مرت النساء على مر العصور والأزمان منذ قدم التاريخ بأدوار رائعة متميزة ومختلفة فى شتى الميادين والمجالات والإختصاصات بينما كانت ملكة وحاكمة وقاضية وأستاذة ومفكرة وسياسية مديرة ومدبّرة بينما كانت فى الجانب الآخر مظلومة مقهورة ممنوعة من أبسط حقوقها وكان للأعراف والتقاليد فى السيطرة الذكورية قد حجب المرأة ومنعها من الكثير من حقوقها كما أسماه البعض ظلما وعورة ونقصا وعارا وقد نسى هؤلاء أن لكلّ منهم، أُمّ قد أنجبته وأخت واكبته، وزوجة قد شاركته الحياةhellip; قد تكون أفضل منه من نواح كثيرة
كانت الخنساء أشعر أهل زمانها بإقرار جرير والنابغة الذبيانى وحسان بن ثابت، وهى القائلة
إن الزمان وما يفنى له عجب أبقى لنا ذنبا واستأصل الرأس
إن الجديدين فى طول اختلافهما لايفسدان ولكن يفسد الناس
شهد التاريخ نساء ملكات حاكمات مثل كليوباترا وزنوبيا وبلقيس وشجرة الدر ورئيسات وزراء أمثال أنديرا غاندى وبى نظير بوتو وماركريت تاتشر وغيرهن كثير
قام رواد ومصلحون فى الدعوة إلى تحرير المرأة وحريتها والوقوف أمام السطوة الذكورية واستعباد واستغلال المرأة وظلمها. كان من الرواد لتحرير المرأة رفاعة رافع الطهطاوى بعد عودته من باريس عندما كان واعظا دينيا وشاهد حرية المرأة الفرنسية ودورها العظيم فى الحياة الإجتماعية والفكرية والسياسية فقد طرح بشكل هادئ ومتواضع قضايا حساسة كتعليم البنات وتعدد الزوجات وتطليق الزوجة، وكتب (تلخيص الأبريز)... وهدى الشعراوى وثورتها الكبيرة عام 1919 م وقد ألقت النقاب من الأسكندرية وأظهرت وجهها أمام الجموع الغفيرة وهى تقول (ورفعنا النقاب أنا وسكرتيرتي، وقرأنا الفاتحة ثم خطونا على سلم الباخرة مكشوفتي الوجه وتلفتنا لنرى تأثير الوجه الذي يبدو سافراً لأول مرة بين الجموع فلم نجد له تأثيراً أبداً) ثم تخرج فى المظاهرات وتطالب بالمساواة مع الرجال فى الحقوق السياسية وحقها فى الإنتخاب
كان قاسم أمين من رواد تحرير المرأة وكتب كتابين (تحرير المرأة) عام 1899 م والآخر (المرأة الجديدة) عام 1900 وفيه من العلوم الإجتماعية الحديثة واصطلاحات عن المدنية الحديثة كذلك حاول الموازنة بين الإسلام والحداثة الغربية بدعم من المصلح محمد عبده الذى دعمه بالأدلة الشرعية والدينية لتحرير المرأة فى المقابل كانت ردود بعض رجال الدين عليه شديدا وعنيفا. كما كتب مرتضى فهمى كتاب (المرأة فى الشرق)، ولايمكن أن نغفل دور طه حسين ومقالاته وأفكاره وتلامذته أمثال أمينة السعيد وغيرها
كان الشاعر جميل صدقى الزهاوى والشاعر معروف الرصافى قد تصديا لتحرير المرأة رغم المواجهة من الطرف الآخر والحملة الواسعة ضدهما
جزء من الصراع يشمل جانبا فكريا وصراعا تاريخيا واستغلالا دينيا، فالنص التراثى الذى يحتج به البعض منذ قصة آدم وحواء يناقشه البعض الآخر من حيث صحته وفهمه وسياقه. فى القرآن كله ذكر الفقهاء آيتين عن الحجاب، آية منهما فى سورة الأحزاب تتحدث عن زوجات النبى وفيها قرينة أن يعرفن فلايؤذين، مما فسّرها المفسّرون بتميزهن عن الإماء لذلك منع الخليفة الثانى الجوارى والإماء من ذلك الحجاب لأن المقصود به تمايز زوجات النبى عنهن من التحرش بهن فلا يشمل غيرهن... كما نوقشت الآية الثانية فى سورة النور من قبل العديد من الفقهاء المنفتحين على العلم الحديث واستعمالهم أدوات العصر الحديث فى إعادة تجديد وقراءة التراث بشكل حضارى أمثال محمد عبدة والطهطاوى وجمال الدين الأفغانى
حاججت امرأة الرسول فأنزل الله تعالى بحقها سورة كاملة وأنزل أحكاما خاصة إكراما لها كما جادلت أمرأة الخليفة الراشد الثانى فيجيبها (أصابت امرأة وأخطأ الخليفة) وكانت تدخل المسجد وتحاجج الخليفة بل كانت بعض زوجات النبى يفتين ويعلِّمن الأحكام ويقدن الحروب
جاءت الشاعرة سويدة الهمدانية من البصرة وهى تعزل واليين حاكمين فى البصرة عند الخليفة، أحدهما زمان الإمام على ابن أبى طالب فى مسيرتها إلى الكوفة ومحاججته حول سلوكه وظلمه، والثانى بسر بن أرطاة أيام معاوية بن أبى سفيان فى مسيرتها إلى الشام... كان للمرأة دورها السياسى والإجتماعى الكبير حتى فى العصور الإسلامية ويندر أن يكون فقيه لم يدرس عند إمرأة فى فترات متقدمة
الملاحظ دخول الأعراف والتقاليد أحيانا لتتحول إلى مقدس لا أصل له بمرور الزمان واستحكام العادات واستغلالها من طبقات معينة لمصالحها
برزت نساء معاصرات فى ميدان تحرير المرأة بشكل علمى وحضارى مثل نوال السعداوى وآمال قرامى وهناء إدوار وغيرهن ممن ينير الدرب فى أفق الظلام الذى يجرفها البعض من المتشددين المعاصرين أمثال وزيرة حقوق المرأة العراقية وهى تنافى وتناقض مسؤوليتها المتوقعة مما جعل الإشمئزاز العام خصوصا من الناشطات الحقوقيات
أمم تتقدم عندما تشترك نصفه النسوى فى مختلف مرافقه لتفتح آفاقه الرحبة فى تلاقح حضارى بناء بينما تتخلف أمم وتتراجع وتسيطر الذكورية وهى تحجّر على النصف النسوى وتمنعه من الدور الفاعل البناء فى بناء المجتمع وإصلاحه وتطويره
تبقى بعض النسوة متميزة رائعة يفخر بها التاريخ بكل شموخ وإجلال وإكبار، وعندها ينطبق عليها قول الشاعر
فلو كان النساء بمثل هذه لفضلت النساء على الرجال
فما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال
التعليقات