الموقف الرسمي العراقي من الثورة السورية يثير العجب و يستحضر كل معالم السخرية، ويؤشر على تورط سياسي و امني عراقي في دعم نظام القتلة في الشام، فمن التلكؤ و العجز الفاضح في التعامل مع ملف اللاجئين السوريين وصولا لبرقيات الرئيس العراقي جلال طالباني المتضامنة مع العائلة الرئاسية الحاكمة وهي تواجه اليوم الإنقراض الحتمي، إلى الإتصالات السرية لزعيم حزب الدعوة و رئيس الحكومة نوري المالكي مع أجهزة أمن و مخابرات الحرس الثوري الإيراني في العراق للتنسيق مع خطط المخابرات السورية و مخططاتها في محاولة إحتواء الثورة السورية ومنع تقديم الدعم اللازم للجيش السوري الحر من حكومة كردستان العراق و من طرف الزعيم الكردي مسعود بارزاني ولو تطلب الأمر دخول الجيش العراقي الجديد في معركة مع قوات البيشمركة الكردية إرضاءا لعيون نظام الولي الإيراني الفقيه الذي يتابع برعب قاتل إنهيار حلفائه في الشام و عدم القدرة الحقيقية على حسم المعركة لصالحهم رغم أن الموقف الإيراني قد يصل لحد الدخول في معركة عسكرية مفتوحة في دمشق للدفاع عن التخوم في طهران!!، فنظام دمشق بات يعتبر من الناحية الستراتيجية الصرفة بمثابة ( المخدة ) أو الوسادة التي ينام عليها نظام طهران؟، فسقوط نظام دمشق البعثي سيتبعه على الفور تخلخل كل مراكز السطوة و السيطرة الإيرانية في الشرق الأوسط، و ستقتلع أنياب و مخالب حزب حسن نصر الله الإيراني في لبنان الذي سيستعيد حرية قراره الوطني بعيدا عن إملاءات دمشق و طهران، و سينحسر النفوذ الإيراني بشكل مريع، و سينهار تحالف الأحزاب الصفوية و الطائفية في العراق التي يحركها ريموت كونترول الولي الإيراني الفقيه الذي سيتعرض نظامه لحركة تعرية واسعة ستغير بالكامل من توجهات و طبيعة النظام الإيراني وبما سيقوي من عضد أحرار إيران في صراعهم ضد الديكتاتورية المتخلفة و المتوحشة، ونوري المالكي يقف وسط تلك المعمعة الإقليمية الكبرى في حالة عري حقيقية وهو يتحرك بعناصره المدعومة و الموجهة إيرانيا من أجل محاولة مد حبال الإنقاذ للنظام السوري المجرم الذي أدمن الجريمة و أرتكب من الفظائع ما يجعله خارج نطاق اي تسوية سياسية، فمصير نظام بشار بات محسوما بين المقصلة و المشنقة، و أي تصرف غير مسؤول من حلفاء النظام وهم قلة منبوذة تحركهم الأطماع الشيطانية و الأجندات العدوانية المشبوهة سيترك تأثيرات رهيبة على مرتكبيه، نوري المالكي وهو يضع القيود على تدفق وحماية اللاجئين السوريين و يمارس شن فرمانات و قوانين معيقة لهم يستحضر التجربة الإيرانية العتيدة في التعامل مع اللاجئين العراقيين و الأفغان في إيران وحيث قمة العنصرية و القمع من خلال منع إنتقال و عمل و تحرك الأفراد إلا من خلال إجراءات خاصة، رغم أن الأخوة السوريين هم إمتداد لشعب العراق عشائريا و إنسانيا و دينيا، و الرعب من وجودهم ليس بسبب المخاوف المزعومة من إندساس إرهابيين وسط صفوفهم ! فهذه الحجة بالية، فأهل ارهاب يتواجدون في المنطقة الخضراء ماغيرها، وعصابات القتل والجريمة و التفخيخ يعلم رئيس الوزراء العراقي جيدا من هم؟ ومن يمولهم و يحركهم؟ وهو خبير بكل تلك الملفات !! فلا داعي للهمبكة والثرثرة الفارغة.. القضية أساسا هي قضية الخضوع التام و المطلق للأوامر و النواهي الإيرانية التي تحدد المطلوب من التصرفات، ولعل زيارة وزير خارجية عصابة دمشق وليد المعلم لبغداد بعد طهران هو تكريس لتلك الحقيقة المرة، فالنظام الإيراني مستعد للذهاب لأبعد المديات في مساندة نظام دمشق ولو تطلب الأمر اللجوء للدخول في معركة عسكرية كما تبين ذلك من تصريحات ( صالحي ) المعادية للثورة السورية، و ( معركة المصير الواحد ) التي تجمع أنظمة دمشق و طهران و بغداد مع توابعهما من العصابات الطائفية هي بمثابة معركة المعارك للنظام الإيراني الذي لن يستطيع التورط في الأوحال السورية دون الإعتماد اللوجستي و الفني و الإستخباري على الدعم العراقي الحكومي ومن واقع الإرتباط الروحي و النفسي و التضامني بين الأحزاب الطائفية ذات المرجعية الإيرانية الحاكمة في العراق وبين التحسب من سقوط النظام السوري و الذي بسقوطه الحتمي و القريب ستتغير أشياء كثيرة جدا ستتوالى حلقاتها تدريجيا، نوري المالكي اليوم ومع تطور المشهد السوري هو بصدد إعداد نقلة نوعية في الموقف العراقي و بما ينسجم مع الإرادة الإيرانية العدوانية، ولعل الهجمات الإعلامية السخيفة و الواهية لبعض عناصر حزب الدعوة العراقيين ضد كل العاهل السعودي و بعض الرموز و القيادات الإسلامية الأخرى هي بمثابة شرارات متطايرة من حقد إيراني لايعرف التراجع، أهل الولاء التخادمي الإيراني في العراق يعيشون اليوم أشد لحظاتهم حلكة، فالثورة السورية قد أنتصرت بهمة و إرادة الشعب السوري البطل و أحلام النظام الإيراني وأوهامه و حلفائه ستتحول لأكبر نكتة سوداء في ملف المنطقة المزدحم بملفات الكوميديا السوداء، فالرفاق في بغداد هم اليوم حائرون.. يفكرون فيما كان و سيكون..!
- آخر تحديث :
التعليقات