منذ الرصاصة الاولى التي اطلقتها عناصر من ممن انشقوا عن نظام بشار الاسد و التي كانت محاولة من الاخير لجر الثورة إلى انزلاقات خطيرة بدأت تتجه الثورة التي قامت من أجل الحرية و الديمقراطية رويدا... رويداً إلى حرب مدمرة باتت تأكل كل شيء سوري جميل حسبما توضح نتائجها على الارض حيث الدمار على جميع المستويات السياسة و الاقتصادية و الاجتماعية و الاخلاقية.

كان في البداية طرفا الصراع النظام السوري البعثي الذي يقوده و يتحكم به ثلة من الديكتاتوريين و المتهورين في الاجرام يقودهم طائش أكثرهم اجراماً و تلك العناصر العسكرية التي انشقت عن النظام السوري و التي سميت فيما بعد بالجيش السوري الحر و الذي كانت تمثله كتائب و أولوية بلغت المئات لا تربطها قيادة واحدة و لا خطاب سيلسي أو قيادة سياسية واحدة مما افقدها يوماً بعد يوم شرعيتها الثورية نتيجة لممارساتها الخاطئة و ارتباطاتها مع جهات خارجية لا أهداف لها سوى مصالحها و التحكم بالشعب السوري و الوطن السوري باستثناء القليل من ذاك الجيش الذي التزم الوطنية و الثورية و في الاطار الضيق و استمر وضع الجيش السوري الحر بالتدهور و التفكك لاسباب كثيرة منها بالدرجة الاولى تدخل قوى خارجية في شأنها و حسب ما تملي عليها مصالحها و ليس المصالح السورية أو الثورة السورية و أهدافها في الحرية و الديمقراطية و فتحت تلك القوى حدودها أمام عناصر أجنبية غريبة للانخراط في الحرب السورية السورية و مدتها بالمال و السلاح على حساب الجيش السوري الحر و الشعب السوري لتحل محله, فتشكلت و برعاية تلك القوى الاقليمية و في مقدمتها الدولة التركية و قطر مجموعات اسلامية سلفية منها جبهة النصرة و تنظيم الدولة الاسلامية في العراق و الشام "داعش" و احرار الشام و الجبهة الاسلامية و كتائب الفاروق و احفاد الرسول حتى باتت و كأنها ثورة اسلامية عسكرية و سرعان ما غاب نجم الجيش السوري الحر عن معظم المناطق السورية و انضم العديد من الكتائب إلى أقوى التنظيمات العسكرية مثل تنظيم الدولة "داعش" و جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة باستتثناء بعض الكتائب و الالوية القليلة و الضعيفة نسبياً و المعتدلة مقارنة بالتنظيمات السلفية مثل ثوار سوريا وحركة حزم و آخرين من الذين اعتبروا انهم الاقرب إلى الديمقراطية في الثورة السورية و أبدوا تعاونا مع القوات الكردية المتمثلة بوحدات حماية الشعب و وحدات حماية المراة مثل بركان الفرات الذي يضم " جبهة الاكراد, لواء التوحيد 12 لواء ثوار الرقة, كتائب شمس الشمال التابعة لالوية فجر الحرية, سريا جرابلس, لواء القصاص و آخرين و هي ما زالت تحارب إلى جانب وحدات حماية الشعب في كوباني في الدفاع عن المدينة.&

لكن الشعب السوري بجميع فئاته الاجتماعية "العرقية" و السياسية و المذهبية يعيش في ظل السؤال الذي يستبد في عقولهم و مشاعرهم إلى أين تمضي الثورة السورية و أين هي سورية التي كنا نرغبها بعد عقود من القمع البعثي الذي قاده بشار و والده قبله بعد ان باتت الثورة اسلامية لا بل سلفية بنسبة تجاوزت الـ 80% خاصة بعض سيطرة جبهة النصرة على معاقل للجيش السوري الحر الذي يوصف بالمعتدل في ادلب و التي كانت تعتبر آخر معاقلها حسب ما أورته تقارير اخبارية...

فبعد الخسارة العسكرية التي منيت بها حركة حزم و جبهة ثوار سوريا اللتان يعتبران آخر ما يمكن تسميتهما بالجيش السوري الحر على يد جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة و التي لا تختلف ايديولوجيا عن تنظيم الدولة الاسلامية في العراق و الشام "داعش" في ريف إدلب بات من المؤكد أن سورية ما بعد بشار باتت اكتر غموضا من ذي قبل و أصبح القلق يخيم على مئات المجتمع السوري و ليس هذا فحسب و تضاءلت الحاضنة الدولية للجيش السوري الحر او لنقل للثورة السورية التي كانت قد احتضنها العالم في بدايتها حتى بات القلق يسيطر على الدول الاكثر تأثيرا كالولايات المتحدة الامريكية حيث كانت تعتمد في سياستها السورية على الحركتين السابقتين في رسم سياسة محاربة النظام السوري, حيث ذكرت تقارير عسكرية أن أمريكا كانت قد سلمت لجبهة ثوار سوريا و حركة حزم في وقت سابق صواريخ مضادة للطائرات و يبدو أنها جبهة النصرة الموالية لتنظيم القاعدة، قد استولت عليها و ما زاد في قلق الولايات المتحدة الامريكية هو الاخبار المؤكدة التي نشرتها مواقع قريبة من المعارضة السورية بان العشرات من مقاتلي جبهة ثوار سورية و حركة حزم وانشقت و استسلمت لجبهة النصرة التي في ريف محافظة إدلب في محاولة للقضاء على آخر ما تبقى من قوى المعارضة السورية المعتدلة والجيش السوري الحر. حيث كانت أمريكا تخطط استخدامهم في مواجهتها مع التنظيمات السلفية و بشكل خاص جبهة النصرة و داعش بعد أن معلومات أفادت أن جبهة النصرة و داعش قد اعادتا قراءتهما في موقفهما تجاه بعضهما و أفادت نفس التقارير أن تقارباً ما طرأ في العلااقة بينهما و اعادت نوعا من التعاطف خاصة بعد ضربات التحالف الدولي على مراكز التنظيمين الارهابيين في سورية.&

و بهذا التحول الهام في صفوف المعارضة السوري عامة و الجيش السوري الحر خاصة تكون مساحة الاخير قد تقلصت إلى درجة تنذر بمصير سوري خطير فهي أقصد المعارضة السورية المعتدلة لم تعد موجودة سوى مدينة حلب و ريفها القليل لأن هناك الكثير من المواقع مازالت تحت سيطرة داعش كمدينة الباب و جرابلس و منبج و اخترين ومناطق أخرى تحت سيطرة جبهة النصرة في شمال غربي حلب القريبة من كمقاطعة عفرين الكردية و التي يسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية مع احتفاظ لعدة مواقع أخرى في الجنوب السوري.&

و في ظل هذه التطورات الدراماتكية يتابع الشعب السوري و العالم و خاصة امريكا و الغرب عن كثب التطورات على الساحة السورية تخرج المعادلة السورية القديمة الجديدة و التي حاربها النظام و الجبش السوري الحر و بدعم من الدولة التركية و قطر الا و هي معادلة الادارة الذاتية الديمقراطية التي اعلنها حزب الاتحاد الديمقراطي الـ PYD في بدايات 2014 بالتنسيق و التعاون مع العديد من المكونات القومية و السياسية في روج آفا " المناطق الكردية" عفرين, كوباني, الجزيرة, فضلا عن المجلس الوطني الكردي الذي انضم مؤخرا إلىها بعد اتفاقية دهوك الاخيرة بينه و بين حركة المجتمع الديمقراطي و وحدات حماية الشعب الـ YPG و وحدات حماية المرأة الـ YPJ التابعة لها و التي اثبتت الوقائع و المعطيات و منذ اندلاع الثورة السورية أنها الاكثر اعتدالاً و الاكثر اتزاناً و عقلانية في التعامل مع الحدث السوري و هي التي حمت و دافعت عن الشعب السوري عامة دون تميز بين الكردي و العربي و السني و العلوي أو المسيحي أو الآيزيدي و حافظت على أماكن العبادة التي تعود إلى الاقليات الدينية و طرحت مشاريع وطنية شاملة و خاصة بحل الوصع السوري و على اسس الحوار السياسي و وقفت في وجه الظلاميين و الارهابيين الذي يريدون إعادة سورية إلى الجاهلية و قانون الغاب عبر فرض لغة القتل و الذبح و الفدية و الارتداد كان كل ذلك من خلال وحدات حماية الشعب الـ YPG العسكرية التابعة لها مما حدا بقوى الارهاب الأسود جمع قواه و عناصره و مهاجمة المناطق التي تسيطر عليها الادارة الذاتية الديمقراطية بغرض إزالة السد الذي يقف بينهم وبين السرقة و الذبح و القتل و في ظل هذه الحقيقة التي بدت واضحة أمام العالم هل يعيد الديمقراطيين السوريين و المعارضة الوطنية السورية و من خلفها ما تسمى بكتلة أصدقاء سوريا سياساتها السورية و تضع بوصلتها في الاتجاه الصحيح في الازمة السورية حيث لم يعد من القوى الوطنية و الديمقراطية و المعتدلة سوى الادارة الذاتية الديمقراطية و وحدات حماية الشعب الـ YPG و وحدات حماية المرأة الـ YPJ التي تضم مجموعة المكونات العرقية في المناطق الكردية و بركان الفرات التابع للجيش السوري الحر حيث الوحيد الذي بقي صامدا و متعاوناً مع الادارة الذاتية الديمقراطية في كوباني و ما زال يحارب إلى جانب اخوانهم من الـ YPG و يحموا معا قيم الحرية و الديمقراطية و الكرامة الانسانية و التي قامت من أجلها الثورة السورية و قد أدى هذا التعاون و التلاقي الوطني الديمقراطي إلى هزيمة السلفيين و الارهابيين المتمثل بتنظيم داعش الارهابي السلفي و جبهة النصرة القادمة إلى الالتحام مع داعش حسبما تشير التقارير الصحفية أمام الاحرار و الديمقراطيين من الثورة السورية المتمثل فيما ذكرناه من المقاومين في كوباني.

&