الاستهئزاء كان رد فعل الجميع على ما صرح به رئيس النظام السوري قبل اسبوع حول الاعلام الرسمي والخاص. لم ينته الاسبوع حتى اكدت الفضائيتان quot;الجزيرةquot; وquot;العربيةquot; ما ذهب اليه رئيس النظام من ان الكثير من القنوات الخاصة هي اشد رسمية من بعض القنوات الحكومية.

كيف؟.

كل جمعة مرت على الانتفاضة السورية ولمدة عام كان لها اسم واضح وصريح والفضائيتان كانتا تاتيان على ذكرها الا الجمعة الفائتة في 9 آذار والتي حملت تسمية quot;جمعة التضامن مع الانتفاضة الكرديةquot;حيث ان quot;الجزيرةquot; وquot;العربيةquot; بلعتا لسانهما ولم تنطقان بها بسبب جلطة دماغية احدثتها كلمة quot;الكردquot;وكأن هذه الجمعة كانت ابنة الزنى.

لنترك المشاهد الكردي جانباً، ألا يتساءل اي مشاهد آخر عن السبب وراء هذا التجاهل المتعمد والاستهزاء بعقل المشاهدين في التعامي عن ذكر التسمية التي اتفق عليها معظم السوريين؟.

اهم مبادئ الاعلام هو تحرير الخبر بكل صدق ونقل الحدث والمعلومة بامانة وتجرد، الا ان هذه المبادئ تفتقدها اجهزة الاعلام التي ترتبط بالحبل السري مع حكومات تغذيها من خلاله.

من هم وراء اصدار الاوامر بعدم ذكر اسم الجمعة المذكورة والاقدام على استغباء المشاهدين بهذه البساطة؟.

في المجتمعات الحرة والحضارية يخرج المسؤول ليرد على تساؤلات المشاهدين على الملأ لتوضيح الاسباب من وراء هكذا تصرف ويتحمل المسؤولية بكل جرأة وشجاعة وقد يقدم على الاستقالة من المنصب عند التأكد من الاخلال بواجبات واخلاقيات مهنة رفيعة وحساسة كالصحافة تخاطب مئات الملايين من البشر.

لن اخفي عنكم انني متشائم اذ اين لنا ان نجد هذه الجرأة عند من تسول له نفسه اخفاء الحقيقة حيث كان من المنتظران يبدأ التحقيق من قبل المسؤولين في الفضائيتين لهذا التجني الاعلامي.

ماهو الفرق اذن بين الفضائيتين المذكورتين وبين الاعلام الرسمي السوري؟. كلاهما يتصرفان بالخبر حسب المزاج والرغبة في التحوير او التعامي حسب ما تفرض عليهم ايدولوجية الحاكم. حتى ننأى بنفسنا عن التجني هناك فرق واحد وهو يتعلق بالكمية وليس في النوعية وينحصرذلك في ان كل كيلوغرام تحويرمن الفضائيتين يقابله اطنان من الكذب والغباء من جانب الاعلام السوري.

بشارالاسد نطق ولو سهوا انه يقارن اعلامه مع اجهزة اعلام اعلى مستوى بينما نجد ان اكثرية الفضائيات العربية تقارن نفسها مع الاعلام الرسمي.

عام كامل والمجازر تحصد ارواح السوريين ولم نجد اية محاولة من قبل الفضائيات المذكورة للارتقاء الى مستوى الاعلام الغربي حيث سقط القتلى شهداء للكلمة الحرة من مراسليهم في حارات حمص لا لشيء الا للاخلاص للمهنة التي آمنوا بمبادئها السامية في خدمة الحقيقة.

في الاسبوع الاخير وعلى شاشة quot;الجزيرةquot; كان كل ما قدمه مراسلها هو التقاط الصور مع شبان شجعان من quot;الجيش الحرquot; يتناولون الطعام ويقومون بحركات مسرحية لا تليق بواقعهم، طالب بها المراسل، وربما على بعد امتار من الحدود السورية ــ التركية بل من معسكرات داخل الاراضي التركية بدلا من نقل المعارك في الساحات الحقيقية.

تقاريرالمراسل والمشاهد الهزيلة المرافقة اساءت كثيرا الى quot;الجيش الحرquot; الذي يدافع عن المدنيين بأرواح عناصره دون وجل.

عمل الصحفي ليس سهلا اذ ان quot;الصحفي او المراسل هو الذي يتواجد في المكان الذي يهرب منه الجميعquot;.

كل مشاهدي الفضائيتين من الكرد سوف ينتظرون وبفارغ الصبر الجواب على هذا الحدث المؤلم واتمنى ان يكون الخطأ قد وقع سهواً او انه جاء نتيجة لتصرف فردي لا مسؤول.