هو تهديد باستلاب منجزات ثورة الشعب المصري كله في 30 يونيو أن نجد مانشيتاً يقول: quot;الجماعة الإسلامية تقترح طرح خارطة الطريق للاستفتاء الشعبىquot;. . إذا كان هؤلاء سيظلون يتحدثون في السياسة ويحددون لنا أو يشيرون علينا ماذا نفعل، فإننا إذن لم نحقق أي شيء، وسنظل منطرحين مغلولين مكاننا في ذات الحفرة. . رموز وقادة الجماعة الإسلامية على من لم يكمل منهم مدة عقوبته وأفرج عنه محمد مرسي أن يعود لاستكمال مدة العقوبة، والباقون والتائبون عليهم التزام بيوتهم، وقضاء الوقت في طلب المغفرة من الله ومن الناس عما ارتكبوا من جرائم، هذا إن كان منهم بالفعل من أدرك توبة حقيقية نصوحة.
ما لم يتم حل وتحريم الأحزاب الدينية وفقاً للمادة الخامسة من دستور 1971 والبند الخامس من الإعلان الدستوري، ويصدر قانون واضح يجرم فكر الإخوان والجماعات الجهادية، مقروناً بعقوبات لكل من يروج هذا الفكر، فإننا سنظل مستباحين للإجرام المستتر بالدين، ليست هذه بالطبع دعوة لحرمان أحد أياً كان من حق المواطنة، فالمطلوب لا يتعدى حدود وقف استشراء دعاوى التحريض والكراهية والقتل والهيمنة باسم الدين، وحرمان قادة تلك العصابات الإجرامية من ممارسة الحياة السياسية، على الأقل على غرار ما تم مع من نسميهم quot;رجال عصر مباركquot;، رغم أن من بين هؤلاء الأخيرين من تراب أحذيتهم يرشح بالوطنية والإخلاص والاستنارة!!
يدعوني الحكماء للالتزام في تطلعاتي وطروحاتي quot;بالممكنquot; والتوقف عن طلب ما يعدونه المستحيل حالياً. . حكاية quot;الممكنquot; هذه هي قلب الكارثة، quot;الممكنquot; هو نظام مبارك وخيرت الشاطر وما شابه، والثورات التي عرفها تاريخ البشرية هي تحطيم لقوقعة quot;الممكنquot;، توقاً للوصول إلى نجوم ما يعده القاعدون مستحيلاً، لابد من مغادرة مستنقع quot;الممكنquot; إلى فضاء الحداثة والعالم المفتوح، وإلا سنظل نتمرمغ ونزحف على بطوننا فيما نحن فيه إلى الأبد.
لقد خرج الشعب المصري من الحفرة التي كاد يدفنه فيها الإخوان وأذيالهم، لكنه يحتاج الآن لأن ينفض الغبار عن جسده ويغتسل، بأن يدير ظهره نهائياً للقطاع الأكبر من النخبة التي تشكل غالبية جبهة الإنقاذ، فبينهم من احترف اللعب على الحبال، أو يساري صاحب فكر بائد ومتكلس تجاوزه الزمن، أو صاحب أيديولوجية عروبية فاشية ومهووسة، وهم من لا نتوقع منهم غير المزيد من الفشل الوطني، ما قام الشعب عن بكرة أبيه رافضاً البقاء فيه إلى الأبد، ورغم أنه ليس من المستحب أن نذكر أسماء أشخاص ونحن نتحدث عن نقلة أو وثبة فكرية يحتاجها الوطن، إلا أن حرج الوضع المصري وتكاثر وتكالب من نعنيهم من نخبة لا تقل خطراً عن عتاة الإرهاب في عصابة الإخوان على تصدر الصورة يدفعنا للتحذير من أمثال د. عمرو حمزاوي وخالد صلاح ود. السيد البدوي ود. وحيد عبد المجيد وحمدين الصباحي وعلاء الأسواني وكمال خليل وأيمن نور وأغلب مذيعي برامج التوك شو، فهؤلاء وعشرات غيرهم رموز لمدرسة سياسية هي التي أتاحت ركوب العصابات الإرهابية على الوطن، فماذا نستطيع أن نسمي هذا النوع من ممارسة السياسة أن يلعب أحد هؤلاء وهو د. عمرو حمزاوي في البرلمان المنحل دور ترزي لقانون غير دستوري لعزل المصريين الذي خدموا مصر في عهد مبارك، بغض النظر عما إذا كانوا قد اقترفوا جرائم أو فساداً من عدمه، ويأتي الآن ليدافع عن القنوات التليفزيونية الدينية التي تخصصت كلياً في التحريض والتهديد بالمذابح وبث الكراهية والفتنة، مستخدمين أقذع أنواع السباب وأشد الألفاظ والتعبيرات ابتذالاً؟!!
ليكن معلوماً للنخبة التي تتبني سياسة تملق الجماهير بدعوى مخاطبتها على قدر عقولها تسولاً لرواج وشعبية، أن سياستهم هذه هي التي كادت أن تضيع الوطن، وتطبيقها هو الذي أدى بالشعب المصري الصبور أن يثور بعد عام واحد ثورة غير مسبوقة في تاريخ البشرية. . كفوا عن نفاقكم يا سادة، واستقيموا كالرجال، لتقودوا الشعب إلى القرن الواحد والعشرين، فعار عليكم أن تقودكم الجماهير كما هو حادث الآن، فيما أنتم متخلفون عنها بمراحل، وتتعلقون بأذيالها مدعين الحديث باسمها، فيما أنتم quot;مثل قشرة البطيخ تافهونquot; على حد تعبير نزار قباني. . أليس عجيباً أن يضرب عامة المصريين مثلاً رائعاً في الشجاعة والتقدم لدحر الطغيان والتخلف، ونرى النخبة تتقهقر تقية وجبناً وتلوثاً وعمالة؟!!. . من نصمهم بالأمية سبقوا أدعياء الاستنارة والريادة الفكرية والسياسية في الانتفاض رفضاً للظلام والظلامية، وعلى من يدور أن يعد نخبة شعب أن يؤدي دوره في نشر الأنوار بمثل شجاعة العامة وسائر طبقات الأمة المصرية في رفض الطغيان.
من يريدون مواجهة quot;فكر الإجرام باسم الدينquot; بالفكر والإقناع، كأنهم يريدون مثلاً أن نقول للمحرضين على الكراهية quot;عيب كده يا جماعة ما يصحش دي الكراهية وحشة خالص خالصquot;، ونقول لمن يهددنا بالذبح quot;حرام كده، الذبح له أصوله الشرعيةquot;، ويكون علينا أن نقبل أياد وأرجل quot;الكائنات الأحفوريةquot; لكي نقنعهم بأن الآثار المصرية ليست أصناماً يجب هدمها. . بصراحة يمكن أن يكون أدعياء الليبرالية هؤلاء محقين، لكن آخر ما عندي شخصياً هو أننا إذا لم نجرِّم الأفكار المجنونة كما تم تجريم معاداة السامية والفاشية والنازية، فسنظل إلى الأبد في أسفل سافلين.
هذا تحذير لهؤلاء وأولئك من أن تفقد الجماهير الثقة في كل شيء وتفكر بكل شيء، لأنه عندها لن تكون هبتها تلك الثورة الرائعة التي شهدها العالم مذهولاً، لكنها ستكون موجات تسونامي مدمرة لا يتخلف عنها إلا الرماد.