مرة إجتمع القائد الفلسطيني الراحل أبو خالد العمله quot;بفتح العينquot; بعدد من المقاتلين الفلسطينيين. وكان القذافي الزعيم الليبي قد إقترح أن يشتري أرضا في السويد ويسكن فيها الإسرائيليين كحل للقضية الفلسطينية، وعندما ضحك عليه العالم تقدم بإقتراح ثان، أن يعيش اليهود والفلسطينيين في بلد واحد يطلق عليه إسم quot;إسراطينquot; مختصر لكلمتي إسرائيل وفلسطين. فسأل أحد المقاتلين الفلسطينيين أبو خالد العمله كيف نسلم قضيتنا بيد هذا المعتوه وأنتم تجتمعون معه مرة في كل شهر تناقشون فيه قضيتنا الفلسطينية. أجابهم أبو خالد العمله quot; نحن لا نجتمع مع القذافي لمناقشة القضية الفلسطينية. ليبيا بالنسبة لنا مصرف ndash; بنك، والقذافي مدير عام ذلك المصرف. نحن نذهب كل شهر لكي نتسلم مخصصاتكم المالية ومخصصات أبناء المخيمات ولا تلتفتوا لتصريحاته. نأخذ ما يتوفر من المصرف الليبي ولتذهب ليبيا إلى الجحيم!quot;

اليوم لو سئل السفير الأمريكي في العراق كيف تريدون أن تبنوا الديمقراطية في العراق وأنتم تسمعون تصريحات المسؤولين وخطابات رجال الدين الذين يحكمون العراق وينشرون التخلف والخرافات وأنتم تدعون التحضر والمعاصرة والديمقراطية، ويقوم الأرهابيون بالتفجيرات وقتل الإبرياء، وترون حجم السرقات والنهب المخيف الذي سيترك العراق حطاماً، واليوم يريدون إصدار قانون يحكم بالأشغال الشاقة والإعدام لكل من يكتب على صفحات الإنترنت من نقد لوعاظ السلاطين واللصوص في هذا العصر الحديث، فسيجيبكم السفير الأمريكي في العراق quot;العراق بالنسبة لنا مصرف ndash; بنك. نحن نريد تحويل العملات الصعبة إلى مواطنينا ومصارفنا، وليذهب العراق إلى الجحيم!quot;

لقد أكتشف بعض المعنيين في العراق، وفجأة وبدون مقدمات، بأن إحتياطي العملة الصعبة في المصرف المركزي العراقي قد نقص بنسبة ثلاثة وخمسين بالمائة. وهذا يعني تحويل كل واردات النفط من العراق مضافاً إليها الإحتياطي من العملة الصعبة لدى البنك المركزي إلى خارج العراق.
وعندما يريد المواطن الشريف من التحدث عبر وسائل الإعلام والمتوفر منها والسهل مثل المواقع الإلكترونية والإنترنت فإن القانون الجديد المقدم للبرلمان للمصادقة عليه، سوف يحكم على المتحدث المنتقد بالأشغال الشاقة المؤبدة أو الإعدام. فلقد سلبت العصابة الحاكمة في شقيها الديني والمدني كل شيء من الوطن العراقي ولم تبق سوى الأصوات التي يعملون على سلبها وإسكاتها. ولقد إحتجت مؤسسة quot;Human Rights Watchquot; على هذا القانون الذي سيتم تشريعة والمصادقة عليه من قبل البرلمان العراقي.

الفساد والسرقات بلغت كل واردات العراق من النفط منذ سقوط النظام وحتى كتابة هذا المقال سبعمائة مليار دولاراً، مضافاً إليها الإحتياطي من العملات الصعبة في المصرف المركزي العراقي.

فماذا يعني سرقة المال وماذا يعني تحويل المال إلى خارج العراق؟

إن ثمة طريقين يتم من خلالهما سرقة وتحويل أموال العراق إلى خارج العراق. الطريق الأول هو توقيع عقود بكلفة مضاعفة مرات ومرات لتنفيذ مشاريع، أو عقود لمشاريع وهمية أو شبه وهمية مثل ما حصل في شراء أذرع كاشفات الأسلحة والمتفجرات من بريطانيا بملايين الدولارات وهي أذرع بلاستيكية فيها لعبة صوتية مثل لعب الأطفال، لا تكشف أية مادة صلدة، أو سرقة وتحويل المال مثل ما نشرته صحيفة الديلي ميل البريطانية في عددها الصادر يوم الاحد الخامس عشر من شهر يوليو \تموز 2012، عن حجم رواتب ومخصصات المسؤولين العراقيين وضرب أمثلة منها مخصصات أعضاء البرلمان البالغ عددهم 325 نائبا يتقاضون 22 ألف دولار شهرياً مع مخصصات تمثل رواتب الحماية والسيارات الواقية للرصاص والسكن في فنادق المنطقة الخضراء، ولهم مخصصات أقامة داخل العراق حيث يقيم بعضهم في تلك الأوتيلات، لأن بيوتهم في الخليج وعمان وأوربا، وهم ينفقون بمعدل ألف دولار للدقيقة الواحدة حسب الديلي ميل. وتشير الصحيفة إلا أن أحدهم لم يحضر في البرلمان سوى عشرين دقيقة لهذا العام فيما تبلغ مخصصاته الشهرية ومصروفات إقامته تسعين ألف دولار شهرياً!

إن مئات المليارات التي سرقت من العراق هي جريمة وبدلا من أن يحاكم اللصوص والمجرمون فإن الدولة تريد محاكمة القضاة.. السلطة الرابعة التي تكشف الحقيقة! هل عرفتم دولة يسرق حكامها مال الشعب وتحاكم من يكشف الجريمة واللصوص تحت إدعاء الإساءة إلى الدين والقيم والموروث، لأن اللصوص هم وزراء الدولة وأعضاء البرلمان ورجال الدين والمؤسسات الدينية! ولذلك لا يجوز خدش مشاعرهم الروحية والمادية.

عندما يقوم اللص بتحويل الملايين والمليارات يوميا من مال الشعب وفقراء الشعب ويتامى الشعب، فإن هذا المال الذي يتحول إلى حسابه خارج العراق، تودع منه المصارف ستين بالمائة لدى المصرف المركزي لتلك الدولة، أي للمال العام quot;مال الدولةquot; ما يعزز إحتياطي تلك الدولة من العملة الصعبة وهو أيضاً نوع من ضمانة المودعين من مواطني تلك الدولة خشية أن يسرق المصرف أو يفلس فتضمن لهم ستين بالمائة من خساراتهم، فهي وحسب كل قوانين العالم يتم إيداع هذه النسبة من الإيداعات في المصارف التجارية لدى المصارف المركزية.

ولو أراد اللص العراقي أو العربي لسبب ما أن يطلب تحويل مبلغ مائة ألف دولار فقط من رصيده البالغ أربعة وعشرين مليار دولار quot;رصيد أحد المسؤولين العراقيين حسب معلومات السفارة الأمريكية في بغدادquot; فإنه غير قادر على إنجاز تلك العملية الحسابية لأن الدولة المودع لديها المال لا تسمح بتحويل مثل هذا المبلغ إلا بعد معرفة الأسباب وإستحصال موافقات وإجراءات كثيرة وقد لا توافق على تحويل المبلغ وعلى الأغلب لا توافق سيما إذا كانت الجهة التي يحول لها المبلغ ضمن المنطقة العربية وبخاصة البلدان المضطربة سياسيا والعراق أحد تلك البلدان المضطربة وذلك تحت ذريعة الخوف من تمويل عمليات إرهابية.

مسموح للص أن يشتري فيلا في البلد الذي يودع فيه المال الحرام. فالفيلا باقية في أوربا أو أمريكا، والمال المدفوع لمالك الفيلا المشتراة باق في مصرف تلك الدولة، فقط ينقل من إسم المشتري إلى إسم البائع. وعندما يريد اللص العودة إلى وطنه لسبب ما فهو لن ينقل هذه الفيلا معه إلى بلاده. هي باقية على أرضهم.

مسموح إلى اللص أن يسافر وأن يقيم في أكثر الفنادق متعة من حرير السرير، ومن السباحة وشهي الطعام والمساجات، فالأموال المصروفة قليلة ولا تشكل شيئا في مدخراته وأيضا فالمصروفات باقية في تلك البلدان وليتمتع بمثل هذه المتع ثمناً لما قدمه من خدمات جلى للمصارف المركزية لبلدان أوربا وأمريكا وبالتالي لإقتصاد تلك البلدان.

مسموح للص معاشرة النساء ما يشاء بإسم الرب وبإسم الشعب زواج متعة أو زواج مسيار أو زواج عرفي، مسموح إذاً للصوص أن يصرفوا ما يشاؤون من المال من وطن يسبح في الماء الملوث ويمشي في العتمة، ولو تم تصديق القانون وهو سيكون بأثر رجعي كما أشيع فإن كاتب هذا المقال محكوم بالإعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة!

دعونا نعرف شيئا عن تاريخ المصارف وفكرة تداول المال كي نصل إلى ما يقدمه حكام العراق ومسؤولوه إلى خزائن المال في العالم من خدمة، تاركين البلد يغرق في جحيم المأساة المعاصرة التي لم يعرف التاريخ لها مثيلاً!

المصرف يسمى بالإنكليزية quot;بنكquot; وبالإيطالية quot;بانكوquot; ومعناه المنضدة أو الطاولة الخشبية أو المقصف ويسمى باللغة الأغريقية quot;طربيزةquot; ومعناه أيضا quot;المنضدةquot; والكلمة متأتية من الصرافة من وراء الطاولات في الشوارع حيث كان الصرافون وأغلبهم من اليهود يقومون بتغيير العملات ويربحون من فائض التحويل ولذلك سمي البنك أيضا quot;المصرفquot; ثم وبعد تطور عمليات التحويل والأرباح التي جناها اليهود من عمليات الصيرفة نقلوا الفكرة من المناضد ndash; الطاولات، في الشوارع إلى بيوت المال quot;البنوك والمصارفquot; التي حملت نفس الإسم quot;بنك، مصرف، طربيزةquot;.

وإستطاعت المصارف من تطوير فكرة صرف العملات إلى فكرة حفظ الأموال وإدخارها وإستثمارها، ويهذه الطريقة أصبحت الأموال في حوزة أصحاب المصارف وجلهم من اليهود quot;ليس الحديث عن اليهود نقداً لفكرتهم بل هو تأكيد شطارتهم وذكائهم وأيضا تعبير عن غباء العرب والعراقيين موضوع حديثناquot;

ترصد المؤسسات المصرفية والمحافل تأسيس البنوك العربية، وهي تخاف أن تشكل هذه المصارف بديلا ولو نسبيا عنها فتحول دون إدخار المال في مصارفها وفي بلدانها. ومع أن عمليات الإستيراد والمقاصة المصرفية تؤدي بالضرورة إلى نقل المال العربي من المصارف العربية إلى المصارف البريطانية والأمريكية لكنها أي المصارف والكارتلات المصرفية تريد أن يفقد المودع العربي ثقته بمصارفه العربية والإسلامية فعملت على إختراق هذه المصارف بالكفاءات المصرفية إداريا وعملت على تفليس تلك المصارف quot;من المصارف التي تم تفليسها بنك أنترا اللبناني وبنك البتراء الأردني وبنك الإعتماد الإماراتي، والبنك الإسلامي في مصر...quot; وبهذا بات الأثرياء العرب يفقدون ثقتهم بمصارفهم وصاروا يفضلون إيداع الأموال بالمصارف الأجنبية.

نمت فكرة الإدخار وحفظ الأموال في سويسرا أكثر البلدان إستخداما لحفظ المال بسبب حالة الإستقرار، فحصلت سويسرا على إمتياز إيداع أغلب أموال الأثرياء من العرب لديها، وأصبحت سويسرا بمجملها أكبر مصرف للمال. وكجزء من اللعبة فقد أبتكرت المصارف السويسرية ولحقت بها كثير من المصارف الأوربية إعتماد كلمة سر لصاحب المال يستطيع بموجبها سحب المال quot;ضمن المسموح به وضمن فكرة بقاء المال ضمن مصارف الغربquot; فماتت الكثير من الأموال والودائع بموت أصحابها. يصادف أن يموت الشخص بحادث سيارة أو طائرة أو موت مفاجئ وتموت معه كلمة السر، وكثير من الأثرياء العرب لم يعطوا زوجاتهم وأبناءهم كلمة السر خوفا من أستخدام الأموال المودعة. بقيت أموال شاه إيران وعائلته وشيوخ الخليج وأموال الدكتاتور العراقي وعائلته وأموال القذافي والقائمة تطول، بقيت ملكا للمصارف وداعمة لإقتصاد الغرب. كما إبتدع اليهود فكرة كازينوهات القمار لنهب الكثير من ثروات النفط العربية إلى جانب المصارف.

لم يعرف العراقيون في تاريخهم هذا النوع من البذخ وتهريب المال، ولا هذا النوع من الإيداعات. فملوك العراق وساستهم في الحقبة الملكية الدستورية لم تمتد يد أي من منهم على المال العام ويروى عن الوصي عبد الأله أنه أستلف مبلغ مائة دينار من مصرف الرهون لحاجته بسبب عدم تغطية راتبه لمصروفاته في شهر من الشهور. وعبد الكريم قاسم الذي تورط بما يسمى الثورة مات وفي حسابه دينار ومائتين وأربعين فلساً، ولم يعرف عن العارفين عبد السلام وعبد الرحمن ورؤوساء وزاراتهم طاهر يحيى وعبد الرحمن البزاز أي من السرقات أو مد اليد على المال العام أو تهريب أموال العراق إلى خارج العراق. لم تبدأ السرقات سوى مع عهد النظام الشمولي الدكتاتوري بعد السابع عشر من تموز عام 1968 وحصل ذلك في أول إجتماع للقيادة القطرية لحزب البعث الحاكم بعد أن تسلم الدكتاتور زمام الأمور كاملة وإجتمع بقيادته القطرية طالبا نسبة من عائدات النفط في حسابه الشخصي تحت ذريعة أن يكون للحزب رصيد في حال تعرضه لنكسة سياسية جديدة. وعندما إعترض عليه بعض أعضاء القيادة تمت تصفيتهم بمحاكمة حزبية وبعدها بدأت المصارف الأجنبية وبنوك سويسرا، تستقبل أموال عائلة الدكتاتور الحاكمة quot;فقطquot; ولا تزال الأموال موزعة بين المصارف لا أحد يستطيع سحبها على الأطلاق ولا أحد يعرف حجمها ومكانها لأنها مودعة بحسابات سرية بأسماء شخصية وقد مات أصحابها. ثمة أموال لدى بضعة أشخاص من أتباع النظام الدكتاتوري موزعين في العالم وهي ليست قليلة ولكنها تشكل نسبة بسيطة قياسا بحجم المدخرات المودعة في المصارف العالمية.

عندما سقط النظام الدكتاتوري الشمولي الأرعن في العراق كان العراقيون quot;يتمنونquot; أن يتنفسوا الصعداء بعد حالة الكبت المرة والمريرة وتنكشف أسرار الدكتاتور والدكتاتورية والنهب والحروب وإضطهاد الحريات، وإذا بنا أمام عصابة جديدة لم ير التاريخ مثيلا لها. عصابة من الأميين حملة الشهادات المزورة والوجوه المفروشة والأنوف البارزة والكروش المعوجة بجبة وربطة عنق وعمامة ونساء محجبات يسيطرون على حقوق الفقراء الذين كانوا ينتظرون أن يسعدوا بمدارسهم وبيوتهم التي تقيهم الحر والمطر، إذا بنا أمام هذه العصابة الجالسة في البرلمان وفي مجلس الوزراء وفي الوزارات والمحافظات وقرب المراقد الدينية المقدسة للبدء في سرقات مستعجلة. نهب وهروب وتأسيس شركات وهمية وغير وهمية وزيادة في إنتاج النفظ لمزيد من الوارادات حتى دون حساب لما يعنيه زيادة كمية النفط المستخرج من التأثير على البيئة وأستخدام حق الأجيال القادمة من ثروات العراق فيسقط الناس في هوة لا قرار لها حتى بدأ أسيادهم المنتفعون من كل هذه الفوضى بتسريب المعلومات لأن السيل قد بلغ الزبى وخاف الأسياد من الكشف العالمي والإنساني والتاريخي لأن ما يحدث قد خرج عن المعقول ودخل في سلوك الجنون جنوب النهب والإستهتار، فسربت السفارة الأمريكية لأحدى الصحف المحلية عن حجم ممتلكات أصحاب السلطة، ثم نشرت الديلي ميل أخطر تقرير لها بتاريخ الخامس عشر من يوليو\ تموز لهذا العام 2012 عن حجم النهب من قبل أعضاء الحكومة والبرلمان.

في خضم هذا البحر الهائج من السرقات والتي شملت حتى أستخدام الإحتياطي من العملة الصعبة في البنك المركزي العراقي، لابد من أن تنشر وسائل الإعلام هذا السلوك الفاحش عبر وسائل الإعلام المتوفرة ومنها الإنترنت لكشف حجم السرقات والمسؤولين عن هذه السرقات والدعوة لمحاسبتهم وإسترجاع حقوق الناس. ولأن ضمن المدانين عدد كبير من المحجبين والمحجبات والمعممين والمعمات فقد أعتبر النقد مساساً بالدين والكرامة. السرقات ليست لها مساس لا بالدين ولا بالكرامة ولكن الحديث عنها يعتبر مساس بالدين والكرامة ويحاسب عليه القانون بالسجن المؤبد والأشغال الشاقة وأيضا بالإعدام.

يلاحظ أن تقديم قانون محاكمة الكتاب والصحفيين في الإنترنت إلى البرلمان قد حصل بعد الإحتفال بعيد الصحافة الثالث والأربعين بعد المئة وليس قبله. حيث وقف السيد رئيس الوزراء مخاطبا جمهور quot;مادلين مطرquot; من المحتفلين بعيد الصحافة قائلا. نحن بلد ديمقراطي يفخر بحرية التعبير وها أنتم أحرار بالتجول في أنحاء العراق كي تلمسوا الديمقراطية بأنفسكم، إذهبوا وتجولوا وأنتم أحرار فيما تكتبون.

عند إنتهاء الحفل وفي توديع السيدة quot;مادلين مطرquot; وأخواتها وأخوانها من المدعوين وتسلمها وتسلمهم مبالغ هدايا الموافقة على المشاركة! شكرت السيدة مادلين مطر العراق حكومة وشعبا قائلة quot;الحقيقة وبعد أن تجولت في المنطقة لمست ديمقراطية كتير حلوي ما موجود منها حتى في لبنان. الحقيقة شو مسقف السيد رئيس الوزرا وشو فهيم. يخزي العين. أنا الحقيقة أنبسطت معكن. ميرسي كثير!quot;

وبعد سفر ضيوف المهرجان، ضيوف الرحمن، تقدم السيد رئيس الوزراء بقانون معاقبة من يكتب في المواقع الإلكترونية ما يسيء إلى الدين والتراث والكرامة!

قال quot;كارل ماركسquot; إذا تكررت الظاهرة في التاريخ مرتين فإنها في المرة الأولى تأتي على شكل مأساة وفي المرة الثانية تأتي على شكل مهزلة!

لقد عشنا مرحلة المأساة في حقبة الدكتاتور وكانت طويلة ومرهقة وكان ثمنها باهضاً على العراق وعلى الجيل الماضي والحاضر والآتي. مأساة الحروب والنهب العائلي والدم المستباح وتفشي التخلف وسيادة القسرية. واليوم أتت للعراق حقبة المهزلة يقودها أيتام النظام السابق والسجناء الذي أطلق الدكتاتور سراحهم قبل سقوطه، سجناء الجريمة الجنائية ويقودها طبقة التخلف من المتسترين بالجبب والعمائم الظاهرة والخفية وطبقة الحجاب الظاهر والمستتر.. هؤلاء ينجزون مرحلة المهزلة بإشراف أمريكي وإيراني منظم تسوده الفوضى والتفجيرات وفقدان الضوء والماء عصب الحياة والحياة المعاصرة حتى يتم النهب المنظم بأسماء الحاكمين ولحساب الأسياد ليترك العراق جثة هامدة في نهاية المطاف.

فهل العراق والعراقيون هم هكذا وهل هذه هي صورتهم وكما يراهم العالم؟!
الحقيقة هناك عراقان، عراق لصوص المصارف من القتلة وأصحاب المتاريس والحواجز الكونكريتية والمنابر، وهناك عراق ثان من المغتربين الأنيقين ومن فقراء الناس داخل العراق والغلابة والمغلوب على أمرهم والذين لا حول لهم ولا قوة. ليس لهم إله ولا رب، وإن وجد فهو فقير وطيب مثلهم لا يعرف المراوغة والكذب وليس لصاً ولا يستطيع مقاومة الرب الثاني، إله القتلة ولصوص المصارف وإله الإحتكارات الدولية التي تمثلها الطغمة الحاكمة في العراق!

تعقيبا على مقالتي السابقة بعنوان quot;الشيوعيون والواقع الموضوعي للسيد المالكيquot; والمنشورة في إيلاف، كتب quot;مغتربquot; في تعليقه كلمة مؤثرة جعلتني أفكر كثيراً وأقرر أن أقول بقية ما عندي ثم أتوقف قريباً عن الكتابة وأنشغل فيما يعود علي براحة البال والبعد عن الهم. وحقيقة الأمر أنني أكتب من أجل تأرخة الحقائق التي يمر بها أهلي وأبناء وطني وعسى أن يستفيقوا ويفكروا.

وعلى المستوى الشخصي فإني أشعر بالغثيان ولا بد أن أدلق ما في جوفي من المر وأرتاح. لقد نصحني المغترب في تعقيبه على المقالة السابقة قائلا:
quot;.... كل الذي أستطيع أن أقوله لك الآن هو شكراً، مع تقديري وإحترام أخ عراقي لك في المهجر، لأني لا أستطيع أن أمر على كلمة الحق دون أن أحيي صاحبها، ولكني أراك كمن يصرخ في معبد خاو لا يسمع سوى صدى صوته لأنك تكلم أمواتاً أو صم عمي بكم فهم لا يفقهونquot;.

كاتب وإعلامي عراقي مقيم في بريطانيا
[email protected]