أن تُتهم بالغباء السياسي شيء،وأن تكون داهية تتقن اللعب على الحبال كلها شيء آخر،وهذا ما ينطبق على الاخوان المسلمين كتيّار سياسي ممنهج يخدم العدو والمصالح الصهيوامريكية تحت غطاء الدين والشعارات التكفيرية لنبذ الآخر وطرده ونفيه وقتله حتى!

ولنضع النقاط على الحروف لأنه آن للحياة ان تصرخ صرختها الاخيرة في وجه الضلاليين والظلاميين والمجرمين.
ما الهدف الذي كان وراء تجنيد وتزييف الولايات المتحدة للانتخابات في مصر بشكل واسع النطاق؟ وبماذا استفادت من جاسوس امريكي متورط بوشاية وخيانة صديقه الذي سجن في امريكا عالم الصواريخ المصري الدكتور quot;عبد القادر حلميquot; في عملية عرفت تحت اسم الكربون الاسود عام 1989 (والمقصود بالعميل الخائن مرسي العياط طبعا)..
ما هو الثمن الذي دفعته شعوب المنطقة كي تخلق ربيعا لم يحضر سوى الدماء؟
هل هناك حروب تدور في الانفاق السرية لا نسمع عنها في فضائيات التلفيق العربي؟
وما هو القاسم المشترك في كل الاحداث التي انتشرت كالنار في الهشيم عبر دول الوطن العربي؟
اسئلة كثيرة قد نطرحها ولا نجد الاجابة عليها او اننا سنجد،لكننا سنعتبرها بمثابة خيال يصعب علينا تصديقه لشدة رعبه ووحشيته..وإلا فما هو المشترك بين سيناء وليبيا ومخطط الغاز القطري الحمصي الاوروبي وموقع سوريا الاستراتيجي وظهور الاخوان المسلمين وعودة الاصولية واستخدام اشد الاسلحة فتكاً بالشرق: الطائفية ..؟
المصلحة ثم المصلحة ثم المصلحة
لا شك بأن اكثر الانجازات اهمية لدى الولايات المتحدة في مصر هو ادخالها الى دائرة الصراع الطائفي والحرب الاهلية لإنهاك مؤسسات الدولة ومرافقها وبنيتها التحتية وبيع مرسي العياط ل40% من اراضي سيناء مقابل استلام الشاطر 8 مليون دولار بحسب مجلة quot;فورين بوليسيquot; ،وذلك تم مقابل صفقة تسمح بتوطين فلسطينيي الشتات في سيناء وإلغاء ديون مصر الخارجية، بينما يحارب الروس ضد الغزو الجهادي بتمويل امريكي نحو سوريا حفاظاً على قاعدتها العسكرية الوحيدة خارج الاتحاد السوفيتي سابقاً، وعلى تجارتها المزدهرة للسلاح مع سوريا التي تعتبر اقرب حلفائها لأكثر من اربعين عاماً،وهذه الاخيرة التي تتميز بموقعها الاستراتيجي المطل على البحر الابيض المتوسط والعراق ولبنان والاردن واسرائيل وتركيا كلها مجتمعة !
ولنعد النظر في الحقائق التاريخية من جديد:
في الوقت الذي كانت فيه سوريا مزدهرة بدعم روسي اساسي كانت تركيا تعاني من مشكلتين: الاكراد والأرمن.
رفض تركيا الاعتراف بالأكراد كقومية مستقلة ونفيها للمجازر والمذابح التي ارتكبتها الدولة العثمانية بحق الأرمن اثناء الحرب العالمية الاولى جعل من امنها الداخلي حلبة للصراع الظاهر للأتراك والمخفي عن الاعلام تحت شعار تركيا السامية الباحثة عن السلام وحسن الجوار.
ولنعد قليلاً الى الوراء ففي الوقت الذي ظهر فيه quot;اتاتوركquot; بحكمه العلماني واصلاحاته السياسية التي تفصل الدين عن الدولة يبرز quot;حسن البناquot; بعده بسنوات معدودة في مصر ويؤسس جماعة الاخوان المسلمين لتحقيق حلم اعادة الخلافة الاسلامية في المنطقة ! هذا المشكوك بأمره واعتقاده وهويته ،الساعاتي اليهودي الاصل الممول انجليزياًالذي قدم من المغرب الى مصر بادعاء اعتناق الاسلام المؤسس لحركة لم نر منها الا القتل والذبح والدمار!
ورغم نفي quot;جمال عبد الناصرquot; لهذه الجماعات الا انها عادت للظهور بفضل المصالح الصهيوامريكية واستلام quot;اردوغانquot; الحكم ،هذا الاخير المعتبر نفسه فارس فرسان العرب والحالم بأمجديات وعنتريات لا تعشش الا في عقول الاغبياء،هذا الذي لم يتورع عن قصف معارضيه وذبحهم تحت تعتيم اعلامي وسياسي مقصود، والذي انتظر سنيناً كي يدين جرائم الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين ،يأتينا اليوم على حصانه الابيض وهو ملتف بعباءة المصلح الامام كي يقنعنا بأنه مع الضعفاء ،خصوصاً بعد مسرحية التعدي على اسطول الحرية..
هذا الذي يزود المعارضين في سوريا بالأسلحة المدعومة قطرياً وقرضاوياً لا لشيء الا خوفاً من قيام حكومة سورية تحتضن الاكراد والأرمن وتعترف بحقوقهم وبالتالي ستبدأ الثورات في بلاده هو لمطالبة هؤلاء بكيان مستقل وتدمر السياحة في بلاده هو وتموت مخططاته الاستراتيجية والاقتصادية .
في الوقت الذي بدأ العرب فيه بالتناحر كان quot;الاخوان المسلمونquot; يتسربون كالشياطين بين امريكا ومصر وقطر حفاظاً على المصلحة التي تقتضي تشرذم الشعوب لتغطية بوادر اطماع هذه الدول بلواء اسكندرونة وخطوط الغاز والسيطرة الاستراتيجية على المنطقة من خلال سوريا.
قطر اكبر القواعد العسكرية الامريكية- المنفذ الاساسي للمخطط الاسرائيلي الاكبر،هي التي تعتبر الاقرب اعلامياً للعرب عبر قناة الجزيرة والتي استخدمتها كقناع تبث من خلاله دعمها للفلسطينيين وللثورات العربية بينما كانت تزرع بذور الطائفية بينهم بانتهاجها ابشع الطرق للتلفيقات الاعلامية والتصوير الكاذب عبر استوديوهات تتقن الانتاج واللعب على الوتر الحساس ، وهي في الاصل اكبر اصدقاء اسرائيل.
اعلام يكذب ويؤلف سيناريوهات بأكملها وصفقات تقسيم تجرى من تحت الطاولة وكلها مدفوعة بدماء عربية خالصة !
ولابد ان يتساءل البعض : ما هي مصلحة الولايات المتحدة في كل هذا؟
باختصار مصلحة الولايات المتحدة من مصلحة اسرائيل، المصلحة التي تقتضي قتل العرب لبعضهم بعيداً عن احتمال دخول دولة الاحتلال في حرب على الارض والخوف من التغييرات التي حصلت في ميزان القوى الدولي الشرق اوسطي ،خصوصاً بتقدم روسيا والصين علمياً وعسكرياً وتراجع اسرائيل اقتصادياً وعسكرياً ايضاً خصوصاً بعد هزيمتها امام quot;حزب اللهquot; في المعركة الاخيرة وظهورالقائد quot;حسن نصر اللهquot; الرئيس الرجل الوحيد الذي وقف بكامل ثقله وقوته امام quot;اسرائيل العظيمةquot; بعد جمال عبد الناصر .
اسرائيل المنهكة اقتصادياً والتي يبشر العديد من محلليها الاقتصاديين بانهيار اقتصادها وأسواقها التجارية في غضون اقل من سنتين ويشبه المحللون هذا الانهيار بانهيار 2002 الذي اثر بشكل بالغ على الدولة العبرية وجعل معظم المستثمرين الاجنبيين يعيدون حساباتهم الف مرة قبل ان يستثمروا اموالهم في الشركات الاسرائيلية ،وليس هذا فحسب فإسرائيل تعاني اليوم من ازمات سكن حادة وثورات شبابية تطالب بالتغيير الجذري،ومهما تضخم اسم اسرائيل فهي اقل بكثير من حيث القوة العسكرية والموارد والأسلحة،والتي تعاني من انقسامات داخلية وتملصات كثيرة من التجنيد وعنصريات واختلافات حادة بين اليهود انفسهم على هوية الدولة التي يحكمها quot;شلةquot;حاخامات يحملون التوراة في يمينهم والكراهية للعرب في يسارهم،فلماذا تدخل حرباً وهي القادرة على اللعب بكل الاوراق دون ان تخسر شيئاً؟
اسرائيل الحالمة منذ زمن طويل بتصفية القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع كي يتسنى لها حكم المنطقة بهدوء دون ازعاجات خارجية وتتبنى الرقص على حبال الطائفية الذي تحاول زرعه عبر الشيوخ في المنابر بين عرب 48 وتلوح بخوفها من ايران وحجة التهديد النووي،هذه الحجة ذاتها التي استخدمت لاحتلال العراق،فأين هو النووي يا quot;بوشquot;؟ وأين هو النووي يا quot;اوباماquot;؟
اسرائيل السبب الرئيسي في كل ما يحدث من دمار حولنا وأولى مكاسبها الاقتصادية كانت التعاونات التجارية مع قطر والاستيلاء عبر الذراع الامريكية المفتوحة وقواعدها القطرية والسعودية على كنوز دول الخريف العربي المجاورة ،وهاهي اليوم تحلم بحصاد مثمر اكثر في القضية الفلسطينية عبر بيع مرسي العياط ل 40% من اراضي سيناء كي يتم توطين فلسطينيي الشتات فيها ،ومن المعروف ان هذا المشروع ليس بجديدٍ ابداً فهذا المشروع قام بطرحه quot;ييغال الونquot; عام 1967 والذي بدأ شارون بتنفيذه عام 1971 حينما كان قائداً للقوات المسلحة فقام بهدم العديد من المنازل الغزاوية وتم نقل اصحابها الى مخيم quot;كنداquot; في مصر ،وبعد توقيع اتفاقية السلام مع مصر رفضت اسرائيل عودة الفلسطينيين الى بيوتهم ،وعاد المشروع ليطل عام 2004 عبر quot;غيورا ايلاندquot; مدير مجلس الامن القومي الاسرائيلي في اقتراح خطة للتسوية مع الشعب الفلسطيني تتنازل فيه مصر عن 600 كيلومتر من اراضيها لتوطين اللاجئين الفلسطينيين فيها او ما تبقى منهم بعد ذبحهم على يد جبهة النصرة وغيرها (اذرع اسرائيل الخفية) في سوريا دون عناء عسكري واضح للعيان.
قد يصعب على الانسان الشرقي العربي المشبع ببخور الديانات والتمسك بنظريات عودة الاسلام او التقيد بتعاليم الحياة المحافظة والمنفوخ اعلامياً بفضل الفضائيات المستأجرة ان يصدق ان كل ما يحدث هو مجرد مخطط احتلالي جديد للمنطقة وتحركه المصلحة الاقتصادية والاستراتيجية العالمية لا غير، لكن من كان يصدق اصلاً كل ما يحدث اليوم من انتهاك اعراض بلاد بأكملها وتهجير شعوب من اوطانها.. من كان يصدق؟
اتمنى اني على خطأ وأن كل ما يحدث هو مجرد كابوس طويل سينتهي،لكن هيهات هيهات ...