فى الخمسينيات من القرن الماضى اتت الاوامر لمأمور مركز بنى مزار ان يوقف بالقوة بناء احدى الكنائس التى كان الاقباط يشيدونها بدون الحصول على موافقة الدولة، فذهب المأمور ليلا وقابل كاهن الكنيسة وطلب منه ان يبقى العمال طوال الليل لكى يرتفعوا بمنارة الكنيسة ما امكنهم.
وفى الصباح ذهب المأمور على راس الحملة البوليسية لهدم الكنيسة طبقا للاوامر الصادرة له، وعندما راى ان منارة الكنيسة قد علت جدا اصدراوامره بوقف الهدم وكتب لرئاسته ان الاقباط علوا بالمنارة جدا ويخشى ان هدمها سيتسبب فى فتنة طائفية فى البلد، فتغيرت الاوامر له بعدم الهدم، وخرجت الكنيسة للنور بفضل سماحة وحكمة هذا المامور المسلم.
فلقد الغت ثورة 52 كل القوانين التركية المتوارثة من الدولة العثمانية ما عدا الخط الهمايونى المقيد لبناء الكنائس وجعلها شبه مستحيلة، ولكن مع البطش بكل محاولة لاثارةالفتنة الطائفية، وهكذا عاش الاقباط ايام عبدالناصر فى سلام مع تقييد حقوقهم فى بناء الكنائس وفى الترقى للمناصب العليا فى الدولة.
فى ايام السادات ومبارك ساءت الامور فلا وظائف للاقباط بل وتفجير وحرق كنائسهم ومنازلهم، وكان على المتضرر ان يلزم الدير فى نفى قسرى او اعتكاف اختيارى.
فى الدستور الذى صيغ اخيرا لأول مرة يكون هناك نص على التمييزالايجابى للاقباط وتجريم الاضطهاد، ولكن من المسلم به ان المجتمع لا يُصلح فقط بنصوص وقوانين بل بتغيير قلوب الناس، ولكن الدستور والقانون هو الخطوة الاولى للرغبة الحقيقية فى الاصلاح.
وحكى لى ايضا احد ضباط الشرطة المسيحيين ان وزيرا ايام مبارك كان مرافقا لهم فى مامورية معينة واذا به يتكلم على التليفون ويقول مستنكرا لمحدثهquot; المصنع ملك قبطى والمهندس قبطى عال عال....quot; فسارع باقى الضباط المسلمين لكى ينبهوا الوزير ان بينهم ضابط مسيحى، فهدأ سعادة لوزير من اسلوبه.
فان كان الوزير هكذا بالدف ضاربا فشيمة الوزارة كلها الرقص، ولن يكون هذ الوزير بالدف ضاربا لولم يكن رئيسه ايضا يقرع الطبول.
نحن على ابواب مصر حديثة قد يكون دستورها الجديد غير مناسب للكل تماما وبه بعض الثغرات، ولكن من واجبى الآن كمصرى وطنى ان اساندها لكى تخرج من حالة تربص الآخوان والامريكان بها، وعلى الدولة الجديدة ان تراعى دستورها الذى يوجب عدم التفرقة.
ولنثق ان مأمور مركز بنى مزار يوجد مثله الكثيرون من اهل مصر الذين سينتصرون للحق بالدستور والقانون، وكذلك مثل هذا الوزير سيُحاسب جيدا وايضا بالدستور والقانون.
التعليقات