تمخض الجبل فولد فأرا، هذا هو حصيلة المشروع الخاص بنقل سکان معسکر أشرف الى ليبرتي، حيث ان النتيجة النهائية و بعد کل ماقد قيل و جرى، تم وضع القضية برمتها في متناول يد النظام الايراني و برضا و موافقة منظمة الامم المتحدة و الولايات المتحدة الامريکية.

مذکرة التفاهم الخاصة بالحل السلمي لقضية معسکر أشرف و الموقعة من جانب منظمة الامم المتحدة و الحکومة العراقية اواخر العام الماضي، إعتبرتها الاوساط الدولية بمثابة خارطة طريق واضحة لمعالجة تلك القضية بالاسلوب الامثل، و على الرغم من کل السلبيات التي رافقتها منذ البدء بتطبيقها اوائل العام الجاري، لکنها مع ذلك بقيت تحظى بأهميتها و عمليتها في معالجة القضية، غير ان المشکلة الکبرى التي إعترضت دائما تطبيق بنود هذه المذکرة کانت متعلقة دائما بالتدخلات المختلفة للنظام الايراني في مسار و سياق تنفيذ تلك البنود و التي کان النظام يريد دائما أن يوجهها بالاتجاه الذي يخدم مصلحته و أهدافه.

ذکر تدخلات النظام الايراني في کل الامور المتعلقة بمعسکر أشرف بصورة عامة و في قضية الحل السلمي للقضية بصورة خاصة، ليس مجرد کلام تخميني او تحليلي، وانما هو کلام يستند على أرضية قوية جدا من الواقعية و التي وصلت الى ذروتها بإطلاق تصريحات بشأن قضية الحل السلمي من طهران نفسها و على لسان مسؤولين بارزين فيها، والانکى من ذلك ان مارتن کوبلر ممثل الامين العام للأمم المتحدة في العراق و الذي يعتبر طرفا مهما في القضيةquot;ويفترض به الحياديةquot;، کان في طهران الى جانب فالح فياض المستشار الامني للحکومة العراقية، عندما أطلقت تلك التصريحات الغريبة و الملفتة للنظر من طهران، ذلك أن المشکلة الکبرى و الاساسية لسکان أشرف و ليبرتي تعلقت و تتعلق دائما بالخطر الداهم الذي مثله و يمثله النظام الايراني عليهم، وانهم لطالما حذروا من دسائس و مکائد و المخططات المشبوهة له فهمquot;أي سکان أشرف و ليبرتيquot;إيرانيون اولا و أخيرا وان صاحب الدار أدرى بما فيه، ومن هنا، فهم الادرى بما يکيده و يخطط له النظام، لکن المصيبة أن کونهم معارضين للنظام الايراني يدفع بالمجتمع الدولي او على الاقل اوساطا دولية محددة الى عدم أخذ کلامهم و تحذيراتهم بشأن النظام الايراني على محمل الجد، و الطامة الکبرى في ان اوساطا و شخصيات سياسية و دوليةquot;ومن ضمنها مارتن کوبلر ممثل الامين العام للأمم المتحدة في العراق بحد ذاتهquot;، وبإيحاء و تلقين من جانب النظام الايراني بطرق و اساليب متباينة، تتخذ مواقفا متناغمة و متفقة تماما مع رؤيا و توجهات النظام الايراني، وان الموقف الاخير لکوبلر و المتلخص بخارطة الطريق التي حددها بنقل العدد المتبقي من سکان أشرفquot;1200 فردquot;، الى فندق مخصص لذلك، هذا الرأي کان يمکن منحه شئ من الاعتبار و الاهمية لو انه کان من بنات أفکار کوبلر نفسه، لکن أن يکون ذلك الفندق هو فندقquot;اليمامةquot;في بغداد، والذي تديره المخابرات الايرانية تحت يافطةquot;منظمة الحج و الزيارة الايرانيةquot;، وان يرد ذکر اسم هذا الفندق في وثائق للنظام وقعت بيد المقاومة الايرانية، فإن لهذه المسألة معنى و منحى آخرا يختلف تمام الاختلاف عن المزاعم التي يؤکد عليها کوبلر، إذ انها بمثابة کماشة او فخ او کمين او أي شئ حتى اسوأ من ذلك، فأخذ الضحية للجلاد او العجل للمسلخ ليس يعني سوى کلمة النهاية، وهذا ماسيقود إليه خارطة الطريقquot;الذکيةquot;وquot;الاستثنائيةquot;لکوبلر، لکن، مربط الفرس ليس هنا بالذاتquot;رغم وخامته و خطورتهquot;، وانما هو في مکان أکثر خطورة و حساسية ذلك أن النظام الايراني عندما يتمکن من تجيير منظمة الامم المتحدة بحالها لصالح أهدافه و مصالحه وهو ماقد عجز عنه الغرب بالنسبة للقضية السورية حتى الان، فإننا يجب أن ننظر لهذا الامر بدقة بالغة و نسعى لکي نستشف منها العبر و المعاني، وان المعنى الغريب الاول الذي يعطيه خارطة طريق الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق مارتن کوبلر هو ان للنظام الايراني قدرة و إمکانية و خبرة أکبر من الدول الغربية برمتها في کيفية الصعود على ظهر منظمة الامم المتحدة و قيادتها بالاتجاه الذي تريده، والمعنى الاغرب الثاني هو ان المجتمع الدولي الذي يريد عن طريق قرارات الشرعية الدولية لجم هذا النظام، کيف يسوغ لهذا النظام أن يتلاعب بقرارات الشرعية الدولية فيما يتعلق بالمعارضة الايرانية؟ ان هکذا دخولquot;خطيرquot;وquot;مشبوهquot;الى أهم منظمة دولية في العالم من جانب نظام يفترض انه محاصر و يعاني الامرين، سؤال نوجهه للمجتمع الدولي ونقول فيه: هل أن الملالي أقوياء لهذا الدرجة، أم ان المجتمع الدولي ضعيف و ساذج الى هذه الدرجة؟

[email protected]