حين خرج، كما دخل، من الباب الخلفي للبيت الأبيض، دخل الرئيس السوري أحمد الشرع من الباب العريض معركةً مجهولة المصير ضد "رفاق السلاح والعقيدة".
حدثان يرسمان ملامح المرحلة المقبلة للعلاقة بين سلطة الشرع وسلطات الفصائل. الأول حين اشتبكت قوات الأمن العام في 22 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي مع "كتيبة الغرباء" في أول مواجهة مع المقاتلين الأجانب في بلدة حارم بريف إدلب، وتم تطويق الاشتباكات وفق قواعد الحلول العشائرية!
أما الحدث الثاني فوقع في 13 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، حين قُتل ثلاثة أميركيين في هجوم نُسب إلى تنظيم داعش نفّذه عنصر سابق في قوات الأمن العام السورية.
يواجه الرئيس الشرع تحديات مفصلية. في الجنوب، حيث مطالب انفصال السويداء المبطّنة بمخالب إسرائيلية. وفي الشمال الشرقي، واضح أن العلاقة مع المكوّن الكردي وقوات "قسد" تمضي على حبال الكباش الإقليمي. فيما الساحل السوري لا يزال تحت صدمة المجازر التي ارتُكبت في آذار (مارس) الماضي، والوضع مرشّح لمزيد من الدماء.
واضح أن بريق القائد يخفت، وأن أجنحة الفارس الذي قدم إلى عاصمة الأمويين على بساط "الترتيب الإقليمي والدولي" تغوص في مستنقع الواقع. حين سقطت مرحلة الأسدين العام الماضي، كتبت في هذه الزاوية أن الخوف كل الخوف أن تتقدّم إجراءات "أولوية الأمن" على ركائز "العدالة الانتقالية"، وها نحن أمام تغوّلات فرض الأمن، فيما العدالة الانتقالية المفترض أن تخرج تشريعاتها من البرلمان "المنتخب" أسيرة الوضع الأمني.
في التقدير، معركة الوجود بالنسبة إلى السلطة الجديدة في دمشق تكمن في إعادة بناء جيش سوري ذي عقيدة عسكرية واضحة. وفقاً للمعطيات، تبدو المهمة شبه مستحيلة.
واضح أن الأمور في مسألة إعادة بناء الجيش السوري تمضي بثبات نحو المجهول!
تزامن الاعتداء على العسكريين الأميركيين في تدمر مع تحقيق مطوّل لصحيفة نيويورك تايمز، أفاد بأن قادة هيئة تحرير الشام يحصلون تلقائياً على مناصب رفيعة بغض النظر عن مستواهم التعليمي أو العسكري، وأن أيديولوجية الهيئة، لجهة التعليم الديني في صفوف عناصرها، تُطبّق مع المتطوّعين في قوات وزارة الدفاع. وثمّة مخاوف حقيقية من اندماج تلك الكتلة البشرية الهائلة التي نشأت خارج أي سياق تعليمي أو اجتماعي طبيعي ضمن مؤسسة عسكرية تحقق شعار "سوريا الجديدة".
السوريون بكل اتجاهاتهم الفكرية والعقائدية والسياسية، وكذلك العالم، كانوا ينتظرون تعهداً من الرئيس أحمد الشرع بإطلاق الدولة المدنية الجامعة ليلة الاحتفال بالذكرى السنوية للتحرير، لكنهم توقفوا أمام قوله بعد أن أمّ المصلّين في الجامع الأموي: "أطيعوني ما أطعتُ الله بكم"!
من هي الشريحة التي حرص الشرع على مخاطبتها؟ وماذا عن السوريين الذين ينتظرون دستوراً ينظّم حياتهم ويُثبت ولاءهم؟ ثم ما سرّ التغنّي بإنجاز "دويلة إدلب" حيث لا تزال "المحاكم الشرعية" تنظّم يوميات الشعب السوري هناك؟!
تلك أبعد من مجرد أسئلة، بل أقرب إلى حقائق تستشرف الغد في ضوء انضمام سوريا الجديدة إلى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وتحديداً تنظيم داعش.
في جعبة الأيام الكثير من المفاجآت!




















التعليقات