من مهازل الدنيا ونكاتها المرة أن يتربع على سدة الحكم في وطني شخص مثل أحمد حسن البكر أو صدام حسين أو عجيل الياور أو جلال الطالباني أو أياد علاوي أو إبراهيم الجعفري أوً نوري المالكي! ليس لأحد منهم علاقة بالوطن والسياسة وشكل الدولة لا من قريب ولا من بعيد. كل واحد منهم يفهم الوطن بقدر ما يحميه ويؤمن له البقاء أطول فترة ممكنة يستطيع من خلالها أن يأخذ أكثر ما يستطيع من المال ليس الفائض منه بل جميعه وليس جميعه بل حتى إحتياطه من العملات الصعبة إذا ما عجزت واردات النفط من تغطية رغبة السرقات المجنونة في بلادي وتحويلها خارج بلادي! المواطن لا يستطيع إجراء التغيير السياسي ألان فهو منهك والواقع ليس شخص رئيس الوزراء، وإلا لكان من السهل إجراء التغيير بين عشية وضحاها والحاكم ليس حاكماً. إنما هو أمريكا وإسرائيل وإيران والمنطقة. هم الذين يغيرون متى شاؤوا وتنصيب من ومتى شاءوا وهم يريدون إتلاف الوطن وإنهاءه وأنتم المنفذون! ولذا يصبح التغيير ليس سهلاً وإلا لكان حصل بين يوم وليلة وأنتم ليس لكم سوى بضع كيلومترات من مساحة العراق تسمى quot;المنطقة الخضراءquot; تاركين العراق يعيش في المنطقة الحمراء!

أكتب هذا الموضوع بعد أن تلقيت مكالمة من سكرتيرة في سفارة العراق .. أو بالأحرى سفير وزارة الخارجية العراقية، أو بالأحرى سفير وزير الخارجية العراقي يدعوني فيها إلى تناول إفطار اليوم الأول من شهر رمضان، في منزله لمناسبة الشهر المبارك. رفضت بطبيعة الحال، ولو لم أرفض لكنت نذلا ولصاً ولا أستحق هويتي العراقية. فنحن لا سفارات لنا بمعنى السفارات، وهي مجرد كومة من موظفين يتقاسمون فرص المحاصصة وفرص النهب ولا علاقة لمواطن عراقي يعيش خارج العراق بأية سفارة من هذه السفارات، المحطات التي تنظم أوضاع اللصوص وتسهيل العقود والصفقات والمقاولات لنهب ما تبقى من خير وهبه الله لوطني العراقي.

وبعد يومين من المكالمة لتناول الإفطار إشتعلت بغداد والديوانية والنجف ومدينة الثورة بالإنفجارات وقتل العشرات العشرات من الأطفال والنساء، ولا شيء سوى الموت والجراح النازفة والبكاء والعويل والدفن والإغتسال والوضوء والصلاة على الميت وشراء القبور وسط التدهور النفسي والإقتصادي ووسط الحرارة المميتة التي تحيل أجساد الصائمين إلى ما يشبه الشمع من شدة الجفاف ووساخة وتلوث المياه، فيما يجلس السفير العراقي مدعياً الصيام والصلاة والتقوى ليدعو أبناء الجالية العراقية على مائدة أفطار ملوثة بدم العراقيين .. ترنو إلى مائدة الأفطار عيون أطفال العراق بعين الغضب والدعاء إلى الله على كل صائم في حكومة العراق بأن ينال العقاب في هذه الدنيا قبل الآخرة. الدعاء إلى الله على كل صائم فوق منبر حسيني أو فوق منبر مسلم أن لا يوفقهم الله وهم ينظرون إلى القتلى أشلاء في شوارع المدن العراقية الخالية من الكهرباء ومن الماء وهم صيام رمضان بتقوى إيمانهم الحقيقي يلتفتون نحو حساء من الماء والملح منتظرين مدفع الإفطار فيأتيهم مدفع الإرهاب الذي يحمل بارود كل رجال الدولة والسلطة ويحمل بارود كل عمائم رجال الدين الذين لم يؤدوا لدينهم ولا لربهم ذرة من حكمة الله وحكمة رسوله quot;ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يرهquot;. إن كل من يستجيب لنداء الإفطار على مائدة رجل دولة أو رجل دين عراقي هو كافر ولا يستحق عراقيته.

كم حجم المال المنهوب أيها السيد رئيس الوزراء منذ التاسع من أبريل\ نيسان عام 2003 وحتى الآن؟

كم عدد السارقين في حكومتك أيها السيد رئيس الوزراء وفي حكومة الذين سبقوك أيها السيد رئيس الوزراء؟ كم هم ضحايا حكوماتكم أيها السيد رئيس الوزراء؟ وما هي سياستكم الثقافية والإعلامية لتوجيه المواطنين أيها السيد رئيس الوزراء؟! وهل يحميكم ويغسل ذنوبكم مسلسل الإمام الصادق إمام الفقهاء المشترى بثلاثة أضعاف ثمنه!؟ هل تظن أنه يحميكم ويغفر لكم ذنوبكم مما يجري في العراق!؟

أنا لو كنت رئيساً لوزراء العراق لتمكنت من إيقاب الارهاب بزمن قياسي، والمسألة غاية في البساطة، لأنني في بلد ثري بشكل غير معقول من الثراء قادر على تحقيق المعجزات وفق التقنيات الحديثة، وأنا إنسان صافي الذهن صافي اليدين وأحب وطني لذلك وببساطة أستطيع إيقاف الإرهاب ورده لأنني أحب الوطن. والعراق لا يشكل أزاء الصين سوى قرية صغيرة لو سألنا صيني عن عدد نفوسنا وقلنا له عشرين مليوناً لسألنا في أي فندق تقيمون؟! الصين عندما تعرضت في تاريخها لهجمات من الأتراك والمنغول وبالذات من قبائل الهون التركية شيدت سورها العظيم الذي دخل التاريخ. وقد شارك في بنائه ثلثمائة ألف مواطن من الأسر الصينية الحاكمة على إمتداد حدودها وبوسائل بدائية من الطين ومن ثم من الحجر على أمتداد حوالي سبعة آلاف كيلومتراً يمر بموازاة الإنهار وتشكلت إنحناءاته مع تضاريس الجبال والتلال. ولقد بني السور مائتي عام قبل الميلاد أي قبل أكثر من ألفين ومائتي عام. وهو مضاف إلى التراث العالمي اليوم .. وها هي الصين ترفل بالأمان، فيما يعيش العراق وهو لا يساوي في مساحته قرية صينية صغيرة من قراها غير قادر وضمن التكنولوجيا الحديثة من بناء سور يطوق وطننا المنتهك بسور أعظم من سور الصين في متانته وأقل مساحة منه بعشرات المرات ومزود بكل أجهز المراقية وله فتحات للشاحنات ويتم تدقيقها وفتحة للمواطنين ويمكننا مراقبة أي تحرك من الحدود وهو حق من حقوقنا لا يستطيع أحد أن يحول دون بنائه ومن يريد الإعتراض من الجنوب أو الشمال فليذهب إلى الجحيم ويشرب من ماء البحر أو الجبل.

فلماذا العراق وهو بهذه القدرة المالية غير قادر على تطويق حدوده بحزام الأمان؟
العراق قادر على بناء سور أعظم من سور الصين من الأموال المنهوبة فقط في شبكة الإعلام العراقية وفي القناة العراقية. والقناة العراقية نهبت على مدى عشر سنوات ما يقرب من نصف مليار دولار .. وهذا النصف مليار دولار وحده كفيل ببناء سور يطوق حدود العراق ويحميها إذ لا يحميها أماما الفقهاء بسعره المضاعف ثلاث مرات! ورواتب أربعة آلاف منتسب لقناة لا تستوعب أكثر من مائتي منتسب!

لكنكم ايها السيد رئيس الوزراء منشغلون بالملفات وما تخفيه الملفات وما تحققه لكم تلك الملفات من الإبتزاز السياسي أما المواطن فإنه مشروع إبادة وهي الأجندة الخارجية المؤكدة. فأما أن تكون وطنياً أو لا تكون .. خذ ما حصلت عليه من المال وأهرب إلى البلدان المجاورة وخذ دعوتك وحزب دعوتك بنفراته وأنشأ مصنعا للدواء المزيف في الشام ومصنعاً آخر للألمنيوم في دبي كي تحترقون في سعيره في درجة الحرارة التي تجاوزت الستين. هو جهنم وطني العراق الآن .. هو جهنم يعيش فيه مواطنون ورعون أبرياء فقراء أموات أحياء أحياء أموات أطفال أيتام يموتون ولا أحد يفكر بما يجري لهم من ذبح لمستقبلهم ولحاضرهم حرموا من المدرسة والسفر ومعرفة الحياة والعلاج ويشربون ماءً مسموماً .. لا وفقكم الله.

من أية دعوة إسلامية أنتم أعضاء حزب الدعوة؟
من أية دعوة إسلامية أنتم أعضاء المجلس الإسلامي؟
من أية دعوة إسلامية أنتم يا أبناء السنة؟
من أي وطن أنتم أيها الديمقراطيون؟
من أي وطن أنتم أيها المستقلون؟
من دعاكم للقدوم إلى وطني ومن أي وطن أتيتم؟
من أي ملة أنتم ومن أية ديانة؟

لو كنتم تريدون الحكم وتفهمون الحكم فإتركوا حزبكم يبشر بالدين ويوم الدين وإستقبال quot;أبو صالحquot; وإنشغلوا أنتم بالعلم والتكنولوجيا ومعرفة مفهوم الدولة الحديثة وبناء الدولة وتخليص البلاد من الجوع والبطالة لأن الجوع كافر والفقر كافر ولو كان الفقر رجلاً لقتلته! إن جانباً من الأرهاب، جانبا منه، يمثل حالة من العدمية واليأس اللتين تقودان للضرورة الحتمية إلى الإرهاب. فأنتم بهذا الشكل أو ذالك جزء من العملية الإرهابية.

وأنتم أيتها المرجعية الدينية القابعة في درابين ودروب النجف quot;الأشرفquot; أين هي إلتزاماتكم بدينكم؟ هل أن مهمتكم هي المحافظة على بنايات المراقد والصلاة في صحنها وحضرتها ؟ ماذا ستقولون لله في يوم القيامة؟ أم أنكم تعرفون أن القيامة والجنة والنار هي في الأرض وليس في الآخرة من جنة ولا نار وكل شيء محض إفتراء .. وتعرفون أن لا ثواب ولا عقاب وليس ثمة من يحاسب! وعليه بات عليكم إحتلال الأرض وتوزيعها بين الجنة النار وبين الجنة والجنة وبين النار والنار كل حسب هواكم!؟ ويأتي السفراء لأقامة موائد للإفطار لرشوة أبناء الجاليات العراقية بصحن من الرز المزين باللوز والكشمس فيما صراخ العراقيين على شاشات التلفزة يقطع القلب. ولا من ضمير!

إن الحسين ومحمد الباقر والسجاد والعباس أبا الفضل لا يحتاجون إلى قنوات فضائية تبكيهم وتبكي الناس فيما ملاكها وأصحابها تمتد أياديهم إلى خزائن البلاد وأموال العباد والحسين يقول quot;جئت لطلب الإصلاح في أمة جدي آمر بالمعروف وأنهي عن المنكرquot; فأي معروف أمرتم به وأي منكر نهيتم عنه!؟

السيد رئيس وزراء العراق
أنا المواطن قاسم السهيل أقيم على كل واحد منكم دعوى قضائية في محكمة العدل الدولية، كما أقيم ذات الدعوى على كل رجل دين ساكت قولا وفعلاً كما أقيم الدعوى ضد كل سفراء وزير الخارجية. مطالباً بحقوق وطني وأبناء وطني فلقد بلغ السيل الزبى ولا يعنيني من إعلامكم لا إمام الفقهاء ولا سيد الشهداء لأنكم تكذبون بحقهم وتنهبون المال بإسمهم. أنا أبحث عن وطن هو وطني المنتهك المستلب والفقير والغارق في المرض والعوز والفاقة والساكن في البيوت العشوائية. إعلامكم بائس غير مقنع وهو يغطي على جرائم صارخة بمسلسل عن إمام للفقهاء وآخر عن سيد الشهداء. وينشغل بالثقة وسحب الثقة وإعادة الثقة والإصلاح السياسي والحكيم والصدر والبرلمان المزيف! تاركاً الناس تعيش في العتمة والفقر والفاقة.

كما وأنني أقيم الدعوى ضد من ابتلانا بالدكتاتور من الأمريكيين والإسرائيليين وهم يلعبون معنا ثانية بإسم الدين وتحت شعار الديمقراطية الزائف.

إن صلاتكم غير مقبولة وصيامكم غير مقبول وإن العقاب قائم في أية لحظة، ليس هو عقاب الله بل عقاب فيزياء الحياة الذي لا يقبل الشك quot;من يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يرهquot; يراه هنا على الأرض فثمة فيزياء العقاب وفيزياء الثواب وسوف لن يفلت من قابهما أو خيرهما أحد .. هو قانون فأنتبه أيها السيد رئيس الوزراء وإفتح ملفات الفساد ولا تخف. وسيج الوطن بسياج سور الصين العظيم وسياج عدالة الصين العظيمة فستعيش بأمان وتستطيع النوم تحت نخلة وافرة الظلال دون أن تخاف.

إن طفل العراق هو سيد شهداء الكون. أن الأم العراقية المحرومة من الحياة والتي لا تعرف شيئا عن هذه الدنيا وكل يوم تفقد أخا أو زوجا هي العقيلة المعاصرة التي تحملت أكثر مما تتحمل نساء الكون. وإن السيدة العراقية الشابة التي تسقط في هوة الجسد المستباح إنما هي قديسة التاريخ ولا قديسة سواها، وأنتم المدانون بإستباحتها في المنطقة الخضراء ومشاهد اليوتيوب شاهدة على تلك الإستباحات حيث الفقر سيد المغفرة. إن شباب العراق هم أسياد شباب أهل الجنة وأسياد شباب العالم وهم يقتلون بالمجان وبدون رحمة وأنت أيها السيد رئيس الوزراء تظهر كل يوم على شاشات تلفزيونية مريضة ومتخلفة لتتحدث عن الثقة وسحب الثقة والإصلاح quot;السياسيquot; تاركاً حدود العراق مفتوحة للإرهاب واضعا السور فقط حول مكتبك ومكاتب أزلامك وليذهب العراق إلى الجحيم في مدينة الثورة وفي النجف والديوانية وديالى والرمادي والبصرة وسامراء quot;سر من رأىquot;!

كاتب وإعلامي عراقي مقيم في بريطانيا
[email protected]