية الكروية للجسيمات هي المسيطرة. وفي المقابل، إذا كان الطول الموجي يتجاوز أبعاد quot;الأجسامquot; المشاركة، فسوف تكون الطبيعة الموجية للجسيمات هي التي سيتم رصدها. والحال، فإن طول موجة ما للجزيئات الحيوية جدا أو النشطة يكون قصيراً. نخلص من ذلك إلى أن الظواهر التي تحدث في الطاقات العالية سوف تظهر سلوك الجسيمات بطبيعتها الجسيمية الكريوية corpusculaire بينما، على العكس من ذلك، ستكون الظواهر ذات الطاقات المنخفضة بالأحرى هي التي تبدو ذات طبيعة موجية ondulatoire.

وعلى نحو تصوري، يمكننا أن نقول إن جسيم ذو موجة، مع طول موجة كبير، وبالتالي يصعب تحديده، سيكون سلوكه موجي ( الموجة ليست ظاهرة غير محددة الموضع). فعندما يقصر طول الموجة، تغدو الجسيمات أكثر موضعية و تتصرف أكثر فأكثر كجسيمات (فالجسيم هو كيان وجود يمتلك بعداً وموقعاً محدداً واضح المعالم). في الواقع، لقد درس فيرنر هايزنبرغ Werner Heisenberg هذه المسألة عن كثب، وخلص إلى علاقات تربط بين الدقة التي يمكن أن تحصل وفق تحديد سرعة وموضع جسيم من جهة، ودقة قياس طاقته اعتمادا على مدة القياس، من جهة أخرى. وتعرف هذه العلاقات، بعلاقات عدم اليقين لهايزنبرغ relations drsquo;incertitude de Heisenberg
ما تقوله هذه العلاقات هو ما يلي : 1. إذا كان مراقب يعرف تماماً موقع جسيم، فلا يمكنه معرفة سرعة ذلك الجسيم والعكس بالعكس فلا يمكن للمرء أن يعرف بدقة الحالتين معاً في وقت واحد، 2. على مدى فترات قصيرة جدا من عدم اليقين فإن قياس الطاقة سيكون كبير جداً، بمعنى آخر أن الطاقة يمكن أن تختلف أو تتماوج إلى حد كبير على مدى فترات قصيرة جدا! وبالتالي إن أسس الميكانيكا ستقوض بشكل خطير من جراء علاقات عدم اليقين أو اللاحتمية.

تفسير دالة الموجة أو عمل الموجة يتم وفق معادلة الموجة المرتبطة بالفوتونات وهي معادلة الموجات الكهرومغناطيسية في حين أن الموجة المرتبطة بالجسيمات المادية تفسر بمعادلة شرودنغر lrsquo;eacute;quation de Schrouml;dinger. وهنا يكمن الفرق الرئيسي بين جزيئات المادة والفوتونات، إنه فرق كبير بين جسيمات المادة والفوتونات لأن موجة الفوتونات حقيقية (الموجات الكهرومغناطيسية حقيقية)، في حين أن الموجة المرتبطة بجزيئات المادة تجريدية بحتة (الحلول التي تقدمها معادلة شرودنغر ليست ذات وظائف حقيقية بل معقدة). في هذه الحالة، كيف يمكن تفسير هذه الموجة المرتبطة بجزيئات المادة؟ لتفسير وظيفة الموجة يتعين العودة إلى الفوتونات. في تجربة التداخل كما ذكرنا، نحصل فوق الشاشة على مجموعة من الصفوف الضوئية التي تحدد شدة الضوء في كل نقطة من الشاشة. إذا ما تذكرنا دروس الفيزياء، فسوف نتذكر أن شدة الضوء عند نقطة ليست مجموع سعة lrsquo;amplitude الموجات التي تمر عبر كل واحد من اثنين من الثقوب، أي ليس مربع مجموع السعات من هذه الموجات.

سنفكر الآن بصيغة الفوتونات، أي بصيغة الكموم quantas. فالصفوف المظلمة على شاشة التجربة جاءت مظلمة بسبب عدم وصول أي فوتون إلى هناك. قد يبدو هذا وكأنه حدث بسبب quot;السياج la palissade quot; ولكن اذا ما اعتبرنا الفوتونات المنبعثة من مصدر الضوء بمثابة تجمع من الجزيئات (أو كوانتات) التي لا يمكن تمييزها عن بعضها البعض، فإن دراسة توزيع تلك الجزيئات على الشاشة يمكن أن يعالج من وجهة نظر إحصائية. ومن ثم يمكن القول إن الصفوف القاتمة هي مواضع حيث تكون الفوتونات فيها تنطوي على احتمالية تساوي صفراً، عند وصولها. وعلى العكس من ذلك، في موضع الصفوف المضاءة والمشرقة، فإن احتمالية العثور على الفوتون تكون في حدها الأقصى.
ومن هذا المنطق البسيط جدا، جمعنا بين السطوع الملحوظ في مكان ما على الشاشة مع إحتمالية العثور على الفوتون عند تلك النقطة. والحال أن السطوع الضوئي la luminositeacute; ليس سوى شدة الموجة المضيئة، وهذا يعني، مربع سعة الموجة. وهكذا، فإن احتمال العثور على فوتون في موقع ما متناسب مع مربع سعة الموجة الكهرومغناطيسية في هذا المكان.
يمكن نقل هذه النتيجة إلى جسيمات المادة particules de matiegrave;re مثل الإلكترونات، والبروتونات، وما إلى ذلك. عندها نحصل على تفسير لوظيفة موجة مرتبط بالكم يقول: إن احتمال العثور على الكم (أو الجسيم) في مكان ما في الفضاء يتناسب مع مربع سعة وظيفة الموجة في هذا مكان.
كما رأينا في فيزياء الكم، من غير الممكن حساب سوى احتمالات تحقيق التوقعات أو التنبوءآت. إن الوصف الكمي quantique للظواهر الكمية لم يعد حتمياً (وهذا يعني، التنبؤ بدقة بقيم الكميات الفيزيائية التي تشارك) ولكن على نحو غير حتمي. وبذلك فإن فيزياء الكم la physique quantique تختلف جذريا عن الفيزياء الكلاسيكية وهي قطعاً لا حتمية في جوهرها.

ابتكر علماء الفيزياء شكلية formalisme أي الصيغة المستلهمة من المذهب الذي يرى أن الأشكال تكفي بحد ذاتها بما فيها شكلية الحقائق العلمية وإطاراً عاماً يسمحان بوصف واحتساب التوقعات والتنبؤات للظواهر الكمية. وسميت هذه الصيغة بميكانيكا الكم la meacute;canique quantique. وقد نجحت هذه الأخيرة في تفسير عدد كبير من الظواهر مثل قدرة بعض المعادن على نقل التيار الكهربائي وامتناع البعض الآخر عن ذلك، وسبب انصهار بعض المعدن في درجة حرارة معينة ومقاومة أخرى لذلك ولماذا تبعث بعض الغازات الضوء عندما تسخن بدرجة حرارة عالية وغيرها الكثير من الظواهر التي كانت غامضة في الماضي قبل ظهور فيزياء الكم. فبفضل هذه الفيزياء الثورية تمكن الإنسان من تحقيق إنجازات علمية جبارة كنقل الصوت والصورة عبر الألياف الضوئية والانترنيت والتلفزيون الرقمي والبث عبر الأقمار الصناعية والتلفون المحمول والكومبيوتر المحمول والثابت وهي إنجازات كانت تعتبر في الماضي من المستحيلات وأصبحت من الممكنات البديهية اليوم ومن هذا المنطق يمكننا القول أن مستحيلات اليوم ستكون ممكنات الغد كاختراق الجدران دون الحاجة إلى هدمها والسفر بسرعات تفوق سرعة الضوء وإمكانية إخفاء الأشياء وجعلها غير منظورة للعين البشرية العادية وقد تمكن العلماء الأمريكيين قبل أيام بالفعل من تصميم نظاماً للاختفاء الزمني قادرا على جعل حدث ما غير قابل للرصد لجزء من الثانية. واستوحى العلماء هذا الجهاز الاختباري من أبحاث حول quot;رداء الاختفاءquot; الشهير الذي روج له هاري بوتر. لكن بدلا من أن يخفي الجهاز غرضا معينا في مكان ما، يحجبه عن الأنظار في الزمن، على ما ذكرت الدراسة التي نشرتها مجلة quot;نيتشرquot; البريطانية، والانتقال الفوري من مكان إلى آخر بواسطة تقنية التيليبورتيشن teacute;leacute;portation والسفر نحو الماضي والمستقبل والتنقل بين المجرات وزيارة العوالم الأخرى والاتصال بالحضارات الكونية المتقدمة جداً علينا والسيطرة على تكنولوجيا الليزر والنانوتكنولوجيا nanotechnologie واستغلال طاقة المجرة بعد التمكن كلياً من استثمار طاقة الشمس والطاقة المتجددة والدائمة وتكنولوجيا الروبوتيك. فليس ثمة ما هو ثابت أو جامد، بما في ذلك المكان والزمان. فهذا الطابع الكلاسيكي المحدد هو الذي يفسر قدرتنا على تخيل إدراك وفهم الطبيعة من خلال مولدات خلوية: فلم يعد ثمة حاجة بالتالي للتحليل بالمعنى الرياضي للمصطلح ولا للمعادلات التفاضلية. و سوف نكتشف يوماً ما أن وراء النسبية العامة لأينشتين تختفي المصفوفة ماتريكس Matrix، وأن الغموض في الميكانيك الكمومي يخفي نموذجاً غريباً ومذهلاً للوجود لايمكننا إدراكه اليوم.

وفي المحصلة يتعين علينا القول أن النظرية الجديدة التي ستحاول فك لغز الكون المرئي الدائم منذ لحظة ظهوره للوجود المادي وما قبلها إلى لحظة ضموره وولادته من جديد، يجب أن تكون جنونية وإن لم تكن كذلك لتم اكتشافها بسهولة منذ زمن بعيد. وقد ساهم الأخوة بوغدانوف les fregrave;res Bogdanov كما ذكرنا أعلاه في ولوج المناطق المجهولة في الفيزياء المعاصرة لأنهما امتلكا جرأة كافية لاقتحام المحرم الذي يمكن أن يعرضهما للسخرية والاستهزاء لو فشلا في تقديم تصور نظري وعلمي مقنع، لقد حاول هذا الشابان ضخ مصل التغيير في جثة الفيزياء النظرية المتصلبة من خلال اللجوء إلى نظرية الــ KSM لأنها الوحيدة القادرة على تقديم تصور نظري لوصف الحالة التي سبقت ظهور الزمكان الذي نعرفه حالياً في كوننا المرئي.

ففي لحظة ما، عندما تطيع الطبيعة قوانين حالة الــ KSM فإنها بالضرورة ستخضع للتحولات والتقلبات الكوانتية fluctuations quantique. وللتغلب على هذا المأزق لا بد من صياغة نظرية ثورية وجريئة يمكن تسميتها بنظرية الأحداث الكوانتية EEQT- Event Enhanced Quantum THEORY والمعروفة بالفرنسية بـ Theacute;orie Quantique des Eveacute;nements وهي نظرية قدمها العالمان فيليب بلانشار Philippe Blanchard و آركاديوز يادزيك Arkadiuz Jadczyk انطلاقاً من حقيقة تقول أن حدوث تطور نظام كوانتي أو كمومي systegrave;me quantique، حتى لو كان على مستوى الكون المرئي، غير ممكن في الظروف العادية، وإنما يحدث على شكل قفزات أو طفرات كوانتية كمومية للأحداث sauts quantique drsquo;eacute;venments والتي تعرف بتعبير أكثر شعبية بالكوارث الكوانتية catastrophes quantiques بينما وصفها الأخوة بوغدانوف بالعاصفة الكوانتية la tempecirc;te quantique، والحال إن من المستحيل وصف مثل هذه الطفرات الكوانتية الحوادثية رياضياً بواسطة المقاربة المعيارية approche standard، بل ولا حتى بالمقاربة المتقدمة avanceacute;e للنظرية الكوانتية الكمومية التي نعرفها اليوم كما عرضناها بتبسيط بالغ أعلاه والمتبعة في المناهج التدريسية. فمن الضروري والحالة هذه اللجوء إلى أدوات رياضية مختلفة ومتقدمة وجريئة مثل الجبر العملياتي algegrave;bres drsquo;operateurs وإلى ديناميك أنصاف المجموعات la dynamique de semi-groupes فهذه الأداة الرياضية تسمح بالأخذ في الاعتبار الأنظمة الكوانتية الكمومية المفتوحة systegrave;mes quantiques ouvertes والصيرورات العشوائية processus aleacute;atoires من أجل وصف ديناميكية تحولات المرحلة transition de phase وتكسرات التماثل brisures de symeacute;tries
وبعد أن وصف الشقيقان بوغدانوف حالة الـ KSM كأساس ضروري لفهم الوضع السابق للانفجار العظيم، وتقلبات السمة signature أو الدلالة والتأثيرات والرموز المرتبطة بالزمكان eacute;space-temps على المستوى ما دون الذري بكثير أي اللامتناهي في الصغر، بات بالإمكان تأمل التوصل إلى آفاق جديدة في الفيزياء تتعدى حدود الأبعاد الأربعة، إذ اقترح الأخوين بوغدانوف بعداً خامساً حيث افترضا وجود تغيرات وتقلبات fluctuations في الزمن البدائي السابق لزمننا مما ينطوي بالضرورة على وجود بعد خامس يختلف عن البعد الرابع الزمني النسبوي الذي استخدمه آينشتين، ولكن في ظرف مختلف، وهو تأكيد لما سبق أن اقترحه كل من كالوزا kalusa و كلاين klein سنة 1921 وكذلك آينشتين Einstein وبيرغمان Bergman سنة 1938 و آركاديوز يادزيك Arkadiuz Jadczyk في سنوات الثمانينات من القرن العشرين. وما يزال هذا الموضوع هو الأكثر إثارة ومتابعة من قبل الرأي العام في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين. إن نوع أو نمط التأرجح oscillation للبصمة والسمة والرمز signature المرتبط بالبعد الخامس ليس ممكنناً من وجهة نظر الديناميك إلا إذا كان الكون مفتوحاً، ولحل الإشكال علينا أن نتمتع بنفسية مغامرة وجريئة ومفتوحة تتقبل كل الأفكار الجديدة مهما كانت غريبة لأنها الوسيلة الوحيدة أمامنا لفهم ضرورة تطوير بنى أو بنيات مفاهيمية structures conceptuelles ومعها الأدوات الرياضية اللازمة لها.

إذا كان عالم مابعد جدار بلانك mur de planck، أي عالمنا المادي، يمكن وصفه ودراسته بواسطة نظريتا النسبية، على المستوى الكبير واللامتناهي في الكبر والكوانتا، على المستوى مادون الذري واللامتناهي في الصغر، فإن هناك عالمين آخرين أصغر بكثير مما يمكن أن تدركه أو تتخيله عقولنا القاصرة وأكبر بكثير مما يمكن أن تستوعبه مداركنا المحدودة. ألأول يقع قبل أو خلف جدار بلانك والثاني يقع ما وراء الأفق الكوني الذي نرصده اليوم. فجدار بلانك هو كما نعرف أصغر مسافة مادية ممكنة بين نقطتين في كوننا المادي المرئي. وبالتالي علينا أن نتخيل هذا العالم الذي يقبع وراء جدار بلانك من الجهة الأخرى للوجود المادي، تكون فيه قمة أو كونة cocirc;ne الضوء الكوزمولوجي الأقدم، والتي تسمح لنا بإدراك ووصف المكان والزمان، في حالة تحلل se dissout وتتبخر، إذا جاز لنا التعبير مجازياً، لتختفي في البعد اللامتناهي في الصغر infiniment petit، وعلينا أن نتذكر أنه في ذلك البعد تتعطل أدوات القياس المألوفة التي لن تعد نافعة وغير ممكن استخدامها لأنها سندخل في ما يمكن تسميته بالعاصفة الكوانتية الكبرى على حد تعبير الأخوة بوغدانوف. فالمكان، إذا جاز لنا تسميته كذلك، سيتشوه وينطعج أو ينطوي على نفسه، والزمن يتفتت ويتطاير pulveacute;riseacute; إلى عدد لا يحصى من الدوامات innombrables tourbillons ولا يجري بصورة متجانسة croulement homogegrave;ne حيث يتداخل الزمان بالمكان ويتحول أحدهما للآخر. فلو كنت عزيزي القاريء على موعد مع أحد في ذلك العالم الغريب فسوف تكون أمامه وفي نفس الوقت على بعد عشرات الآلاف من الكليلومترات بعيداً عنه، هذا من الناحية المكانية، أما من الناحية الزمنية فسيكون موجوداً في موعده حتى قبل أن تعطيه موعداً. بعبارة أخرى أننا لا يمكن أن نتعاطى أو نتعامل مع العالم الكوانتي الكمومي البدئي بأدواتنا القياسية الكلاسيكية المألوفة لأنها هي الأخرى في حالة تقلب وتغير fluctuation والزمكان مشوه deacute;formeacute;s وسوف يتحول الزمن من زمن عادي إلى زمن مركب temps complex بعد أن كان قبل الانفجار العظيم زمن خيالي. والطريقة الوحيدة لوصفه نظرياً يتم بواسطة الكوانتا وجبر هوبف les algegrave;bres de Hopf ونظرية الـ KMS.

فما تحت العالم الكوانتي هناك كون آخر وربما أكوان أخرى أصغر من أصغر موجود مادي في الكون المرئي أي أصغر من الكوارك وحجمه معدوم من منظورنا المادي التقليدي taille nulle. وهذا العالم الآخر يقبع ما وراء العاصفة الكوانتية حيث يختفي كل شيء مألوف كالمادة والطاقة والقوى والقوانين الفيزيائية والمادية، وهناك فقط يمكن أن تكمن النقطة صفر للكون المرئي الذي نعرفه اليوم. وهي نقطة بلا أبعاد وخارجة عن الزمن المادين أي إنها مجرد معلومة صرفة information pure و لا يمكن وصفها إلا بلغة الرياضيات وتسمى بالـ quot; مؤشر التوبولوجي indice topologique حيث أن الزمن المتعلق بتلك النقطة زمن متخيل وغير واقعي temps imaginaire والذي لايمكن تحديد موعد فيه لأنه موجود إلى الأبد ومنذ الأزل ولا يتحرك أو يجري وسيستمر إلى آخر الدهر دون أن يتحرك وحيث تتراكم وتتزاحم superposeacute;s الأحداث فيه كلها في آن واحد، أي ليس هناك ماضي وحاضر ومستقبل بل صورة فنتازية شاملة image fantastique globale مذهلة تضم كل شيء واللاشيء في نفس الوقت. وأكثر رؤية مقنعة عن هذا العالم الكوانتي هو ما قاله العالم الفيزيائي الكبير ريشار فينمان Richard Feynman، الحائز على جائزة نوبل للسلام :quot; أنا أعتبر الميكانيك الكمومي أو الكوانتي كنموذج رياضيmodegrave;le matheacute;matique يمتلك قوانينه الخاصة وقواعده وثوابته مهما كانت غريبة وغير مألوفة كازدواجية الطبيعة الجسيمية والموجية لأبسط مكونات المادة وهو نموذج ناجح وثبتت صحته وصلاحيته quot;، هذا إلى جانب وجود عالم خفي لا يمكن إدراكه حسياً وهو العالم الذي وصفته لنا نظرية توبولوجيا الحقول أو المجالات theacute;orie topologique des champs التي سنعرضها بالتفصيل لاحقاً في فصل قادم.

د. جواد بشارة
[email protected]