بعد شهور، أكون قد تجاوزت الثامنة والثمانين، أي في نهاية الطريق وذلك بعد عمر مزدحم بكل ما كان مرا وحلوا، والمرارة كانت الغالبة، وبعد كر وفر وصعود ونزول.. .
عمر طويل، تغيرت فيه الأحوال في كل مكان، وتبدلت الموازين والمعايير والقيم، وساد السواد على كل لون آخر، رمزا للتطرف والعنف والقتل والطغيان والطائفية والعنصرية..... زمن سادت فيه قوى الشر والكراهية، وتراجعت قيم المحبة والتعايش والتسامح،. وصرت منن يندمون على ما كنا نرفضه ونعارضه، ونحن حتى لأيام سجن طويلة لأن المجتمع كان بخير ولأن أمل الانفراج كان ذا أفق...
&في هذه الشيخوخة المنعزلة،& والعيد على البابـ ، أتساءل: أي عيد! ولمن الأعياد! هل لملايين المهاجرين والنازحين& في سورية والعراق وبلدان عربية أخرى؟؟ هل لعائلات مئات الآلاف من القتلى؟؟ هل لملايين اليتامى الذين فقدوا مع الأمهات كل ما كانوا يملكونه وراحوا مشردين يواجهون الأهوال؟؟ أم الأبواق والأفراح للطغاة وسارقي الشعب وممولي الإرهاب؟؟ عيد الشعب السوري والعراقيين أم عيد الأسد وخامنئي وداعش والظواهري وطغمة المالكي ومليشياته ونصر الله وحماس، والحوثيين، ومن لف لفهم من الراقصين على الجثث وقي برك الدماء والرابحين من مآسي الجماهير؟؟
في العيد، لابد من تبادل التهاني كعادة وتقليد وطقوس. وأما حقيقة ما يشعر به أمثالي في دواخلهم، فهو الحزن والغضب والمرارة والقنوط .
ولدي وصديقي ، هذا القط المهجور، الذي تبناني قبل أن أتبناه منذ ثلاث سنوات وأرعاه، يناشدني بحرقة وتوسل: " لا ترحل قبلي وتتركني لقسوة البشر التي عاتيت منها أربع سنوات وأفقدتني عيني اليمنى..خذني معك أينما ذهبت."... أنظر إليه بحب ووله وبحزن عميق، وأتذكر مآسي أيتامنا وأهوال ما يعانون ومدى سفالة ووحشية من طاردوهم وأهلهم ومن سرقوا أموالهم والمال العام.، وأردد مع نفسي ما صرت أردده منذ سنوات طوال من أن الحيوان الأليف – كجنس- هو الأنبل والأرقى، وأن من الحرام والجريمة أن تبقى الحياة للقتلة والسفاحين والطائفيين ومسببي الحرائق والأزمات.
هذا القط الوديع وقف معي خلال سنواتي الثلاث الأخيرة من الشيخوخة ينعش إرادة& الحياة وبسري عني الهموم الخاصة والعامة، فيما تنكر لي من المقربين من كنت أعتقد أنهم الأقرب والأدعى لرد الجميل جميلا ولو بالكلام.
الحياة قاسية، وسوف تزداد قسوة وظلاما. أم أنني أدردش دردشات الشيخوخة الضائعة؟؟!
- آخر تحديث :
التعليقات