على أيام دكتاتور العراق صدام حسين كان اختيار الوزراء يقع ضمن دائرة مزاج ( القائد الضرورة ) فهو القائل ليس لدينا قانون منزل، نحن نصيغ القانون ليلا ونلغيه صباحا، وقال أيضا ننقل المحكوم بالإعدام من كرسي المشنقة إلى الشارع ومن الشارع إلى كرسي الوزارة، ولم يتغير الحال كثيرا بعد سقوط نظام الدكتاتور في مبدأ الاختيار وان اختلفت الآليات قليلا، حيث منحت صلاحية اختيارهم لأحزابهم أو كتلهم حسب الحصة المقررة، والتي تشبه إلى حد كبير حصة البطاقة التموينية من حيث النوعية والكمية.
وكلما سمعت أو رأيت وزيرا أو نائبا أو مسؤولا من مسؤولي الغفلة ( على غرار عريس الغفلة ) تذكرت رواية شعبية يتداولها الأهالي هنا في بلادنا منذ زمن بعيد، تقول الرواية إن مختار قرية وافاه الأجل فانتشرت الفوضى فيها وانتعش اللصوص، مما دفع الأهالي إلى التجمع في بيت حكيم القرية الذي ( العارفة ) والطلب منه إيجاد حل لمعضلتهم في الفوضى التي تضرب القرية، واللصوص الذين يسرقون كل ليلة بيت من بيوتهم.
وبعد تفكير عميق لحكيم قريتهم اقترح لهم شخصا يكون مختارا لتلك القرية، فذهل أهل القرية حتى غضب الكثير منهم، حيث اقترح الحكيم تعيين ( كبير الحشنشلية ) أي رئيس الحرامية مختارا لهم، وكانت حجته ومبرراته للغاضبين والمذهولين ان هذا الشخص كبير اللصوص في القرية واكثرهم سطوة وقوة وتفننا في السرقة، وهو ادرى الناس بعدد الحرامية وطرقهم التي يستخدمونها في سرقة البيوت والبساتين والأغنام مما سيمنعهم من السرقة وبذلك يعم السلام والأمان في القرية.
وصدق الحكيم فيما ذهب إليه وتوقفت السرقات الليلية ولم يعد يحتاج اللص إلى مغامرة الدخول إلى بيت أو دكان أو مخزن للسرقة ويعرض نفسه للقتل أو الإصابة، لكنه حكيمنا المسكين نسى ذكاء اللصوص وتفننهم، بل مقدرة زعيمهم الذي أصبح مختارا للقرية على الإبداع في تطوير اللصوصية ونقلها من شكلها البدائي في دخول البيوت والدكاكين والمخازن، إلى أسلوب أكثر تطورا لا يحتاج إلى تلك الآلية بل فرض نفسه شريكا لكل أصحاب تلك البيوت، يأتون إليه بالأموال وهم صاغرون.
وكان اقصر الطرق للقضاء على بطالة اللصوص بعد توقف تلك الآلية البدائية في السرقة أن حولهم الى مستشارين ومرافقين وحمايات لمقره وموكبه بعد منحهم صلاحيات واسعة من اجل الحفاظ على سلامته وامن القرية وسكانها بما يتيح لهم مصادرة أي شيء يثير شهيتهم تحت طائلة علاقته بالمختار وامن القرية، وبذلك اصبحت هذه المجاميع من اللصوص الحاكمة الحقيقية للقرية وصمام أمانها المختار الذي تفرغ لخدمة الشعب والأمة؟
أقول قولي هذا وأنا اقرأ تصريحات لوزارة الكهرباء وميزانيتها منذ 2003م والتي بلغت أكثر من 37 مليار دولار وما زال الكهرباء كما هو منذ مطلع تسعينات القرن الماضي وحتى إعلان هذه الميزانية، ولا تقل وزارة النفط أيضا عن تلك الميزانية وما زالت كل منتجات النفط ابتداءً بوقود السيارات والنفط الأبيض ووقود مولدات الأهالي وشركائهم في الوزارتين ( النفط والكهرباء ) في حال لا يحسد عليه غيرنا أبدا.
[email protected]
التعليقات