بدأت رسميا معركة حلب، والتي ينظر إليها بأنها المعركة الفاصلة بين الجيشين السوري والحر، والتي تشرف عليها بطريقة مباشرة أو تديرها عدد من أجهزة المخابرات العالمية والإقليمية.

بحسب المعلومات يحتشد الفريقان بكل عدتهم وعتادهم ليخوضوا معركة كسر العظام أو المعركة الحاسمة. مصادر ذكرت أن الكثير من عناصر الجيش الحر انسحبوا من دمشق وحمص وإدلب وتوجهوا إلى حلب. مصادر أخرى أفادت أيضا أن الأتراك زودوا أفراد الجيش الحر بصواريخ مضادة للدروع وصواريخ أرض جو فضلا عن بعض الأسلحة المتطورة.

في المقابل، لن يقبل النظام أن ينكسر في حلب، لما يعرف من تبعات هذه الهزيمة. وخصوصا فيما يتعلق من تحولها إلى بنغازي أخرى. وعليه، فإن الجيش دفع بالكثير من وحداته وعناصر النخبة للخوض في معركة شوارع.

المؤشرات تقول، إن معركة حلب ستكون هي الأشرس، وإن ما ستسفر عنه تلك الواقعة سيحدد مسار الصراع وهوية المنتصر ومستقبل الأزمة، وذلك للأسباب الآتية:

1- مدينة حلب هي الأكبر في سوريا من حيث المساحة، أما حلب وريفها أي المحافظة فتضم النسبة الأعلى من السكون إذ يبلغ عددهم أكثر من خمسة ملايين نسمة.

2- تعتبر مدينة حلب العاصمة الاقتصادية لسوريا، والرئة التي تتنفس منها البلاد. ويقال إن حلب تنتج 90% من الصناعة والمنتجات في سوريا، وعليها يقع العبئ الأكبر في التصدير. كما أن حلب كان لها الفضل في التصدي للحصار الاقتصادي الذي فرضته أنقرة خلال الأزمة. لقد استطاعت حلب أن تعوض ما كانت تستورده سوريا من تركيا، فأقبل الناس على المنتجات التقليدية الحلبية. كما أن إيران فتحت أسواقها لاستيراد كل ما يفيض عن حاجة الصناع والعمال. والهدف هو بقاء الاقتصاد قويا في سوريا، لكي تبقى الحياة الاقتصادية طبيعية، فلا يحدث تململا لدى الناس، ولا ينفض رجال الأعمال عن مدينتهم. لكن بسبب طول الأزمة انهار الاقتصاد وتراجعت العملة والتصنيف الائتماني، الأمر الذي دفع معظم رجال الأعمال إلى سحب أموالهم وإغلاق مصالحهم والسفر خارج البلاد، ودخول حلب بالتالي وبشكل قوي على خط الأزمة. وبما أن الاقتصاد هو عصب السياسة، فإن من يحسم معركة حلب، هو من سيحسم الصراع في سوريا.

3- معظم سكان حلب من الطائفة السنية، وتضم نسبة لا بأس بها من المسيحيين، أما العلويين فينتشرون في أحياء قليلة ومعظمهم نزحوا عن المدينة. وبما أن المعركة تحولت بشكل كبير إلى معركة مذهبية فإن الجيش الحر سيلقى احتضانا واسعا من قبل الأهالي، الأمر الذي يسهل عليهم القتال. في المقابل، سيجد النظام نفسه في موقع حرج، ربما يضطر إلى استخدام الطائرات، واعتماد سياسة الأرض المحروقة وهدم البيوت والأحياء على ساكنيها. أمام هذا المشهد، فإن التوقعات تشير إلى أن ما سيحصل في حلب من مجازر ومن عدد للضحايا ربما سيفوق كل ما سجلته الأحداث من قتل في سوريا منذ بدء الأزمة حتى الآن، خصوصا إذا ما وضعنا في عين الاعتبار أن كل هذه المواجهات ستكون بمنأى عن أي توثيق مرئي، فالصحفي الذي سيتجرأ الدخول في أتون هذه المعركة، سيصطلي بنارها على الأرجح.

4- وجود المقاتلين العرب والإسلاميين وتوافدهم بكثافة مؤخرا إلى هذه المدينة، سيزيد من ضراوة المعارك، لما لهؤلاء من خبرة معهودة في القتال، وصمود في الميدان.

5- كثير من المراقبين يتوقعون تدخلا عسكريا تركيا وشيكا، لا سيما إذا ما مالت الدفة لصالح النظام في حلب. وإن تصريحات أردوغان وكلينتون وما أوردته جريدة الواشنطن بشأن عدم استبعاد الخيار العسكري، تؤكد أن هذا الخيار بات مطروحا بقوة على طاولة البحث.

6- استيلاء الجيش الحر على مستودع للأسلحة وعثوره على أقنعة واقية من الغازات، يؤشر أن الجيش قد يعمد إلى استخدام بعض الأسلحة المحرمة دوليا.

في الختام، المعركة العالمية بين القوى الكبرى تدور في حلب، التكاليف ستكون باهظة، والمعركة ربما ستطول، والاحتمالات مفتوحة على أي سيناريو. المنطقة تتشكل والنظام العالمي يتغير من حلب. الخاسر الوحيد هو سوريا والشعب السوري بغض النظر عمن سيفوز في المعركة، وربما هذا ما يريده الغرب للمحافظة على أمن إسرائيل. معركة من معارك التاريخ الحديث الحاسمة، سيقال عنها الكثير.... لننتظر ونراقب.

كاتب ومحلل سياسي