ومفردها الشفاطة وهي تسمية عراقية دقيقة للمرأة كثيرة الكلام أي بمعنى الثرثارة ومذكرها الشفاط أي بمعنى آخر ( اللغوجي ) وهي تعني بالدارجة العراقية الذي يتكلم كثيرا إلى حد الملل، وتظهر ( الشفاطة ) بشكل جلي في المناسبات المفرحة منها والمحزنة، كحفلات الزواج وأماكن التعزية، وكذا الحال بالنسبة للشفاط حيث يتبارى في ذات الأمكنة مضافا إليها المقاهي أو ( الجايخانات ) حسب الدارجة العراقية، وفي كل الأحوال فالشفط ليس كما هو معروف في إزالة الشحوم من الكروش، بل هو عملية شفط كل ما في الرأس على أجنحة الصوت وبضجيج ممل وتصوير مبالغ به للأحداث بسرد مكرر ومطول إلى حد الملل، وبالتأكيد تتكثف في مفاصل هذا النوع من الشفط أشكال من أحلام اليقظة والأكاذيب وأحيانا كثيرة النميمة وقذف الآخرين بغيابهم.

ولقد بقت الشفاطات والشفاطون أسيروا تلك المناطق المحصورة بين المقاهي وأمكنة الأفراح والأحزان، حتى مَنَ الله علينا بالنظام الديمقراطي الذي أنتج لنا برلماننا العتيد، ففتحت آفاقا جديدة للناس أجمعين وخاصة فرص العمل للبطالين، حيث امتلأت أروقة المجلس بالحمايات والمرافقين ومدراء مكاتب النواب ومسئولي إعلامهم، وبالتأكيد منهم إخواننا الشفاطون والشفاطات، الذين انبروا يمارسون هوايتهم بالشفط واللغف والسهر حتى الصباح من اجل الأهالي ومصالحهم وخاصة في الكهرباء والنفط الأبيض وغيرهم من الكماليات في عراقنا الجديد!

المهم هناك مواسم للشفاطات والشفاطين تبدأ مع ظهور بوادر أي أزمة يتم تصنيعها في أروقة الحكومة الاتحادية مع الإقليم، ولأي سبب كان حتى مع عدم وجود سبب يتم صناعة الأسباب الموجبة لكي تنبري مجموعات ( العد والصف ) بمعنى الشفط المعادي للطرف المراد شفطه، حيث البرامج الحوارية على فضائيات الرقص على أوتار الخلافات والعقد المتراكمة عبر عصور الأنظمة الشمولية، وليس بعيدا ظهرت مجموعة من الشفاطات لمناقشة أزمة مفترضة عما يسمى رفع التأشيرات لمواطني الإمارات وقطر ودول الخليج بمناسبة احتفالات الدولة العربية باعتبار اربيل عاصمة السياحة العربية، وقد أقاموا الدنيا ولم يقعدوها خاصة وان أحداهن كانت قد رددت شعار حزب البعث قبل بدء الحوار إلا أن زعيمها الذي منحها ( كرين كارت ) من الاجتثاث خولها أن تتحدث باسم الأمة العربية تارة والدستور العراقي تارة أخرى، والغريب إن الشفاطات يلتقون رغم المسافات الشاسعة بينهم من الناحية الفكرية والعقائدية، خاصة إذا ما كان الموضوع يتعلق بأولاد الجن من الكورد كما يصفونهم أحيانا في أدبياتهم، فقد انبرت شفاطة أخرى بدرجة دكتورة لكي ( تفتل ) الأمور كما تريد وحسب مزاجها ومزاج عرابها، وتتناغم مع مثيلتها الأخرى تحت شعار ملة الكفر واحدة!؟

وخلاصة القول إن هذا النوع من الشفاطات والشفاطين ظهر بشكل جلي على عامة خلق الله بعد انهيار نظام صدام حسين ذي البعد الواحد، وتحول العراق إلى الأبعاد المتعددة، حيث ظهرت هذه الكائنات الأليفة الكثيرة اللغو والثرثرة، والتي لا تفقه من السياسة والوطنية والديمقراطية إلا ثرثرتها السمجة التي يراد منها التقرب لأولياء النعمة والامتيازات والذي منه، وخاصة في مجلس النواب الذي خصص لهم منبرا يتبارون فيه أو عليه أمام خلق الله، لكي يرسلوا رسائلهم لمدرائهم!؟