واخيرا وبعد ان طفح الکيل بحزب الله اللبناني و سنده الاساسي النظام الايراني، أوعزوا الى إحدى المحاکم العسکرية اللبنانية بإصدار حکم بالسجن لمدة خمسة أعوام على رئيس المجلس العربي الاسلامي محمد علي الحسيني على خلفية تهمة التخابر مع اسرائيل، هذا الحکم، تلقته مختلف الاوساط السياسية بأنه تصفية حساب إيراني مع الحسيني الذي إشتهر عبر الاعوام الاربعة الاخيرة بتصديه لنفوذ النظام الايراني في البلدان العربية و سعى لدفع الشيعة العرب بعيدا عن الافکار و الطروحات العقائدية لهذا النظام مثلما إشتهر أيضا بموقفه المساند بقوة لمنظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة و ترجمته موقفه هذا على الارض.
الغريب، أن محکمة لبنانية أخرى کانت قد طلبت قبل فترة الافراج عن الحسيني لعدم توفر الادلة ضده، لکن الادعاء العام طعن في القرار و أحيل الحسيني الى محکمة عسکرية حيث حکمت عليه بخمسة أعوام، رغم أن ملف الحسيني لحد هذه اللحظة فارغ و ليس يحتوي على أية ادلة ثبوتية ضده.
الحسيني الذي کان قد أکد لکاتب هذه السطور عبر أحد أقربائه قبل شهرين بأنه سجين سياسي بإمتياز، سعى النظام الايراني و عبر حليفه و يده الضاربة في لبنان و المنطقة حزب الله، لإسکات هذا الرجل بمختلف السبل و الوسائل، خصوصا عندما مضى بمشروعه الفکري ـ السياسي الخاص بالشيعة العرب قدما و حمل لواء الوقوف علنا بوجه نفوذ النظام الايراني و دعى الشيعة العرب للإبتعاد عن الشعارات البراقة للنظام الايراني، والظاهر ان إصرار الحسيني على موقفه و ثباته على تأييده الاستثنائي لمنظمة مجاهدي خلق(الذي يبدو أن النظام الايراني قد إعتبر ذلك خطا أحمرا)، وهذا الامر هو الذي حدى بالحليفين العقائديين الى فبرکة تهمة ملفقة للحسيني و جره الى السجن لمقاضاته على مواقفه ضد النظام الايراني و إصدار حکم ظالم عليه وهذا مايمکن إعتباره سابقة خطيرة جدا في القضاء اللبناني و يؤکد حقيقة النفوذ الايراني في لبنان و کونه فعلا خاضعا لرجال الدين الحاکمين في طهران.
الحسيني الذي أظهر إستغرابه لأقربائه عند التقائه لأول مرة بهم بعد إعتقاله من کلامهم عن مسألة التخابر مع إسرائيل، وأکد لهم بأن التحقيقات الاولية قد صبت کلها حول مسألة علاقته بمنظمة مجاهدي خلق و لماذا يؤيدها، بدأت مسألة مواجهته بتهمة التخابر مع إسرائيل بعد أن دافع عن موقفه أمام المحققين بخصوص تإييده لمنظمة مجاهدي خلق و أبدى إستغرابه من التحقيق معه عن أمر لايقاضي او يحاسب عليه القضاء اللبناني، وهذه ملاحظة مهمة يجدر باللبيب الانتباه و الوقوف عندها مليا لفهم القضية من أهم أبوابها.
حزب الله الذي يعاني الان من اوضاع صعبة و معقدة خصوصا بعد التهديدات الجدية التي طفق النظام السوري يتلقاها و تأکيدات إقليمية و دولية على أن هذا النظام قد إنتهت صلاحيته و هو في أيامه الاخيرة، يريد هو و کذلك ملالي طهران من خلفه، وعبر إصدار هذا الحکمquot;المشبوهquot;و الذي يفتقر لأبسط اوجه العدالة و الانصاف أن يقوموا بعملية إستعراض قوة و إرسال رسالة لدول محددة في المنطقة، لکن هذا النصر الهزيل و السمج لحزب الله، لم يستقبل إقليميا او عالميا إلا بالاستهجان و التهکم، هناك فعلا ثمة أناس محددون يصفقون له بقوة، وهکذا تصفيق معروف و مشهور في سوريا بشار الاسد و الانظمة القمعية الاخرى!