ذكرت الأخبار إن الحكومة المصرية ووزارة التربية والتعليم قررت إلغاء مادة التربية الدينية في المدارس المصرية واستبدالها بمادة أخرى عن الأخلاق والسلوك العام، وتأتي هذه الخطوة في سياق إبعاد المجتمع والتلاميذ تحديدا عن الإيديولوجيات الدينية والمذهبية واختلافاتها مما يؤدي إلى تشرذمهم وزرع روح التفرقة بينهم، واذكر إننا بعد سقوط نظام صدام حسين بفترة قصيرة دعونا إلى إلغاء تدريس مادة التربية الدينية في كافة المدارس والمراحل ولكل الأديان واستبدالها بمادة عن المواطنة، وإبعاد الطلبة عن الخلافات العقائدية بين الأديان والمذاهب، والاكتفاء بذكر سماحة الأديان واتفاقها جميعا حول فلسفة الفضيلة والرذيلة، دون الدخول في معمعات القيل والقال والتفسيرات والتأويلات التي ساهمت في صناعة التطرف وأدواته، واذكر أيضا في حينها إن رجال الدين في المدينة أصابتهم صاعقة، حيث وضعني احدهم في إحدى خطب الجمعة في حقل المرتدين المحاربين للدين، وهذا يعني انه وحسب شريعته وضعني في خانة المحكوم بالإعدام!؟

في مجتمعاتنا التي تتميز بتنوع الأعراق والأديان والمذاهب فشلت بشكل ذريع فلسفة إملاء نهج واحد وثقافة واحدة على الجميع، بل أنها أنتجت هذه البحور من الدموع والدماء التي سالت في ظل ثقافة دينية ومذهبية وعرقية مغلقة، أباحت إقصاء وإلغاء وإبادة الآخر كما حصل للكورد في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وللشيعة في مطلع التسعينيات، وكذا الحال مع الآشوريين والكلدان والمسيحيين عموما، وتوجت تلك الثقافة والتربية العقائدية المغلقة الحملة الأخيرة التي تنفذها خلاصة الفاشية العنصرية المسماة بداعش في إبادة الايزيدية واستباحة أموالها ونسائها وأطفالها وقتل رجالها، كما فعلت في نفس الوقت مع الشيعة والمسيحيين أيضا.

لقد حان الوقت بعد إن بادرت كبرى دول العرب والمسلمين جمهورية مصر العربية إلى إلغاء مادة التربية الدينية، إن تعمل الحكومات العربية والإسلامية إلى الاقتداء بها في رفع هذه المادة، التي تحولت في بيئة التناحر&الطائفي إلى منبر للخلافات وزرع العداوات والأحقاد والكراهية، بدلا من أن تكون منبعا للتسامح والتعايش وإشاعة الفضيلة ونبذ الرذيلة، وحري بنا اليوم خاصة في الدول مختلفة الأديان والمذاهب والأعراق الضغط على الحكومات والبرلمانات لرفع تلك المادة الدراسية من كافة المدارس وفي جميع المراحل، واستبدالها بمادة تكرس المواطنة والأخلاق الرفيعة والسلوك الإنساني الراقي والتي تدعو إليه كافة الأديان والأنبياء.

إن غزوة داعش الدينية والقومية المقيتة على العراق وكوردستان وسوريا مع كل مآسيها وما خلفته من جروح بالغة، إلا أنها أيضا فتحت الآفاق لإعادة النظر في كثير من القضايا وفي مقدمتها حقوق المكونات العرقية والدينية وكيفية حمايتها من غزوات قادمة، والعمل على تغيير جذري لمناهج التربية والتعليم والفصل الكلي بين الدين والسياسة بما يحفظ قدسية الأديان ومكانتها المرموقة.

&

[email protected]