نتساءل دوما عند حصول اي كارثة وقعت تعمداً من سيدفع الثمن، شركات التامين تجادل وتناقش وتذهب بعيداً في الشك بالمسببات كي تصل الى الحقيقة، هذا اذا كانت الكارثة في معمل او شركة او سكن، فكيف نناقش تدمير بلد بأكمله ومن سيدفع ثمن الخراب الذي حل فيه؟ من المسؤول ( سؤال بديهي) ومن المشارك؟ اي حادث يحصل تشارك فيه عناصر عدة لإخراجه بالشكل المأساوي، هذا كما قلنا على الصعيد الفردي، فكيف نطالب الاحتلال الامريكي ومن مهد له ومن شارك فيه من القوى الإقليمية التي شاركت بالعرس التدميري لاعرق حضارة عرفتها البشرية، واقدم شعب خلقه الله على الارض؟
من يدفع ثمن الموت والخراب والدمار للعراق؟ من يدفع ثمن المأساة التي يعيشها الشعب العراقي؟ وهل نستطيع ان نسال من هو المسؤول؟
من يدفع ثمن معاناة السجناء القابعين في دهاليز السجون المنسية يعانون من التعذيب النفسي. ويتعرضون لأبشع أنواع التعذيب النفسي والجيبعثون كل انواع التعذيب، وطمس معالم القضايا الانسانية التي اعتقلوا من اجلها؟؟
من يدفع ثمن عذابات النفي والتشرد واللجوء، التي يكابدها أكثر من اربعة ملايين لاجئ عراقي، في مشارق الارض ومغاربهاhellip; هربوا قبل ان أن تحصدهم آلة الموت الأميركية والحقد الطائفي؟
من يدفع ثمن تدمير اقدم حضارة عرفتها البشرية؟ ومن سيسترجع أثارنا التي سرقت بعمليات منظمة تحت سمع وبصر ومشاركة الاحتلال الامريكي؟ يمتلك العراق أغنى ثروة تاريخية دالة على ان العراق هو مهد الحضارات وموطن الانبياء ومدرسة الشرائع والقوانين، ومنبع الحضارة العربية الاسلامية؟
من يدفع ثمن تدمير النظام الصحي والتعليمي اللذان كانا يعتبران من أرقى النظم في الشرق الاوسط، وتحطيم النظام البنكي وأرجاع قيمة الدينار في أغنى بلد وثاني دولة لاكبرماكينة ضخ الذهب الاسود؟ وحل اكبر وأقوى جيش واكثر تدريبا وعتادا؟ من سيعوض العراق عن أساتذة الجامعات والعلماء والخبراء الذين تم اغتيالهم على ايدي العصابات المأجورة الغرض منها انهاء العراق سياسيا وعلميا وحضاريا امام جميع دول العالم والعالم العربي بالخصوص؟
من يدفع ثمن تحويل العراق الى ارض جرداء بسبب أطنان القنابل التي أنزلتها دول التحالف امريكا وبريطانيا من اجل إبادة الشعب العراقي وإنزال الموت بهم عن طريق تفشي الامراض المميتة كالسرطان وأنواع غريبة من الامراض والإعاقات البدنية والعقلية التي باتت متفشية بين أبناء العراق واستحالة معالجتها وندرة الأدوية والقتل المتعمد للاطباء؟
من يدفع ثمن اربعة مليون ونصف يتيم مشرد، واكثر من مليون أرملة وإحالة العراق الى اكبر مزبلة تسرح فيه القوارض والحشرات وانعدام الماء النقي والكهرباء وابسط الخدمات العامة وانتشار الفساد المالي بازدياد عدد السارقين ومعدومي الضمير؟
من يدفع ثمن تقسيم العراق بدستور طائفي، أليس ذلك بمثابة لغم قابل للانفجار في كل لحظة، ومؤشر على تفجير حرب طائفية أشرس وأخطر مما حدث؟ من الذي حول العراق ارضا مستباحة لايران، وامتدادا لنفوذها وسيطرتها؟ ومن الذي جعلها مستباحة للصوص وشركات القتل.. سرقوا الآثار، وأقاموا الشركات باسماء مزورة، لاختراق الحياة السياسية والاقتصادية؟
أليس مؤلماًً أن تكون طائراتها قابعة في أحضان ايران بعد ان استجارت بهم الحكومة العراقية السابقة في قرار غبي لحمايتها لديهم، فأخذوها ( سرقوها) كجزء من مطالبتهم بالتعويضات عن الحرب السخيفة، مما اصبحت أجواء العراق مستباحة، حيث لا يملك سلاحاً جوياً يحمي سماؤه؟
من الذي سيدفع ثمن هذه المأساة المروعة، التي حلت بالعراق العربي، وستبقى آثارها وتداعياتها ومفاعيلها سنوات وسنوات؟ واشنطن اعترفت وعلى لسان كبار مسؤوليها، بأنه لجأت الى الكذب والتزوير والخداع، لتبرير عدوانها على العراق، فالعراق لم يستورد اليورانيوم من النيجر، ولا يملك أسلحة دمار شامل، وليس له علاقات بالقاعدة، أليس ذلك كافيا لمطالبتها بدفع تعويضات عن جرائمها؟
باختصارhellip; واشنطن لم تنتصر، واجبرت على الانسحاب من العراق، بعد أن خسرت حوالي خمسة الاف جندي، وأكثر من ثلاثين الف جريح، وتريليون دولار، ولم يعد امام الاشقاء للقضاء على مخلفات الاحتلال الا العمل على الغاء دستور بريمر، وتشريع دستور جديد يقضي على الطائفية والمحاصصة، ويفضي الى دولة مدنية حديثة قائمة على المساواة والعدالة والديمقراطية والتعددية، وتداول السلطة، بالاحتكام الى صناديق الاقتراع.
ليكن في علم كل من اشترك في هذه الجريمة لن يفلت من حساب الشعب حتى لو طال الزمن، سيدفعون الثمن. وسيكون الثمن قاسيا أضعاف ما عملوا في العراق بعد ان بيعت الضمائر والشرف في مزادات واشنطن ولندن.
أكاديمية وباحثة/كندا.
التعليقات