مذکرة التفاهم الموقعة بين منظمة الامم المتحدة و الحکومة العراقية الخاصة بالحل السلمي لقضية معسکر أشرف، و التي مرت عليها عدة أشهر، تتحرك بصورة تکاد أن تکون متعثرة، ويبدو أنها تتعرض للکثير من العقبات و العراقيل المختلفة.
ولئن تنفست العديد من الاوساط الحقوقية و السياسية بذلك الاتفاق الصعداء و استبشرت به خيرا و عقدت عليه الآمال، لکن الذي حدث بعد ذلك من ملابسات و امور غير متوقعة من جانب الحکومة العراقية و التي أکدت جميعها على سعيها لنقض الاتفاق و نکث التعهدات التي ألزمت نفسها بها، بدأ المشهد يأخذ شکلا مختلفا و مغايرا لما کان يجب أن يکون، إذ طفقت أحاسيس و مشاعر التشاٶم و عدم الثقة تأخذ بالازدياد بين تلك الاوساط.
معسکر ليبرتي الذي تم إعداده ليکون مکان الاقامة المٶقتة لسکان أشرف حتى يتم نقلهم الى دول ثالثة، أثار منذ الايام الاولى عاصفة من الاراء و الاقوال المتضاربة بشأنه، وفي الوقت الذي کانت الحکومة العراقية و من ورائها مارتن کوبلر ممثل الامين العام للأمم المتحدة في العراق، يٶکدان على جاهزية معسکر ليبرتي من کل النواحي و إستعداده لإستقبال سکان أشرف البالغ عددهم 3400 فردا، کان سکان أشرف و ممثلهم في باريس يٶکدون على عدم جاهزية هذا المعسکر و ضرورة أن يقوم وفد فني بزيارته للنظر في مزاعم الحکومة العراقية بصدد جاهزيته، وکانت الحکومة العراقية ترفض بشدة ذلك المطلب من دون أي توضيح لموقفها، وبعد أن تم نقل الوجبة الاولى من سکان أشرفquot;قرابة 400 فرداquot;، و تلك المظاهر السلبية التي رافقت عملية النقل، تأکد للعالم صحة و مصداقية أقوال سکان أشرف و ممثلهم بخصوص معسکر ليبرتي مما أثار أکثر من علامة إستفهام بشأن ماهية و مصداقية موقف مارتن کوبلر ممثل الامين العام للأمم المتحدة في العراق.
التعثر الذي أصاب عملية النقل بصورة خاصة و مجمل عملية الحل السلمي لقضية معسکر أشرف، تم معالجته مجددا بمبادرة إيجابية بناءة للسيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الايرانية عبر إعلانها الموافقة على نقل 400 آخرين من سکان أشرف في حال وجود الحد الادنى للضمانات و التطمينات لعملية نقلهم، غير ان الذي حدث بعد إتمام نقل الوجبة الثانية، هو ان المشاکل و الازمات بدأت تتفاقم من جديد في مخيم ليبرتي و ظهر جليا بأنه لم تتم معالجة حالات الخلل الموجودة هناك ولاسيما کمية الماء المتدفق و الذي هو بالکاد يلبي حاجة أقل من 300 شخص فکيف الحال مع نقل 400 آخرين وبالاخص وان موسم الحر في العراق على الابواب بعد بضعة أسابيع مما سيضاعف الحاجة لإستخدام الماء و هو ماسيٶدي بالنتيجة الى حدوث أزمة خانقة بشأنه و نفس الامر ينسحب أيضا على المرافق الصحية و الخدمية في المخيم.
الذي يثير القلق و التوجس دائما، هو التدخل غير المبرر و غير المحدود للنظام الايراني فيما يتعلق بتنفيذ بنود مذکرة التفاهم المبرمة بين الامم المتحدة و الحکومة العراقية، وان معظم المشاکل الموجودة في مخيم ليبرتي باقية بطلب خاص من النظام الايراني و هو من يرفض قيام الحکومة العراقية بأية خطوات إيجابية و بناءة لمعالجة حالات الخلل في مخيم ليبرتي، وقد آن الاوان لکي يکون هناك موقف دولي صارم يضع حدا لهذه التدخلات السافرة للنظام الايراني في شأن عراقي داخلي لايعنيه.
ان مطالبة سکان مخيم ليبرتي بأن يتم توفير کميات کافية من الماء عبر ربط المخيم بشبکة مياه المدينةquot;وذلك على نفقتهم الخاصةquot;، هي مطالبة مشروعة، لکن لايبدو أن الحکومة العراقية ستوافق عليها سيما وان ممثل الامين العام مارتن کوبلر لايبادر بإتخاذ مواقف تٶيد المطالب المشروعة لسکا ليبرتي وانما يقف دائما اما الى جانب الحکومة العراقية او يکون في موقف الحياد السلبي، وعندما نعلم بأن هناك 2600 آخرين من سکان أشرف ينتظر نقلهم الى مخيم ليبرتي، فإن الصورة المستقبلية لهذا المخيم تکون أکثر من مروعة و بالغة المأساوية و تستدعي منذ الان إيجاد حل جذري و حاسم لها و جعل مخيم ليبرتي مٶهلا لإستقبال 3400 فردا من سکان أشرف بصورة مٶقتة ريثما تتم عملية نقلهم الى بلدان ثالثة و التي لايمکن التکهن بسقف زمني محدد لإتمامها.