بدت نهاية 2013 أكثر الفترات العراقية خلال السنوات العشر الماضية تعقيدا، اتخاذ المواقف لم يعد سهلا، وابداء الرأي يواجه الكثير من الأسئلة باستمرار.
العمليات العسكرية ضد تنظيم القاعدة quot;داعشquot; التي جرت في صحراء الانبار الشاسعة وانتقلت لتصبح معارك حول المدن ومنعا للتجوال في مركز المحافظة وانهاء للاعتصام، خلقت هذا التعقيد، تتجاذب ضرورة مواجهة تنظيم القاعدة من جهة والخوف من نوايا السلطة من جهة أخرى وعدم الثقة بأداء مؤسساتها الأمنية من جهة ثالثة والرغبة بسيادة الطوائف على بعضها من جهة رابعة اتجاهات الكثير من العراقيين.
المرجح استمرار وجود تنظيم القاعدة في العراق حتى وان حققت العمليات في صحراء الانبار نتائج طيبة، لأسباب كثيرة منها البيئة الطائفية الراعية وأيضا البيئة المقابلة المستفزة، وضعف الأداء الاستخباري، وغياب المبادرة السياسية الجادة، وحمى الانتخابات التي تمنع الجلوس على طاولة تفاهم، فضلا عن دور الخارج وصراعاته... الا ان المرجح كذلك ان تنظيم القاعدة لم يتوقع هذه العمليات بعد ان اعتاد من الأجهزة الأمنية على أسلوبها المقتصر معه على رد الفعل. فالعملية العسكرية متغير لم يشهده العراق منذ عمليات تلعفر أيام حكومة الجعفري في أيلول 2005.
لهذا لا يمكن تحديد اتجاهات حاسمة لما يجري على الأرض، تتداخل المصالح السياسية بالضرورات الوطنية، والواجبات بالألاعيب الانتخابية، ومعها تولد مشكلة تحديد مسارات الرأي واتخاذ المواقف. وجزء من هذا المأزق ينتمي لعدم تحديد شكل العلاقة بين الدولة او النظام السياسي او العملية السياسية وجمهورها، حالة ملتبسة معقدة، محكومة بالآمال والمخاوف وغياب الثقة، وفي نفس الوقت نبض الطائفية والاهواء السياسية المتحكم بتشاؤم الكثير من المعارضين وتفاؤل الكثير من الموالين.
يتساءل الموالون او المتفائلون: quot;الا يجب ان تحارب القاعدة وان تبادر السلطة بجيشها للقيام بهذه المهمة؟quot;، ويرد المعارضون او المتشائمون: quot;ان الحراك انتخابي صرف، وان المالكي يشن عمليات ارتجاليةquot;.
وكلا الرأيين يبدو صحيحا، ان السلطة يجب ان تبادر، وإنها ليست اهلا للثقة... بالمحصلة النهائية لا يمكن ان نتوقع من القوى الطائفية ان تقضي على القاعدة، وأيضا لا خيار لدى العراق الان سواها كي تحجم على الأقل وجود هذا التنظيم... قد تستفيد في ذلك من اتفاقات وتفاهمات دولية او إقليمية.
هنا يمكن رصد الاسم quot;داعشquot; الذي يرد في ادبيات الخطاب السياسي للعملية العسكرية، لم نسمع اسم تنظيم القاعدة كما اعتدنا، بل اسم quot;الدولة الإسلامية في العراق والشامquot;... خطاب ينتمي لرؤية إقليمية وليس رؤية عراقية محلية.
العملية ضد تنظيم القاعدة في الانبار ليست عراقية صافية، هي جزء من ترتيبات ابعد من العراق تمتد لسوريا ولبنان، وهي تمهد لوضع جديد يمكن ان تشهده المنطقة في الفترة المقبلة، الا ان المالكي استخدم هذه العملية فرصة لتصفية الحسابات والتف على الاعتصام لإنهائه. ما اعطى الفرصة للخلايا النائمة للتنظيم داخل المدن بان تصحو، وهنا منبع القول بصحة الرأيين، غير الواثق والواثق، فالعمليات مهمة، لكن الهامش هو الذي يخلق الأسئلة.
العملية ضد داعش وليس القاعدة، القاعدة ستبقى، المطلوب الان انهاء داعش، التنظيم العراقي السوري المدعوم من دوائر خليجية والذي خرج عن عيون الرقابة الغربية، وإعادة الأمور لسابق عهدها...
المسموح تنظيم تحت العين.
- آخر تحديث :
التعليقات