إميل شكرالله

اتساقا مع العقيدة الإسلامية الراسخة بأن السيد المسيح هو كلمة الله (رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ). ولد في مكان ما وزمن ما على كوكب الأرض (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ)، وعاش وجيهاً في الدنيا والآخرة يدعو للمحبة والسلام والفرح والسرور بين جميع الشعوب والقبائل...كما أنها تعبيراً عن قيم التسامح الديني ومعاني المحبة الإنسانية وتجسيداً لروح الأخوة بين أبناء الوطن الواحد...

فشجرة الكريسماس ترمز لميلاد السيد المسيح كما ذكر الميلاد في كل الكتب السماوية فكيف لا يحتفل أحدهم بميلاد كلمة الله وهو يؤمن بأن كلمة الله هي كلمة حية أزلية أبدية بها تحيا كل البشرية !!! وبها خلقت كل البرية...

كيف يأتي بعد ذلك أحدهم ويقول لا تحتفلوا بالكريسماس؟؟؟ ألا تعلم أيها العزيز الغالي أن الاحتفال بالكريسماس هو الاحتفال بمولد كلمة الله ؟ ألا تعلم أيها الأخ العزيز أن الاحتفال بميلاد كلمة الله يعني الاحتفال بقدوم الفرح والمحبة والسلام... أم أنك لا تريد فرحا ولا محبة ولا سلام؟ أظن أن كل هؤلاء الذين لا يحتفلون بميلاد كلمة الله يحرمون أنفسهم ربما عن جهل أو عناد من التمتع بطاقات الفرح العظيم والسلام المصاحبة لكلمة الله.

فهكذا اخبر الملاك الجموع عن ميلاد كلمة الله كما جاء في الإنجيل المقدس " فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب"

في الحقيقة أنه يجب على المسلمين التمسك بحقهم الشرعي في الاحتفال بميلاد كلمة الله ووضع شجرة الكريسماس في كل مكان لتزين الحدائق والمحال والمباني الحكومية والمدارس والجامعات وحتى في مشيخة الأزهر الشريف كقدوة طيبة للجميع وفي كل مكان مثلهم في ذلك مثل كل دول العالم المسيحية وغير المسيحية. وبهذا ترسخ قيم المحبة والإخاء والانتماء بين جموع الشعب لتوحدهم ولا تفرقهم.

وهل يمكن أن ننسى كيف أننا هنا في مصر الطيبة نفرح بقدوم شهر رمضان المبارك حيث تتزين المباني والمحال والشوارع وكل مكان بفوانيس رمضان احتفالاً بالشهر الفضيل، وكما تقيم الكنائس موائد الإفطار لترسيخ قيم المحبة والإخاء، وكما توزع حلوى المولد النبوي الشريف على الجميع ببهجة وسرور ويقوم بذلك المسيحيين قبل المسلمين.. نعم إنها الروح المصرية الفرعونية القبطية الإسلامية الأصيلة التي تهيم في ربوع وطننا الحبيب مصر.

لذا علينا أن ننبذ الفكر المتعصب البغيض الدخيل الذي يحرم الاحتفال بميلاد كلمة الله وهذه مهمة المواطن قبل أن تكون مهمة الدولة وهي مسئولية مشيخة الأزهر التي يحبها ويحترمها الجميع المسيحي قبل المسلم ...قبل أن تكون مهمة الحكومة.

وهنا دعوني أخبركم كيف يفهم المسيحيون إحدى معاني كلمة الله. فكلمة الله هي طاقات من المحبة والسلام والفرح لكل من يعيش بها وتعيش فيه. وبهذا تتحقق إرادة الله في الكون. انظروا ماذا قال السيد المسيح عندما جاءوا إليه ليخبروه أن اخوته وأمه خارجا يريدونه .. لقد أجابهم بسؤال. من هو أخي ومن هي أمي؟؟؟ ولأنه يعرف أنهم لم يفهموا المعنى من سؤاله أجاب بنفسه قائلا هذا هو أخي وهذه هي أمي وأشار بإصبعه إلا أناس غرباء فزادت حيرة السائلين من إجابته.. بيد أنه أكمل قائلا "إن كل من يصنع إرادة الله هو أخي وأختي وأمي"... بهذه الكلمات النورانية وضح السيد المسيح اعظم قانون في الطبيعة وهو وحدة هذا الكون. وحدة لا تقبل الانفصال أو التقسيم أو التجزيء فكل البشر أخوة بصرف النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو العقيدة... وكل البشر مع كل عناصر الكون الروحية والمادية أيضا في ارتباط ووحدة لا تتجزأ يتأثر كل منهما بالآخر فما يؤثر على الإنسان تتأثر به الطبيعة وما تتأثر به الطبيعة يؤثر على الإنسان.

على هذا الأساس فكل من يصنع إرادة الله في الكون هو أخي وأختي وأمي .... حتى ولو كانوا من الملحدين أو البوذيين أو الهندوس أو أي دين ارتضاه الإنسان لنفسه مادام في النهاية يحقق إرادة الله في الكون والمتمثلة في المحبة والإخاء والسلام بين جميع المخلوقات وليس فقط بين البشر.

في يوم ميلاد المسيح ازرعوا المحبة والسلام والفرح مترنمين مع الملائكة " المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" وكل عام ومصر وشعبها العظيم في محبة وسلام.
&