منذ ما يزيد على عقد بدأ العالم يتخذ نهجاً جديداً في مواجهة خطر الارهاب العالمي و الذي مثلته تنظيم القاعدة الذي تزعمه السعودي اسامة بن لادن، و الذي قتل في 2012 في أحدى المناطق الحدودية الباكستان مع أفغانستان، و قد تم اعتماد هذا النهج الحربي عملياً في 2001 بعد تفجيرات نيويورك التي نفذتها تنظيم القاعدة و أدت إلى مقتل ما يزيد على 5 الالاف في برج التجارة العالمي، حينها حشدت معظم الدول الغربية و الولايات المتحدة الامريكية على رأسها ما تملكها من قوة مالية و عسكرية و سياسية لمواجهة هذا الارهاب، فأقامت حربين كادت أن تكونا حربين عالميين و هي حرب افغانستان في 7 أكتوبر 2001 للقبض على اسامة بن لادن ومحاكمته هو و من معه و بالتالي لتدمير تنظيم القاعدة وإقصاء نظام طالبان الافغاني الذي كان يدعم ويعطي الملاذ الآمن للقاعدة، أما الحرب الثانية فكانت على العراق و نظام صدام في 20 مارس 2003 من قبل قوات الائتلاف بقياده الولايات المتحدة الأمريكية و رغم مشاركة الكثير من القوات العسكرية لدول تعتبر من الاقوى عالمياً في الحربين و بكل ما تملك إلا أنها لم تستطع أن تتغلب و تحقق الهدف من حربيها و استمر تهديد الارهاب قائماً لا بل الاعمال الارهابية تنفذ و بوتيرة متزايدة في كل من أفغانستان و العراق بل يمتد أحياناً التخوف إلى خارج حدود هاتين الدولتين من أن تقوم هذا المجموعات الارهابية بأعمال ضد امريكا و الدول الاوربية رغم أن التقارير الاستخباراتية العالمية تؤكد انتقال ما يقارب 70 % من عناصر تنظيم القاعدة إلى سورية و بقاء مجموعات قليلة في بعض البلدان الاسيوية و الافريقية و الاوربية.

اليوم و بعد أن انتقلت آلة الارهاب السلفية الجهادية القاعدي و بأسماء متنوعة كجبهة النصرة و الدولة الاسلامية في العراق و الشام و غير المنسجمة على الاطلاق من المفاهيم الاخلاقية و الدينية للإسلام إلى سورية بحجة محاربة النظام السوري الاستبدادي و القمعي و لكن قبل الحديث عن دور هذا التيار الارهابي في تدمير الثورة السورية و محاولاته الفاشلة لإبادة الشعب الكوردي و قتله يجدر بنا القول quot; أنه قد تكون أمريكا هي من برمجة الآلة الارهابية بإتجاه سورية و لكن بشكل مخطئ و حسابات غير دقيقة quot;.

معطيات الحرب السورية الآن و دون مبالغة و مزاودة و بعد أن كانت ثورة من أجل الديمقراطية و الحرية تشير بأن الحرب اليوم هي بين النظام السوري و بين المجموعات الاسلامية الراديكالية بنسبة 60 % و مجموعات الجيش الحر بنسبة 20% و بعض الكتائب و العصابات التي تتشابك و ترتبط مع امراء المجموعات السلفية حيث معظمها تتشابه في التكوين الفكري و السياسي و الامني مع النظام، و زاد على ذلك أن تنظيمات القاعدة من الدولة الاسلامية في الشام و العراق و جبهة النصرو الاكثر انتشاراً في سورية بدأت الحرب على الشعب السوري بقصد اكراهه على تغيير معتقداته الدينية و قناعاته و التزام المذهب السني و إعلان لإمارة إسلامية في سورية حيث تشير المعلومات على نجاح هذه التنظيمات في معظم المناطق التي تسيطر عليها و تطبيقها للشريعة الاسلامية فيها، هذه الجماعات التي باتت تشكل خطراً على المدنية و الديمقراطية ليس على المستوى السوري و الاقليمي بل و على المستوى العالمي لما تحمل من أفكاراً راديكالية لا تؤمن إلا بمعتقداتها المغلقة باتت المناطق الكوردية عصية عليها بفضل الفتيات و الشباب الكورد أو وحدات حماية الشعب التي تأسست ابان الثورة السورية.

إن أمريكا و الغرب لا زلتا تلاحقان هذه المجموعات في شتى بقاع العالم باستثناء مناطق غربي كوردستان quot; خط الشمال السوري من اسكندرون التركية إلى عين ديوار، فمن يقوم بمهمة مقاتلتها هي وحدات حماية الشعب الكوردية و لكن ليس من أجل عيني أمريكا و الغرب بل من أجل الهدف الكوردي السوري في سورية ديمقراطية ملونة و ليس بلون واحد و كان من المفروض أن تلتقي مصالح الغرب و أمريكا على الاقل في هذه النقطة مع الكورد و وحداته العسكرية التي طهرت جميع المناطق التي تسيطر من تلك المجموعات الارهابية من داعش و النصرة و غيرها ممن يجوبون في محيطها العقائدي الضيق و هذا ما يدعو للاستغراب و الأسئلة التالية: هل يعقل أن تكون أمريكا تعادي الكورد حتى و هم يحاربون عدواً واحداً...؟؟ هل يعقل أن تكون هي من تدعمهم quot; داعش و النصرة quot; مع حليفتها تركيا لمقاتلة الشعب الكوردي بحجة أن الكورد هم من أنصار حزب العمال الكوردستاني المصنف أمريكياً و تركياً بالارهاب...؟؟ و لعل الاجوبة الواضحة تكمن في جرار امريكا و تركيا و ربما غيرها من الدول الاقليمية.

إن ما تقوم به وحدات حماية الشعب الكوردي هو دفاعها عن قيم الحرية و الديمقراطية التي قامت من أجلاها الثورة السورية و يتعدى دفاعها هذا إلى الدفاع عن جميع المدافعين عن الحرية و الديمقراطية في العالم لأن من تحاربهم هم أعداء الحرية و الديمقراطية فضلاً عن صمودها أمام النظام و منعه فن التقدم في المناطق الكوردية و هذا ما يلتقي مع الاهداف الامريكية ليس فقط في سورية بل في الشرق الاوسط عامة لكن ما نراه عملياً هو الهجوم الامريكي الواضح لا بل و الحرب على الاكراد بالتعاون و التنسيق المباشر مع الدولة التركية و الجماعات القومية و الدينية العربية التي تدعم بشكل واضح الجماعات و التنزيمات المرتبطة بالقاعدة المصنف بالارهابية الخطرة على العالم من قبل أمريكا....!!! السفير الامريكي في سورية روبرت فورد أعلن و لمرات عديدة عدائه لأي مشروع كوردي سوري، بل و اكثر من هذا دعى إلى ما يمكن القول بدفع التنظيمات الارهابية و تحريضها على مقاتلة الشعب الكوردي عبر اتهامه المتكرر و الباطل لوحدات حماية الشعب الكوردية بالتعامل مع النظام السوري، الاتهام الذي يثير الحقد لدى تلك الجماعات ضد الكورد. كما وقف ضد مشروع الادارة الذاتية الديمقراطية التي طرحها حزب الاتحاد الديمقراطي من أجل حماية و إدارة شؤون المناطق الكوردية بالاشتراك مع المكونات العرقية الاخرى و كان حرب أمريكا الظالم و الجائر الاخير على الشعب الكوردي عبر جنيف2 و محاولاتها المستمرة في منع حضور الشعب الكوردي هذا المؤتمر بشخصيته الاعتبارية و التي هي الهيئة الكوردية العليا لابل و أكثر من ذلك صفاقة رهنت نفسها لأكثر المجموعات القومية و الدينية العربية و التركية اختلافاً مع قناعتها في السياسة و حقوق الانسان لترفض مناقشة القضية الكوردية في جنيف2 بحجة أنها قضية دستورية تحل في الدستور السوري و هذا ما يدحضه وقائع قضية الشعب الكوردي التي تملك من المقومات السياسية و العلمية تجعل من ذرائع أمريكا و حلفائها خداع تاريخي يحاولون ممارستها مرة أخرى..!!

ترى لماذا...؟؟ هل يعقل أن تكون أمريكا و رغم عظمتها مرهونة لدولة مثل تركيا...؟؟ لكن لماذا..؟؟ هل بعض الدول العربية لديها ما يمكن دفعه لروبرت أو حكومة روبرت من أجل بقاء اللون الاسلامي و العروبي على سورية و المنطقة..؟؟؟