يقول اكبر هاشمي رفسنجاني رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران في حديث بثته وكالة الانباء الرسمية الإيرانية laquo;إيرناraquo; وفي اشارة واضحة إلى احمدي نجاد الرئيس السابق للنظام الذي كان يعتبر العقوبات ضد النظام أوراقا ممزقة، يقول: laquo;خلافا للشعارات التي كانت تعتبر العقوبات أوراقا ممزقة، نحن كنا على مفترق طرق: إما نستسلم عاجلا أو نقبل الحرب. في حين لم تكن الحرب المتوقعة حربا من نوع الحرب ضد العراق، وحيث اننا كنا قد جربنا الحرب، فنحن لا نريد ان ندخلها مجدداraquo;.
كيف وصلت الديكتاتورية الارهابية الدينية الحاكمة في إيران إلى هذه النقطة: هذا النظام الذي اغتصب الحكم من الشعب الإيراني، يشن حربه ضد هذا الشعب عن طريق الكبت والاضطهاد في الداخل وتصدير التطرف والارهاب في الخارج، نظام بني على نظرية laquo;النصر بالرعبraquo; وإن امتلاك القنبلة النووية هو المسند الرئيس لاستمرار هذه الاستراتيجية. إن شعار rdquo;الطاقة النووية للأغراض السلميةraquo; ليس الا اكذوبة كبيرة. والهدف من كشف البرامج النووية للنظام الإيراني من قبل منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة والتي أوصلت هذا النظام إلى نقطة الانصياع للتفاوض مع الغرب، كان المنع من حصول الملالي على القنبلة الذرية والتي هي العامل الرئيس لبقائه.
ويشرح موقع laquo;رصدraquo; الحكومي في إيران دور مجاهدي خلق في كشف البرامج النووية لهذا النظام في الاعوام الماضية واجباره على الجلوس على طاولة المفاوضات بهذا الشكل: laquo;الأزمة التي جانب منها الولايات المتحدة والائتلاف الغربي والجانب الآخر هو اسرائيل، كانت من الممكن ان تعمل دور المادة الحافزة (catalyst) في اقتناع الولايات المتحدة على خيار الحرب ضد النظام.. أي أن جميع محاولات مجاهدي خلق التي كانت تبدو في ظاهرها سياسية، كانت هي بمثابة التقرب للوصول الى افضل امكانية خارجية على طريق اسقاط نظامنا وهدفها اقتناع العنصر الخارجي بالهجوم العسكري ضدناraquo;.
ولهذا السبب يعتبر النظام الإيراني وفي تحاليله الداخلية بأن عمليات كشف البرامج النووي الإيراني من قبل مجاهدي خلق أوقعت ضربة استراتيجية ناجحة عليه، حيث يواجه نظام ولاية الفقيه عدة ازمات مستعصية، وأوصل النظام إلى نقطة التسليم أو الحرب حيث ان ايا من هذين الخيارين سيؤدي إلى اسقاطه وإن هذا المأزق اجبر النظام ان يقوم باتفاق مع الغرب.
إن إيران الملالي تسعى الى هدفين في مفاوضاتها مع الغرب: الأول الغاء العقوبات المالية والنفطية أو تخفيفها والثاني ازالة تهديد الهجوم العسكري ضد النظام أو تأجيله على الاقل.. ونعرف على الرغم من أن الخميني قبل وقف إطلاق النار مع العراق بعد ثماني سنوات من الحرب، الا انه لم يقبل أبدا بالسلام معه. والسؤال هو هل يرضخ نظام الملالي حقيقة والتسليم بالفعل بعدم الحصول على القنبلة النووية بعد 30 عاما من المحاولات المستمرة حيث استثمر باكبر ما يمكن للحصول عليها؟ أو على العكس أنه يأمل ان يخدع مرة أخرى المساومين الغربيين؟
الخطة التي وافق عليها خامنئي الولي الفقيه للنظام الإيراني أن يقوم فريق رئيس النظام حسن روحاني بتنفيذه هو أن الفريق يقوم بالتفاوض حول الحالات التي تم اكتشافها سابقا من قبل قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي وبالمقابل يتم الغاء العقوبات وبشكل خاص مقاطعة المصرف المركزي للنظام والعقوبات النفطية أو تخفيفها على الأقل.
غير أن ما حدث على ارض الواقع أن مفاوضي النظام الإيراني في مفاوضات جنيف فشلوا في الحصول على تنازلات في العقوبات الرئيسية. ولكنهم كانوا يظنون أنه وبعد توقيع الاتفاقية تبدأ العقوبات تخفف بشكل طوعي وستنزل موجة من التجار الاوروبيين إلى إيران لتوقع صفقات معها ليجد النظام متنفسا من هذا الأمر. ولكن الولايات المتحدة منعت في ايجاد هذا المتنفس وذلك بفرض العقوبات على الذين يتنهكون العقوبات وعليه بقت هيكلية العقوبات على حالها.
إن استمرار العقوبات الدولية من جانب وعدم الغاء قرار الأموال المجمدة لإيران، اديا إلى اشتداد الصراع داخل اجنحة النظام.
ويكتب موقع laquo;رجا نيوزraquo; الحكومي في الخامس من أبريل الحالي قائلا: laquo;في حين مضى تقريبا نصف عمر اتفاقية جنيف، لم يتحقق بعد التنازلات الرئيسية التي كانت من المقرر ان تقدمها بلدان الـ 5+1 علينا، وحسب ما تقول وكالات الأنباء فان وزارة الخزانة الاميركية قامت بعد ثلاثة أشهر من اتفاقية جنيف باصدار الموافقة على تصدير قطع غيار طائرات البوينغ وجنرال الكتريك إلى إيران، غير أن التحقيقات تؤكد أن هذه الوزارة وافقت فقط على تصليح وتبديل القطع المستهلكة لهاتين الشركتين فقط وليس بامكانهما بيع قطع غيار لناraquo;. ويضيف هذا الموقع الحكومي: laquo;ونفس الحالة في رفع الحظر عن اموال إيران المجمدة وفي حين أن الاميركيين يبدون بأنهم راضون عن الاجراءات التي اتخذناها في اطار ما كان يلزم علينا اتفاقية جنيف، غير أنهم يتنصلون من اعطاء التنازلات الرئيسية علينا تنفيذا للاتفاقية نفسهاraquo;.
النتيجة: انه اذا كانت دول 5+1 والوكالة الدولية للطاقة الذرية جدية في تنفيذ اتفاقية جنيف والبناء عليها، عليها ان تطالب النظام الإيراني ان يوافق بزيارة فرق المفتشين الدولية للمراكز العسكرية التي تم الكشف عنها سابقا في إيران، واجراء المقابلات مع المتخصصين من قبل الوكالة وأن يوقع النظام الإيراني على البروتوكول الاضافي. وفي هذه الحالة فقط يضطر النظام الإيراني ان يبت في أمره من الخيارين اللذين امامه: فإما ان يرضخ لتجرع كأس السم النووي أو ان يقف ليواجه المجتمع الدولي.
* خبير ستراتيجي إيراني